بيروت ـ عمر حبنجر
خيمت مفاعيل التراشق الكلامي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، على الساحة السياسية في لبنان أمس، وأمضى الرئيس فؤاد السنيورة مناسبة تكريمية له في صيدا أمس، ليرد على الحملة التي استهدفه بها الرئيس بري بسبب رفضه صرف اعتمادات مالية لمجلس الجنوب المسيطر عليه، بداعي عدم الثقة بالمشاريع التي يطرحها هذا المجلس، ان من حيث الجدوى أو الصلاحية.
ولاحظ مراقبون في خطاب السنيورة نفسا انتخابيا، اذ من الرائج تماما انه بصدد الترشح للنيابة عن مدينة صيدا، الامر الذي لم يرق للرئيس بري، الحريص على نيابة حليفه أسامة سعد عن المقعد الثاني للمدينة الى جانب الوزيرة بهية الحريري.
وأعلن السنيورة في الاحتفال التربوي الذي أقيم له بحضور الوزيرة بهية الحريري ترفعه عن الاسفاف والمهاترات قائلا: اذا كان الفساد الاداري كبيرا فإن الفساد السياسي أكبر، مؤكدا عدم الرضوخ للترهيب والتهويل والاستفزاز.
وقال: ان 3 حروب شنت على الدولة اللبنانية: حرب الاغتيالات والتفجيرات وحرب يوليو في 2006 وحرب الارهاب في مخيم النهر البارد، ثم كان الصدام السياسي الكبير الذي دخل مرحلة جديدة.
وأضاف: ان اهم ما أنجزناه خلال هذه الفترة، الاصرار على القدرة على تدبر الشأن الوطني، الداخلي والخارجي، بالحرية والاستقلال، والاصرار على رفض بقاء مدننا صيدا وبيروت وطرابلس وصور وجونية وزحلة وبعلبك وسائر أنحاء الوطن ساحة للصراعات الخارجية أو للتجاذب الداخلي.
وهناك دليل آخر على جديتنا في طلب العدالة هو قيام المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة الذين اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر السياسيين والاعلاميين والمثقفين الذين نالتهم يد الغدر للسبب ذاته، الذي كان وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أعني الحرية والسيادة والاستقلال، وحتى لا يبقى بلدنا مكانا ترتكب فيه الجرائم والاغتيالات ويبقى المجرمون في منأى عن العقاب.
المحكمة الدولية
واذ أشار السنيورة الى ان المحكمة الدولية ستبدأ في الاول من مارس كي لا يبقى لبنان مكانا لارتكاب الجرائم.
ورأى ان مسؤولية حماية مصالح الدولة أمانة يجب ألا نفرط بها، وان ثوابتنا هي الالتزام بالعيش المشترك والسلم الاهلي واتفاق الطائف.
وعن الصدام السياسي قال انه دخل مرحلة جديدة «ولن نتعب بالرغم من العراقيل، واذا قبلنا بتحول مشروع الدولة الى مزرعة أو ميليشيا فهذا يعني اننا قبلنا بإضاعة دماء الشهداء هدرا، وان سنوات الآلام فيما بعد الخروج أسوأ وأكثر ايلاما قبله».
كل شيء بالحوار
واعتبر الرئيس السنيورة ان كل شيء يمكن حله بالحوار، ضمن ثوابت الدستور واتفاق الطائف.
وقال ان الصدام السياسي الكبير الذي امتد لـ 18 شهرا، حتى اتفاق الدوحة، لم ينته هناك، بل دخل مرحلة جديدة ينبغي ان نتأملها من منطق الثوابت، ثوابت العيش المشترك والسلم الاهلي واتفاق الطائف.
والصراع لايزال على سيادة لبنان واستقلاله وعلى تماسكه المسيحي والاسلامي وعلى صيغته الفريدة في العيش المشترك وعلى ممارسة السياسة بالسلم ومن خلال المؤسسات، بعيدا عن استعمال العنف ولغة السلاح، وعلى قيام الدولة القوية القادرة والتي تنفرد بقرار الحرب والسلم.
واضاف: ان بقاء الأمور على ما هي لمدة طويلة لا يجعل منها أمورا مشروعة او مقبولة لذلك لابد من الاستمرار في العمل لكي تعود للمؤسسات الدستورية عافيتها وتوازنها.
وتابع يقول: المفروض ان المؤسسات السياسية هي التي تراقب وتصحح المؤسسات الأخرى، وكل شيء ممكن معالجته ومناقشته بالحوار، واذا لم ننجح اليوم ننجح غدا، والعنف لا يحل مشكلة بل يزيدها تعقيدا ويوصل الى الانقسامات.
وفي توجه الى الحملات والضغوط التي يتعرض لها على خلفية موازنة مجلس الجنوب، قال السنيورة بنبرة قوية ان الحلول لا تتحقق لا بالسلاح ولا بالاستقواء ولا بالابتزاز ولا بالتهويل ولا بالاسفاف، لم نرضخ يوما للتهويل والابتزاز، ولن نرضخ له الآن، وفي المستقبل ولن نتراجع عن اهدافنا وسنظل نترفع عن الاسفاف والسفه والمهاترات.
علاقات الإخوة مع سورية
على الصعيد العربي دعا السنيورة الى المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية مقدمة للمصالحة العربية – العربية وتطرق الى قمة الدوحة في الشهر المقبل والمنتظر ان تصدر عنها مقررات.
واشار الى حاجة العرب الى مراجعة شاملة لكل ماشهدت المنطقة العربية من حروب وكوارث، واعلن الا تحفظ على العلاقات الاخوية مع سورية، ونأمل قيام علاقات قوية بين دولتين شقيقتين جارتين مستقلتين، لنناقش معا وبندية تامة المسائل العالقة من ترسيم الحدود الى السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الى مسألة المفقودين وسواها.
سجالات ما قبل الخطاب
وكانت تصريحات الرئيس نبيه بري ضد الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال محمد شطح استدعت ردودا متبادلة، اتضح في ضوئها ان ما تبدى من حلول لازمة موازنة مجلس الجنوب ذهبت ادراج الرياح.
وجاء هذا التأزيم في العلاقات بين بري والسنيورة غداة توجه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى صيدا، عاصمة الجنوب حيث اقيم له اللقاء التكريمي من الشبكة المدرسية في المدينة، التي هو ابنها البار وذلك في الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس الحريري.
وذكرت مصادر حكومية ان البيانات الصادرة عن رؤساء بلديات جنوبية، والتي انتقدت زيارة الرئيس السنيورة لصيدا جاءت بتوجيهات من الرئيس بري شخصيا، باعتبار ان البلديات صاحبة البيانات تعود الى حركة أمل وهذا ما يدعو للاستغراب.
وزار وفد من الأمانة العامة لـ 14 آذار رئيس الحكومة معلنا التضامن معه، وأعلن د.فارس سعيد ان خلف رئيس الحكومة قوى سياسية وشعبية ونيابية، وقد تمت الزيارة بالتنسيق مع رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط الذي يتميز عن 14 آذار بدعمه موقف الرئيس بري في موضوع مجلس الجنوب، ونقل عن جنبلاط قوله: ليس مسموحا اللجوء الى أسلوب الإهانة الشخصية.
الحص يدعو إلى التهدئة
رئيس الحكومة الأسبق د.سليم الحص أسف لبلوغ السجال الإعلامي بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة حدود الاسفاف، واخذ ينعكس سلبا على الاجواء العامة في البلد، خاصة في مرحلة يسودها شيء من الانقسامات الفئوية السخيفة والبغيضة.
الحص دعا رئيس المجلس والحكومة «لوقف حملاتهما الجوفاء فورا»، مطالبا بأن تقوم الحكومة المسماة حكومة الوحدة الوطنية بالحد الأدنى من الدور المنوط بها، معتبرا انه اذا لم تستطع حكومة الائتلاف الوطني المفترضة ان تحسم المواضيع المختلف عليها فستكون قد أعلنت فشلها، لا، بل إفلاسها.
نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالأمير قبلان دعا من جهته السياسيين الى التزام الهدوء والابتعاد عن كل خطاب مثير يبعد الناس عن بعضها البعض، متسائلا: ما بال السياسيين يتحركون وكأن الحكمة عندهم غائبة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )