خطت ايران خطوة في اتجاه الولايات المتحدة عبر قبول اقتراحها التعاون حول افغانستان، لكنها انتقدت ارسال تعزيزات اميركية الى هذا البلد.
وقال نائب وزير الخارجية الايراني محمد مهدي خوندزاده، في المؤتمر الدولي حول افغانستان بلاهاي امس، «الجمهورية الاسلامية الايرانية اذ ترحب بعروض التعاون التي قدمتها الدول المساهمة في افغانستان، تعلن استعدادها التام للمشاركة في المشاريع الرامية الى مكافحة تهريب المخدرات ومشاريع التنمية واعادة الاعمار في افغانستان».
وسجل على هامش المؤتمر لقاء مقتضبا وديا بين مسؤولين اميركيين وايرانيين كبار بإعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن مبعوث بلادها لأفغانستان ريتشارد هولبروك عقد اجتماعا وديا لم يكن مخططا له من قبل مع نائب وزير الخارجية الإيراني محمد مهدي خوندزاده في لاهاي.
وبذلك، تكون ايران ردت ايجابا على دعوات الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يعتبر انه لا يمكن ارساء الاستقرار في افغانستان من دون مساعدة جيرانها، مع تصاعد التمرد الذي تخوضه حركة طالبان في العامين الاخيرين.
دعم الانتخابات
كما اكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان «جهود المجتمع الدولي في افغانستان» منذ العام 2001 «كانت غير كافية على صعيد العناصر والموارد والتمويل»، مطالبة بـ «وجوب معالجة» هذا الثغر.
لكنها تداركت ان مشكلات افغانستان «لا يمكن معالجتها من دون الشعب الافغاني، وايضا من دون مساعدة جيران» هذا البلد.
وكانت كلينتون دعت إلى مؤتمر «الخيمة الكبيرة» حول أفغانستان خلال اجتماع «ناتو» في الخامس من الشهر الماضي.
وقالت إن هذا الاجتماع من شأنه تعزيز الدعم لأفغانستان والتأكيد مجددا على الحاجة إلى القضاء على تمرد طالبان.
وأكدت أيضا على عزم بلادها تقديم 40 مليون دولار لدعم الانتخابات الأفغانية المقررة في أغسطس المقبل والتي يخوضها الرئيس الأفغاني حامد كرازاي أملا في الفوز بفترة ولاية جديدة.
في السياق ذاته، قال الرئيس الافغاني حميد كرزاي «لا يمكننا اعادة اعمار البلد من دون مساعدة الدول المجاورة»، مكررا تأييده للاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة.
وشددت كلينتون على ضرورة تعزيز قوات الامن الافغانية رغم اعلان اوباما ارسال 17 الف جندي واربعة آلاف مدرب اميركي اضافيين، وسينضم هؤلاء الى 38 الف عنصر ينتشرون في افغانستان، فضلا عن 32 الفا من دول اخرى.
ولم يتردد نائب وزير الخارجية الايراني في انتقاد التعزيزات الاميركية.
وقال ان «وجود القوات الاجنبية لم يحسن الاوضاع في هذا البلد ويبدو ان تعزيز القوات لن يكون مجديا هو ايضا»، داعيا الى تركيز الجهود على تعزيز الشرطة والجيش الافغانيين.
الحوار مع معتدلي طالبان
وسعت كلينتون الى توضيح «الاستراتيجية الجديدة» في افغانستان التي طرحها اوباما في 20 مارس الماضي، معربة عن تأييدها المصالحة مع عناصر طالبان الذين ينبذون العنف ويقطعون صلتهم بالقاعدة.
ورحبت الوفود المشاركة في المؤتمر بالاستراتيجية الجديدة التي تتبناها الولايات المتحدة لمكافحة طالبان، متعهدين بإعادة إعمار أفغانستان.
ووصف وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الاستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه أفغانستان بـ «الصائبة تماما».
بدوره، شدد نظيره الروسي سيرغي لافروف على ضرورة ان يبادر عناصر طالبان الذين يرتضون المصالحة بـ «التخلي عن العنف وقطع صلتهم بالقاعدة والاعتراف بالدستور الافغاني».
من جهة اخرى، اعتبر كرزاي ـ الذي يدعو منذ فترة طويلة الى محاولة التصالح مع طالبان الاقل تطرفا ـ انه «من الملح» تطبيق «خطة استثمار في صفوف قوى الامن الافغانية».
واجمع المسؤولون الدوليون على ضرورة التنسيق في شكل افضل وانفاق المساعدات في افغانستان بفاعلية اكبر ودعم الانتخابات الرئاسية المقررة في اغسطس ومكافحة انتاج المخدرات وتهريبها.
كي مون
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون «انها سنة حرجة»، معتبرا ان «الاخفاق يعني خيانة الشعب الافغاني».
وشدد على ضرورة اجراء انتخابات «عادلة وشفافة وذات صدقية»، وايده في ذلك وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
ويجري الرئيس الافغاني ونظيره الباكستاني آصف علي زرداري اليوم في انقرة محادثات تهدف الى «تحسين التنسيق والتعاون» الثنائي بين البلدين في مكافحة الارهاب، كما اعلن مصدر ديبلوماسي تركي.
بدوره، دعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دي هوب شيفر الدول والمنظمات الدولية للاسهام في صندوق مخصص لتدريب الجيش الافغاني بنحو ملياري دولار سنويا.
وقال هوب شيفر في المؤتمر الدولي حول مستقبل افغانستان «ادعو جميع الدول والمنظمات الموجودة حول هذه الطاولة الى تقديم مساهمتها المالية الى هذا الصندوق بغية دعم الجيش الوطني الافغاني».
وقدر، في حديث لصحيفة «فايننشال تايمز» الاثنين الماضي، كلفة تدريب الشرطة والجيش الافغانيين بملياري دولار سنويا، وقال انه يعتمد على دول مثل اليابان والسعودية، غير مشاركة عسكريا لكنها تملك موارد مالية متينة.
فرنسا تزيد مساعداتها
الى ذلك، أكدت الحكومة الفرنسية امس عزمها زيادة قيمة المساعدات المدنية الى أفغانستان بواقع أربعة أضعاف في العام الحالي لتبلغ 40 مليون يورو بعد ان كانت عشرة ملايين يورو الى جانب تقديم قوات شرطة لتعزيز الأمن الداخلي.
ولا تعتزم باريس رفع عدد قوات الجيش الفرنسي المنتشرة في أفغانستان والبالغ قوامها ثلاثة آلاف جندي بيد ان ديبلوماسيين يلمحون الى عقد اجتماعات بين الشركاء الاوروبيين لمناقشة هذه المسألة.