بيروت ـ عمر حبنجر
خيمت انطلاقة المحكمة الدولية في لاهاي على الجو السياسي في لبنان امس، بحيث نحت جانبا ما عداها من الانشطة السياسية، بما في ذلك الملح منها، كالاجتماع الخامس لهيئة الحوار الوطني في بعبدا اليوم، ومشروع الموازنة العامة المؤجل بحكم الخلاف المستحكم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، الذي غادر امس الى شرم الشيخ لتمثيل لبنان في مؤتمر «اعمار غزة» اضافة الى مذكرة التفاهم مع المحكمة الدولية المرجاة الى الخميس المقبل.
وغابت الحركة الانتخابية امس ايضا باستثناء الاعلان عن بدء تقديم الترشيحات خلال مهلة تنتهي في السابع من ابريل.
على صعيد انطلاقة المحكمة تابع اللبنانيون انطلاق المحكمة عبر الفضائيات في حين نظم تيار المستقبل وقوى 14 آذار سلسلة انشطة بالمناسبة، تراوحت بين وضع الاكاليل على اضرحة الشهداء، اضافة الى تجمع شعبي حول ضريح الرئيس رفيق الحريري، فضلا عن احتفالات مناطقية ترحيبية بانطلاق المحكمة.
وعلمت «الأنباء» ان تلفزيون المستقبل قرر استحداث قناة فضائية خاصة لمتابعة اعمال المحكمة والمحاكمات بصورة حية ومباشرة.
وردا على سؤال قال مصدر قضائي، ان احدا لا يستطيع التكهن بمن ستطولهم الاتهامات الجنائية لكنه اعتبر ان من يثبت تورطه في توزيع شريط الانتحاري المزعوم ابوعدس سيكون موضع اتهام بالتأكيد.
الاهتمام الدولي بلبنان
وقالت مصادر قانونية ان هذا الحدث يظهر الاهتمام الدولي بلبنان، وبالتالي ان لبنان مازال دون تحقيق الاستقلال الكامل والدولة القادرة، وهذا يعني استمرار لبنان تحت العناية الدولية، وهذا امر جيد في الوقت الحاضر، وهو مستمر منذ عهد المتصرفية، حيث كان هناك كيان يبحث عن دولة، والكيان موجود الآن، لكن انشاء الدولة الكفيلة بتأمين الاستقرار لم يكتمل بعد، بل لايزال تحت الدرس.
الحريري: لا للابتزاز
بدوره رأى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في كلمة بمناسبة الافتتاح الرسمي للمحكمة امس، ان اليوم هو ثمرة جهود كل اللبنانيين الذين تضامنوا على قيام المحكمة الدولية، ورفضوا الخضوع لكل اشكال التهديد والترهيب، وثابروا على المطالبة بالحقيقة، متمنيا ان تكون هذه المناسبة منطلقا حقيقيا لعدالة راسخة، لا تقتص من المجرمين والقتلة فحسب، وانما تؤسس لحماية لبنان وقياداته ومفكريه وشعبه ونظامه الديموقراطي من الجريمة المنظمة وادواتها، فالمحكمة ليست طريقنا الى الثأر او الانتقام.
واكد انها لن تكون مجالا للابتزاز السياسي او للمساومة على كرامة لبنان وحريته وسيادته، مشيرا الى ان «العدالة هي السبيل الوحيد لحماية ديموقراطية لبنان وسيادته واستقلاله وحرية ابنائه من ايدي الغدر والارهاب، هي بالتالي عدالة لن تقبل اي مقايضة او تعطيل».
وناشد الحريري كل من يعنيهم الامر وخصوصا اللبنانيين، الارتقاء بهذا الحدث الى مستوى الدفاع عن لبنان، والابتعاد عن محاولات اغراقه في السجالات السياسية الضيقة وتطويعه لخدمة غايات واهداف ليست في مصلحة بلدنا ووحدة ابنائه، مجددا التزامه قبول اي احكام او نتائج تصدر عن المحكمة.
وردا على سؤال اذاعي حول قول النائب سعد الحريري انه يثق بعدالة المحكمة حتى لو برأت سورية، بينما تقول السيدة نازك الحريري لا نريد الثأر، بل نريد العدالة، قال القاضي عباس الحلبي ان كل محكمة تسعى الى الحقيقة والعدالة، وهذا موقف سليم.
من جانبه، رأى الوزير السابق كريم بقرادوني في حديث تلفزيوني لقناة «أو تي في»، ان التأخير في صياغة القرار الاتهامي النهائي يعكس صعوبة التحقيقات الجارية، معتبرا انها اجراء ضروري لدفن الاحقاد وليست لتحريك النعرات.
واذا توقع اخلاء سبيل قريب للضباط الاربعة وفق شروط، انتقد «الخلط الحاصل بين الملفات القضائية والانتخابية، داعيا الجميع للابتعاد عن المسار القضائي الذي دخل ضمن صلاحيات المحكمة الدولية منذ اليوم.
ودعا بقرادوني الى اعادة نظر بكل العوامل المحيطة بعملية اغتيال رئيس الحكومة الاسبق، موضحا ان الاغتيالات المتكررة على الساحة والتي طالت اغلبية الساسة، وتحديدا من الصف المسيحي عملت من اجل تعزيز النعرة الانقسامية عند المسيحية.
وقال وزير العدل السابق شارل رزق ان جريدة «اللومند» الفرنسية قالت ان حزب الله صور المحكمة في لاهاي ولم يلب طلبات التحقيق.
واضافت الصحيفة متسائلة، بحسب رزق: هل سنستطيع ان نفصل المحكمة الدولية عن المؤثرات والاعتبارات السياسية الدولية؟ وقال رزق: انا أشاطر اللومند هذا التساؤل: فصحيح ان المؤثرات السياسية الداخلية ابتعدت عن المحكمة لكن المؤثرات السياسية والديبلوماسية الاقليمية والدولية، ما زالت واردة، داعيا الى تسليم الامور اللبنانية المتعلقة بالمحكمة لمن هم أهل لها.
رياشي عضواً
وكشف ان القاضي اللبناني رالف رياشي سيكون عضوا في محكمة الاستئناف الدولية.
اما مساعد الامين العام فسيكون قاضيا لبنانيا من «القضاء الواقف»، أي من النيابة العامة.
وقال رزق انه كان يفضل ان تكون المحكمة التي تنظر بهذا الملف الكبير لبنانية خالصة، لكن بين أنه لا تكون هناك محكمة لبنانية وتكون محكمة دولية، وافقت كوزير للعدل على ان المحكمة الدولية التي قد تستغرق ثلاث سنوات من الآن.