في سابقة هي الأولى من نوعها ضد رئيس أثناء ولايته، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير واتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.
وأعلنت المحكمة امس أن هذا القرار يأتي على خلفية تورط البشير في خمس جرائم ضد الانسانية بالاضافة إلى جريمتي حرب في إقليم دارفور غربي السودان.
ولا تشمل المذكرة توجيه تهمة «الابادة الجماعية» بحق الرئيس السوداني حيث لم يتوصل قضاة المحكمة إلى أدلة تثبت هذه التهمة وفقا لما صرحت به لورانس بلايرون المتحدثة باسم المحكمة في مؤتمر صحافي بلاهاي.
وأوضحت المتحدثة باسم المحكمة أنه سيتم ارسال قرار تسليم البشير للمحكمة إلى الحكومة السودانية وأن المسألة سترفع إلى مجلس الامن ما لم تتعاون حكومة الخرطوم في هذا الصدد.
اما المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو فقال ان الحكومة السودانية ملزمة بتنفيذ مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحكمة بحق الرئيس السوداني عمر البشير.
وقال اوكامبو خلال المؤتمر الصحافي وان «الحكومة السودانية ملزمة بموجب القانون الدولي بتنفيذ مذكرة التوقيف على اراضيها».
ويواجه البشير تهما بالتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري في إقليم دارفور بالاضافة إلى مسؤوليته عن هجمات عسكرية استهدفت مدنيين.
وقبيل ذلك اعلنت منظمة اطباء بلا حدود انها تلقت امرا من الحكومة السودانية بإجلاء موظفيها الاجانب من دارفور.
من جهته صرح الناطق باسم الجيش السوداني العميد الركن عثمان الاغبش بأن «القوات المسلحة ستتعامل بالحسم مع كل من يتعامل مع ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية».
بـــلا أثـــر
وفي اول رد فعل رسمي سوداني، اكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السوداني علي احمد كرتي ان الرئيس عمر البشير سيحضر قمة الدوحة العربية ويقوم بمهامه وواجباته رغم صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه.
وقال الوزير السوداني قبيل انعقاد جلسة استثنائية لوزراء الخارجية العرب للخروج بموقف من مذكرة توقيف البشير، ان قرار المحكمة الجنائية «لن يكون له اي اثر على الرئيس السوداني الذي سيواصل مهامه بشكل طبيعي وسيسافر الى الدوحة لحضور القمة العربية» المقررة مارس الجاري.
واضاف الوزير في تصريح صحافي ان البشير «سيقوم بمهامه وواجباته كلما اقتضت الضرورة».
واكد الوزير السوداني في بيان وزع على الصحافيين «ان السودان يؤكد من جديد موقفه الرافض للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، فالسودان ليس عضوا فيها وليست لها ولاية عليه».
واعتبر اصدار مذكرة التوقيف «تعديا سافرا على سيادة السودان وتدخلا ماكرا في شؤونه الداخلية».
وقال «تكررت اليوم (امس) اكذوبة اسلحة الدمار الشامل باصدار محكمة الجنايات الدولية» قرارها في حق الرئيس البشير، في اشارة الى مزاعم الادارة الاميركية التي استخدمتها حجة لاحتلال العراق في 2003.
واكد التزام حكومة بلاده باتفاق السلام للعام 2005 الذي انهى الحرب الاهلية مع الجنوب، «وغيره من الاتفاقيات، والتزامها بالحصانة والامتيازات الخاصة بالمنظمات الدولية والاقليمية والسفارات الاجنبية».
وكان وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات اكد في تصريح لقناة الجزيرة ان بلاده «لا تتعامل» مع المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا قرارها «سياسيا».
واضاف «قرارنا واضح. لم نسلم احمد هارون ولم نسلم علي كوشيب، لا نتعامل مع هذه المحكمة، لا يمكن لانهم اصدروا الآن مذكرة بحق البشير ان نتعامل معها، لانها لا اختصاص ولا ولاية لها».
الشارع السوداني
وعلى مستوى الشارع السوداني، اجتاحت العاصمة السودانية الخرطوم امس مظاهرات عارمة تندد بقرار المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام موريس أوكامبو الخاص بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، حيث أكد المتظاهرون وقوفهم مع رئيسهم ضد قوى الظلم، مرددين الهتافات المؤيدة له.
وقد خرج في هذه المظاهرات بعض المسؤولين السودانيين مرددين الشعارات الحماسية، ومنددين بالغرب والسياسة الفاشلة التي يقودها ضد الدول الصغيرة، مؤكدين أن اتهام البشير اتهام للشعب السوداني كافة.