يكتسب النفط ومشتقاته أهمية استراتيجية نظرا للمكانة التي يحتلها في الاقتصاد الوطني، وبدأ الطلب عليه في سورية يتزايد منذ عام 2005 نتيجة التطور المفاجئ في استهلاك المحروقات وتحديدا مادة المازوت تليها مادة البنزين إضافة إلى نمو الطلب على الكهرباء بمعدلات مرتفعة اذ تتطلب تلبية هذا النمو استهلاك كميات متنامية من الفيول لعدم مواكبة إنتاج الغاز الطبيعي لما تتطلبه المحطات الكهرحرارية من هذا الغاز.
وأوضحت دراسة حول مستقبل الطاقة في سورية أعدها د. زياد عربش الباحث في مركز الشرق للدراسات الاستراتيجية بدمشق أن الإنتاج الحالي من النفط بلغ عام 2007 نحو 379 ألف برميل يوميا وهو يمثل مجموع إنتاج الشركة السورية للنفط الذي يقدر بنحو 193 ألف برميل يوميا والشركات العاملة في سورية هي الفرات ودير الزور وحيان وكوكب ودبلن والذي يقدر إنتاجها بنحو 186 ألف برميل يوميا وقد سجل إنتاج الشركة السورية للنفط مؤخرا ارتفاعا ملحوظا في الإنتاج منذ أكثر من 3 عقود بلغ 160 ألف برميل يوميا.
ويتوقع الباحث عربش أنه في حال فتح مناطق أخرى للتطوير النفطي أو فتح مناطق جديدة تماما للاستكشاف كما يجري منذ بداية عام 2004، حدوث تطور جوهري في مستوى إنتاج النفط الا أن وجود إمكانية ملموسة لتطوير حقول عديدة كحقل السويدية والذي يمكن زيادة إنتاجه يبقى خيارا استراتيجيا على المدى المتوسط لكن على المدى البعيد لابد من تعزيز دور الشركة السورية للنفط في مجال الاستكشاف.
وقالت وكالة الأنباء السورية في تقرير لها إن استهلاك المشتقات النفطية نما نموا مستمرا اذ ارتفع مستوى الاستهلاك من 153 ألف برميل خام يوميا عام 1990، إلى أكثر من 349 ألف برميل خام يوميا مع نهاية عام 2007 وسورية دخلت مرحلة الاستخدام الرشيد للطاقة لتحقيق الوفر في الطاقة حيث ان الكميات المستهلكة من المشتقات النفطية تزداد بفعل زيادة الأسطول البري للمركبات وزيادة المسافات المقطوعة وتنامي حاجات التدفئة المنزلية في السنوات الأخيرة والهدر في المعامل الصناعية التي لاتزال تستخدم تجهيزات وآلات متقدمة فنيا.
وتؤكد الدراسة أن نمو الطلب على المشتقات النفطية سيبقى مرتفعا حتى عام 2015 وان اختلفت نسب نمو المشتقات فيما بينها وهنا نميز بين مرحلتين الأولى فترة النمو المستمر 2007-2010 والثانية فترة الاستقرار 2011-2015 حيث يفترض للمرحلة الأولى ارتفاع معدلات النمو 5% نتيجة زيادة الأسطول البري واستمرار نمو الطلب على المازوت على أن تستقر معدلات النمو في نهاية الفترة الثانية لتصبح 4% بسبب توقع استمرار التحرير التدريجي لاسعار الطاقة والوصول إلى الإشباع النسبي في استهلاك مشتقات الطاقة والكهرباء لاسيما أن الغاز سيلعب دورا متناميا في توليد الطاقة.
ويوضح الباحث عربش أن الاحتياطي الجيولوجي من النفط المؤكد في سورية يبلغ 24.3 مليار برميل والغالبية العظمى منه موجودة في شمال شرق سورية ويتوزع احتياطي الشركة السورية للنفط الذي يعتبر من النفط الثقيل على حقول عديدة كما يقدر الاحتياطي النفطي القابل للإنتاج بحدود 6.9 مليارات برميل أنتج منه 4.5 مليارات برميل مع الإشارة إلى أن 40% من التراكيب الكامنة للنفط كانت قد حفرت فقط.
ويؤكد عربش أن الاحتياطي القابل للإنتاج لا يمكن استغلاله لدرء تدهور الإنتاج دون توفر الحد الأدنى من العائدية اذ أن حفر الآبار الأفقية وتعزيز الإنتاج المدعم في المكامن المؤكدة ورفع مردود الاستخلاص وتطوير الاكتشافات في التراكيب الهامشية لتصبح إنتاجية تتطلب استثمارات كبيرة ولا يرتبط بالتكنولوجيا المطبقة وتطوير سعر الخام.
ومنذ بداية الأزمة المالية العالمية وأسعار النفط تتهاوى من ذروتها التي وصلت إلى 149 دولارا للبرميل في الأسبوع الثاني من شهر يوليو الماضي لتهبط إلى ما دون 50 دولارا للبرميل حاليا ما دعا صندوق النقد الدولي ووكالة الطاقة الدولية ومنظمات ومراكز أبحاث عديدة إلى توجيه تحذيرات وقوع العالم في ركود اقتصادي للعامين الحالي والمقبل تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية مع حصول مزيد من الانخفاض في أسعار النفط مع تعمق هذه الأزمة وتحقيق معدلات نمو اقتصادي أسوأ مما كان متوقعا لوقت قريب اذ حدثت الانخفاضات في أسعار النفط رغم تخفيض منظمة أوپيك لمستوى إنتاجها للمرة الثانية خلال أقل من شهرين.
يذكر أن قطاع الطاقة يعتبر العامل الأهم في تحقيق أي معدل للنمو بسبب مساهمته المباشرة وغير المباشرة في تكوين الناتج الإجمالي المحلي اذ يشكل لوحده نحو 18% من هذا الناتج ويساهم في تلبية حاجات سورية من مصادر الطاقة.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )