قدم رئيس الحكومة الفلسطينية في رام الله سلام فياض استقالته رسميا امس الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في خطوة تمهيدية لتشكيل حكومة وحدة وطنية بين حركتي فتح وحماس.
وقال عباس حين تسلمه كتاب الاستقالة من فياض: «إن تقديم استقالة فياض تأتي من اجل دعم جهود الحوار الوطني ولدفع عملية الحوار إلى الأمام وصولا لتشكيل حكومة وفاق وطني، من خلال تنفيذ مهام اللجان الخمس التي ستبدأ عملها بعد 3 أيام (10 الجاري)».
وكلف عباس رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض بالاستمرار في مهامه لحين إتمام الاتفاق في الحوار الفلسطيني على تشكيل حكومة توافق وطني جديدة.
وأعرب عن تقديره وشكره لرئيس الوزراء وحكومته على ما قدموه خلال الـ 20 شهرا الماضية من عمل متواصل على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحية والأمنية وخصوصا تقرير إعادة اعمار قطاع غزة الذي قدم في شرم الشيخ.
استقالة معلقة
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إن فياض قدم استقالته لتدخل حيز التنفيذ فور تشكيل حكومة التوافق الوطني بما لا يتجاوز نهاية الشهر الجاري كحد أقصى.
وقال سمير عبدالله وزير التخطيط في حكومة فياض لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه لا يستبعد تشكيل حكومة بديلة لحكومة فياض في حال تأخر الاتفاق الفلسطيني على تشكيل حكومة توافق.
وجاء في كتاب الاستقالة أن «الحكومة منذ تسلمها لمهامها، بذلت أقصى ما لديها من إمكانيات لإنقاذ الوطن من حالة التدهور الاقتصادي والفوضى الأمنية التي اتسع نطاقها في يونيو 2007، وأنها قامت بكل ما تستطيع لإعادة بناء مؤسسات السلطة الوطنية».
وأكد فياض «أن هذه الخطوة تأتي دعما لجهود تشكيل حكومة توافق وطني، وانسجاما مع الدعوة المستمرة التي سبق التأكيد عليها طوال الفترة الماضية حول ضرورة تشكيل حكومة توافق تعيد الوحدة للوطن».
الأولوية لتشكيل حكومة توافق
واعتبر فياض أن الأولوية في عمل لجان الحوار التي ستنهي أعمالها كحد أقصى في نهاية مارس، كما أكد البيان الصادر عن الجولة الأولى للحوار في الخامس والعشرين من الشهر الماضي ينبغي أن تتمثل في سرعة الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني.
واشاد فياض بـ «الجهود المخلصة التي يبذلها الأشقاء في مصر بقيادة الرئيس حسنى مبارك في رعاية الحوار الوطني» الفلسطيني.
يشار إلى أن عباس كلف فياض بتشكيل حكومة تصريف أعمال في منتصف يونيو 2007 بعد إقالته حكومة الوحدة الوطنية أثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وقالت حركة حماس إنها «غير آسفة» على استقالة فياض.
وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «إن حكومة سلام فياض في رام الله هي حكومة غير شرعية ورحيلها يعيد الأمور إلى نصابها في الساحة الفلسطينية عشية الحوار الفلسطيني في القاهرة».
وأضاف برهوم: «يواجه فياض ضغوطات مكثفة من حركة فتح والشعب الفلسطيني على خلفية برامجه وسياساته وقد لا تكون لاستقالته علاقة بالحوار الوطني الفلسطيني المرتقب في القاهرة».
خلافات مالية وأمنية
وأوضح ان «خلافات مالية وامنية وشخصية بين سلام فياض ورئيس السلطة محمود عباس هي التي ادت الى ذلك».
من جانبه اعتبر الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي ان استقالة فياض يفهم منها انها تأتي لفتح المجال للحوار الوطني من اجل تشكيل حكومة جديدة ستكون انتقالية حتى 25 يناير من العام المقبل وبعدها ستكون هناك انتخابات.
وفي سياق متصل أعلن نبيل عمرو السفير الفلسطيني في مصر أن حوار اللجان الخمس الذي سيجري في القاهرة بعد غد سيبدأ بالتوازي وبمساعدة مصرية لتفادي أي تطورات، مؤكدا أن التوجه هو التوصل إلى اتفاق قبل اجتماع القمة العربية في وقت لاحق من هذا الشهر في الدوحة.
وقال عمرو لصحيفة «الأيام» الفلسطينية: «لم يحدد سقف زمني لعمل اللجان، ولكننا نطالب بأن يكون أياما وليس أسابيع، وقبل القمة العربية المقررة في الدوحة يجب أن نكون قد جهزنا أنفسنا لأن كل يوم تأخير يحمل أسوأ الآثار على غزة».
وأضاف: «المفروض أنه إذا أسرعنا في بلورة عمل اللجان أن نبدأ تشكيل الحكومة وأن نبدأ تطبيق الاتفاق على الأرض».
وأشار عمرو إلى أنه «يفترض أن تأتي اللجان الخمس مسماة الأعضاء يوم الثلاثاء المقبل.
ومن يأتي إلى الحوار يكون مفوضا من قبل قيادته للتوصل إلى اتفاق».
وتبحث اللجان الخمس في قضايا الحكومة والأمن والانتخابات ومنظمة التحرير الفلسطينية والمصالحات الداخلية حيث يلاحظ أن الاهتمام من قبل الفصائل منصب على لجنة منظمة التحرير الفلسطينية، في حين تشارك شخصيات فلسطينية مستقلة في عدد من اللجان.
وأضاف: «جميع أصدقاء حماس السوريين والقطريين يقولون لا داعي لحكومة جديدة إذا كانت الحكومة ستطيل الحصار أو تأتي بحصار جديد، ولذا فقد أصبحت الأمور واضحة، فليس مطلوبا من حماس أن تلبي شروط الرباعية وإنما المطلوب من الوزراء المسمين أن يعلنوا أمام الرئيس أنهم ملتزمون التزاما كاملا بالتزامات منظمة التحرير وأنهم سيعملون ما يكلفهم به الرئيس، وهم لا يستطيعون أن يقوموا بعمل في وزاراتهم دون أن تكون لذلك علاقة تنسيق مع الإسرائيليين».
وشدد على أنه «في نهاية الأمر يجب أن نجد تسويات، وهنا يظهر دور الإخوة المصريين ودور الجامعة العربية والأطراف التي ستقوم بدور الضاغط على الجميع من أجل إنهاء الاتفاق بالصيغة العملية المناسبة».
وقال: «المصريون سيكونون معنا في كل خطوة».