صعدت اسرائيل اجراءتها ضد حركة حماس باعتقال ابرز قادتها في الضفة الغربية امس في حين اصطدمت مساعي القاهرة في تشكيل حكومة توافق فلسطينية بموقف اميركي يدعو الى التزام اي حكومة فلسطينية بمبادئ «الرباعية الدولية» وهو ما ترفضه حماس.
واثر انهيار صفقة تبادل الاسرى بين حماس واسرائيل شنت الاخيرة حملة اعتقالات واسعة ضد قادة الحركة الاسلامية في الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة حركة فتح.
واعلنت مصادر عسكرية اسرائيلية وحماس ان 12 مسؤولا على الاقل من الحركة بينهم خمسة نواب اعتقلوا في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة خلال عملية قام بها الجيش وجهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت).
وقالت حماس انه في منطقة رام الله اعتقل الجيش النائب عبد القادر فقهاء والمسؤول السياسي فرحات الاسعد ورئيس بلدية مدينة البيرة المجاورة جمال الطويل.
كما اعتقل نائب اخر هو ايمن ضراغمة في منطقة جنين شمالا.
وفي شمال الضفة الغربية اعتقل الجيش ناصر الدين الشاعر نائب رئيس الوزراء سابقا في حكومة حماس فضلا عن ثلاثة مسؤولين كبار من الحركة هم رأفت نصيف وعدنان عصفور وعصام الاشقر.
كما اعتقل ثلاثة نواب اخرين هم خالد طفش وعزام سلهب ونزار رمضان في بيت لحم والخليل (جنوب).
وقال الجيش الاسرائيلي في بيان انه اوقف «عشرة من كبار الكوادر في قيادة حماس في الضفة الغربية»، مضيفا ان الموقوفين كانوا يعملون على «توطيد قوة ونفوذ» حركة حماس في الضفة الغربية.
وتمت هذه الاعتقالات اثر فشل المفاوضات التي جرت بين حماس واسرائيل بوساطة مصرية من اجل الافراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز في غزة لقاء اطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين المسجونين في اسرائيل.
رد حماس
ووصف نائب لحماس اعتقال اسرائيل لزملائه بأنه زيادة الضغط على الحركة ومجازفة بحياة شاليط.
وقال النائب مشير المصري في مؤتمر صحافي عقده في مدينة غزة إن «اعتقال نواب من الحركة وممارسة انتهاكات على النواب المعتقلين في سجون الاحتلال يفتح الباب أمام احتمالات عدة من بينها ثورة للأسرى واحتمالات المساس بحياة شاليط».
وأكد المصري أن «الأمر متروك للمقاومة فيما إذا كانت سترفع من سقف مطالبها أمام التعنت الإسرائيلي الذي أفشل صفقة التبادل»، مشددا على التمسك بخيار «اختطاف الجنود لتبييض السجون».
وبدوره قال صلاح البردويل احد مسؤولي حركة حماس ان الاعتقالات تهدف الى الضغط على الحركة من اجل ان تتنازل في المفاوضات حول تبادل الاسرى.
وقال في تصريح اورده موقع حماس على الانترنت «كل هذه الاجراءات القمعية محاولات مكشوفة للضغط على حركة حماس ودفعها لتقديم تنازلات وانجاز صفقة تبادل الاسرى دون ثمن»، مشددا على ان «هذا الامر مرفوض ولن ينجح في ابتزاز مواقف الحركة».
واعتبرت حركة حماس في بيان ان هذه الاجراءات لن تضعف موقف الحركة او تدفعها الى تقديم تنازلات في ملف الاسرى مشيرة الى انها لن تتراجع ابدا عن شروطها.
وتبادلت اسرائيل وحماس القاء المسؤولية عن فشل المفاوضات حول تبادل المعتقلين بعد ايام من محادثات مكثفة في القاهرة.
وتعثرت المفاوضات خصوصا بسبب المعتقلين الاعضاء في حماس وبينهم منفذو عمليات ضد اسرائيل. وترفض اسرائيل الافراج عن بعض المعتقلين على اللائحة التي قدمتها حماس او ان يقيم عشرات المعتقلين الذين قد يفرج عنهم في الضفة الغربية خشية أن يقوموا بعمليات جديدة.
اختتام الحوار الفلسطيني
في غضون ذلك، اختتمت الفصائل الفلسطينية المشاركة بالحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة محادثاتها امس دون التوصل إلى اتفاق نهائي بحسب قول احد المشاركين فيها.
وقال واصل أبو يوسف الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية لرويترز إن من المزمع عقد جولة أخرى من المحادثات قريبا. وأضاف «ليس هناك حل للقضايا الخلافية حتى الآن».
وأيضا لم تستطع الجماعات التي تشمل حركتي حماس وفتح الاتفاق على قانون للانتخابات التشريعية والرئاسية.
وقال أبو يوسف إن جماعته ستعقد مشاورات داخلية بعد العودة إلى مقرها قبل أن تعود لجولة أخرى من المفاوضات في مصر.
ولم يحدد تاريخا للجولة المقبلة.
واتفقت الجماعات على مبدأ تشكيل حكومة مؤقتة تعد للانتخابات وتنهض بدور قيادي في إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد الهجوم الإسرائيلي على القطاع الذي استمر ثلاثة أسابيع وانتهى في يناير.
مساعي سليمان في واشنطن
هذا وقالت مصادر فلسطينية إن المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية في واشنطن أصروا على أن أي حكومة فلسطينية جديدة تتشكل يجب أن تعلن صراحة التزامها بالمبادئ التي حددتها اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالسلام في الشرق الأوسط.
واعلنت حركتا فتح وحماس امس الاول ان حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة توصل الى اتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني انتقالية لكن من دون تحقيق أي تقدم في موضوع برنامجها.
ونقلت صحيفة «الأيام» الفلسطينية امس عن المصادر التي وصفتها بأنها «مطلعة» القول إن موقف الأميركيين هو «أي حكومة تتشكل يجب أن تعلن صراحة ودون أي مجال للتأويل أنها تلتزم بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية وهي الاعتراف المتبادل والاتفاقيات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية ونبذ العنف».
وأوضحت المصادر: «يصر الأميركيون على انه دون ذلك فإنه لن يتم التعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة».
ويشهد حوار الفصائل الفلسطينية الجاري في العاصمة المصرية القاهرة منذ تسعة أيام خلافات حادة بين حركتي فتح وحماس لرفض الأخيرة إلزام الحكومة المقترحة بالتزامات منظمة التحرير وشروط الرباعية الدولية.
ومن المقرر أن يجتمع ممثلو الفصائل الفلسطينية اليوم مع سليمان للإطلاع منه على نتائج مباحثاته في واشنطن مع مسؤولي الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالحوار الفلسطيني.
وتضمنت لقاءات سليمان في واشنطن امس الاول لقاء بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ولقاءات بمسؤولين في المخابرات الأميركية وأعضاء الكونغرس في لجنتي المخابرات بمجلسي الشيوخ والنواب، وغادر سليمان واشنطن امس بعد زيارة استغرقت 3 أيام.