حمل تقرير خبراء صندوق النقد الدولي مؤشرات ايجابية حول واقع الاقتصاد السوري ولعل أكثر ما يطمئن في التقرير الذي أنجزه مجموعة من الخبراء في الصندوق، التوقع بأن يكون أثر التطورات الجارية على الصعيدين العالمي والاقليمي طفيفا نسبيا على الاقتصاد السوري في الأجل القصير، ولكن يرجح أن تتبدى هذه الآثار في تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وتحويلات العاملين في الخارج والطلب على الصادرات السورية في منطقة الخليج.
ويرى تقرير صندوق النقد الدولي أنه لا يبدو أن تدهور الظروف المالية العالمية قد أثر على القطاع المالي السوري نظرا لمحدودية تكامله في النظام العالمي ولأن لوائح مصرف سورية المركزي تحد بصرامة من انكشاف المصارف لمخاطر القطع الأجنبي.
ورجح أن تتأثر سورية بصورة غير مباشرة بتباطؤ النشاط الاقتصادي في المنطقة نتيجة لوجود روابط مالية عالمية مع بلدان أخرى في المنطقة، لاسيما بلدان الخليج.
ويفسر الخبراء ذلك بأن التدفقات الواردة من المنطقة إليها لم تكن قد زادت تماشيا مع زيادة أسعار النفط ولاتزال في قاعدة منخفضة، وعلى سبيل المثال وحسب صحيفة البعث السورية زادت تحويلات العاملين في الخارج إلى سورية منذ 2005 بمتوسط سنوي أقل من 3% ويتوقع أن يصل الاستثمار الأجنبي والسياحي الى نحو ملياري دولار أميركي و3.5 مليارات دولار على الترتيب في 2008، وهذه المستويات تعد دون امكانيات سورية والتي لاتزال مقصدا منخفض التكلفة نسبيا للاستثمار الأجنبي المباشر للسياحة وفق المعايير الاقليمية والدولية.
ويتوقع طبقا لذلك أن يتباطأ النمو غير النفطي بنقطة مئوية واحدة ليصل الى نحو 5% خلال العامين المقبلين وهذا يعكس حدوث تباطؤ أقوى في معظم القطاعات، غير الزراعة، استجابة لتراجع الآفاق العالمية، ومن ناحية أخرى، يتوقع أن يشهد الانتاج الزراعي والذي يمثل نحو 25% من اجمالي الناتج المحلي غير النفطي انتعاشا مطردا بعد الانخفاض التراكمي الذي بلغ حسب التقديرات نحو 15% للعامين الماضيين.
كما يتوقع التقرير أن يتحسن الحساب الجاري الخارجي بصورة طفيفة نظرا لأن تكلفة صافي الواردات النفطية ينبغي أن تنخفض نتيجة لتراجع أسعار النفط، ويتوقع أن يضيق عجز المالية العامة لخفض الدعم على الوقود.
كما توقع التقرير أن تتحسن الآفاق في الأجل المتوسط مع بدء تعافي الاقتصادات العالمية والاقليمية، ويمكن أن تتسارع وتيرة اجمالي الناتج المحلي غير النفطي تدريجيا ليصل الى 6.5% بحلول 2013 ويتوقع أن يثبت عجز المالية العامة في حدود 3%.
ورأى التقرير أنه يتعين استمرار ضبط أوضاع المالية العامة ومن الضروري تكثيف العمل التحضيري لبدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة عام 2010 ومواصلة تشديد الإنفاق العام وفي الوقت نفسه تشجيع اتفاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستثمار في البنية التحتية مع تقديم ضمانات كافية، وأشار التقرير إلى أنه تم تحديد برنامج تقييم القطاع المالي وأولويات اصلاح القطاع المالي في الفترة المقبلة وتشمل الأولويات ضرورة اخضاع مصارف الدولة للتدقيق واعادة هيكلتها وبناء القدرات التنظيمية والرقابية وتعزيز انفاذ التنظيمات، وتعزيز إطار السياسة النقدية بتحديث المصرف المركزي واستحداث أدوات غير مباشرة للسياسة النقدية.
وأكد التقرير استمرار الأداء الاقتصادي الكلي لسورية قويا في مجمله وقدر اجمالي نمو الناتج المحلي غير النفطي بنحو 6% في عام 2007 على الرغم من تأثر الزراعة بسبب سوء أحوال الطقس واستمرت كل القطاعات غير النفطية تقريبا في النمو بقوة إلا أن النمو الكلي لم يسجل إلا 4% نتيجة لتراجع انتاج النفط، واستمرت هذه التطورات حتى عام 2008، وتشير البيانات الأولية إلى تحقق معدل نمو غير نفطي مشابه لما تحقق عام 2007 على الرغم من استمرار تراجع الانتاج الزراعي حيث حافظ قطاعا التشييد والخدمات على توسعهما السريع، ويتوقع أن يصل النمو الكلي إلى نحو 5%، وتسارعت وتيرة التضخم في 2008 لتصل الى 17 ـ 20% في منتصف العام مقابل نسبة 5% في 2007.
ويقول التقرير إن صافي الموجودات الأجنبية الرسمية قد استقر عند مستوى يقارب 17 مليار دولار أميركي (عشرة أشهر من الواردات) وارتفع سعر الصرف الفعلي الحقيقي لليرة السورية بنسبة 4% في 2007 ونحو 9% في الأرباع الثلاثة الأولى من 2008 نتيجة للأثر المجتمع في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع قيمة الليرة الاسمية مقابل الدولار.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )