واشنطن ـ أحمد عبدالله
كان تشاز فريمان سفيرا لواشنطن في المملكة العربية السعودية ابان الاحتلال العراقي الغاشم للكويت ومن ثم حرب 1991.
وخلال وجوده في الرياض اختلط بالسعوديين وكثيرين من العرب وأنصت اليهم وخرج باستنتاج مما سمعه فكر فيه طويلا بعد ذلك وهو ان انحياز الولايات المتحدة الكامل لاسرائيل يكلفها الكثير في علاقاتها بالعرب وان القادة العرب محقون حين يقولون ان الاستقرار سيظل غائبا عن المنطقة طالما بقيت حقوق الفلسطينيين ضائعة تماما وطالما ظلت الأراضي التي احتلتها اسرائيل منذ عام 1967 تحت الاحتلال.
وعاد فريمان الى واشنطن وواصل عمله في الحكومة الاميركية الى ان تقاعد في نحو منتصف التسعينيات ثم عين رئيسا لمعهد سياسة الشرق الأوسط في واشنطن الى ان انتخب باراك اوباما رئيسا في نوفمبر الماضي.
وحين بدأ الرئيس الجديد تشكيل ادارته اختار من ضمن من اختار الأدميرال دينيس بلير مديرا للاستخبارات الوطنية وهو الموقع الذي يشرف على كل اجهزة الاستخبارات الأميركية بلا استثناء.
بعد ذلك فجر بلير قنبلة لم تكن متوقعة، فقد سرب نبأ اختيار فريمان لرئاسة مركز دراسات التقارير الاستخبارية التي ترفع للرئيس.
وخلاصة صلاحيات ذلك الموقع هي دراسة نتائج التحليلات التي تستنبطها اجهزة الاستخبارات من المعلومات التي تجمعها ومساءلة الأجهزة حول دقة استنتاجاتها ومراجعة تقديراتها.
بعبارة اخرى كان على فريمان ان يصبح المصفاة التي تمر منها تقديرات اجهزة الاستخبارات قبل ان تصل الى الرئيس.
وانقلبت الدنيا بعد نشر التسريب المتعمد ولم «تنعدل» حتى الآن.
فقد بدأت لجنة العلاقات العامة الأميركية ـ الاسرائيلية (ايباك) حملة ضارية بدعوى ان فريمان هو سفير للسعودية في واشنطن وانه «تأثر» بأكثر مما ينبغي بوجهة النظر العربية حين كان سفيرا في الرياض وان تعيينه سيكون «انتصارا ديبلوماسيا» للسعوديين حسب قول ستيڤن روزن المدير السياسي السابق لايباك الذي يواجه ـ من باب المفارقة ربما ـ بعد ايام محكمة دائرة فيرجينيا الاتحادية للنظر في اتهامه بالتجسس لحساب اسرائيل بعد ان حصل على وثائق عن ايران من الپنتاغون وسلمها لسفارة اسرائيل في واشنطن.
ولو بدأ احد حصر المقالات التي كتبت بهذا الشأن في واشنطن منذ التسريب في مطلع الأسبوع الماضي لما انتهى ولكن يكفي ما يقوله الباحث في معهد اميركا الجديدة ستيف كولمان الذي علق على تلك العاصفة بقوله «اعضاء ايباك يعملون على مدار الــ 24 ساعة لاجهاض تعيين فريمان في موقعه الجديد.
انهم يعتبرون ذلك هزيمة لاسرائيل وانتصارا للسعوديين وللعرب.
والجهود التي تبذل الآن لوقف ذلك القرار اكثر كثيرا مما يظهر على السطح حتى وصل الأمر الى قول البعض ان الرئيس اوباما لن يوافق على القرار».
كولمان قال ذلك في منتصف الاسبوع الماضي.
وفي نهاية الاسبوع قال مكتب بلير ان الرئيس اوباما وقع بالموافقة على تعيين فريمان في الموقع الذي اختير له وأرسل المكتب رسالة بهذا المعنى الى قيادات الكونغرس الخميس الماضي.
وكانت ردة الفعل بعد ذلك هائلة بالفعل في صفوف الدوائر المؤيدة لإسرائيل في واشنطن.
فقد نقلت صحيفة «جويش ويك» عن قادة منظمات «رابطة مكافحة التشويه» و«مؤتمر رؤوساء المنظمات اليهودية الاميركية الاساسية» اقرارهم بان «العرب حققوا انتصارا» حسب قول ابراهام فوكسمان وان قرار اوباما كان «مخيبا للآمال».
تشاز فريمان لم يعلق طوال هذه المعركة الغريبة.
ولكن يكفي هنا استعادة عبارات قالها في خطاب له في مؤتمر العلاقات العربية ـ الاميركية الذي عقد في واشنطن قبل نحو ثلاثة اشهر اذ قال «لا أرى ان سياسة الولايات المتحدة تتسم بالاعتدال والتوازن تجاه الشرق الأوسط.
وليس لي الا ان أقول ان مصالح الولايات المتحدة تأتي بالنسبة لي قبل مصالح أي طرف آخر.
ولن يخدم احد هذه المصالح الا نحن أنفسنا اذا اتبعنا سياسة تتأسس على العدل والانصاف واذا ترافق ذلك مع العمل الحقيقي لاحلال سلام عادل بين العرب واسرائيل». وربما لهذا كان على فريمان ان يواجه اتهاما بالعمالة للمملكة العربية السعودية.