يوسف خالد المرزوق
عدنان خليفة الراشد
أمن الانتخابات اللبنانية في صدارة الاهتمامات المحلية والخارجية التي تتركز على مرحلة ما قبل الانتخابات وخلالها وبعد اعلان النتائج، حيث قد تتخطى ردات فعل الخاسرين الغضب المجرد أو الانفعال المحسوب، الى ما لا تحمد عقباه.
أخطر المراحل، في غياب التوافقات الانتخابية، تبدأ بعد السابع من ابريل أي بعد اليوم، موعد اقفال باب الترشيحات النيابية، حيث يصبح لزاما على أي مرشح في دائرة صراعية يتوازى عدد المرشحين المتنافسين فيها مع عدد المقاعد النيابية ان يراعي أوضاعه الصحية اذا كان كبيرا، والأمنية الشخصية من أي عمر كان، لأن اصابته بمكروه ما، صحيا أو أمنيا قد يوفر لخصمه فرصة الفوز بالتزكية، وبالتالي تفقد كتلته أو القوة الداعمة له، مقعدا نيابيا، برمية من غير رام.
ولتجنب المفاجآت غير المنتظرة خلال فترة الشهرين المحفوفين بالمخاطر والفاصلة بين اغلاق باب الترشيحات وفتح صناديق الاقتراع، بادر نائب دائرة زحلة الكاثوليكي الأكثري، نقولا فتوش الى التقدم باقتراح قانون لتمديد مهلة الترشيحات استدراكا لهذه المخاطر، لكن العمر التشريعي لمجلس النواب لا يبدو ملائما لمثل هذا الأمر، كما ان بعض رؤساء الكتل النيابية يفضلون المغامرة بإبقاء موعد اقفال الترشيحات كما هو في السابع من ابريل، على تمديد المهلة مع ما ينطوي عليه ذلك من تدفق المزيد من الطامحين للمجد النيابي على اللوائح الحصرية، وما يترتب على ذلك من احراجات لهم أو القوى الناخبة المؤيدة.
ويبدو ان الرئيس ميشال سليمان متنبه لهذه المسألة، ولذلك شدد اثناء لقاءاته بوزير الداخلية زياد بارود، على ضرورة سهر القوى العسكرية والأمنية على تأمين الاستقرار الأمني وتوفير أجواء الحرية والديموقراطية في المرحلة الانتخابية المقبلة.
بدوره الوزير بارود يؤكد دائما ان لدى القوى السياسية الإرادة التامة على إمرار هذه الانتخابات بسلام، الا انه شدد على ضرورة تفادي المفاجآت الأمنية.
وإضافة الى هذه العوامل والمعطيات، إشارة وزير العدل إبراهيم نجار إلى ضرورة استكمال تعيين الاعضاء الحكوميين الخمسة في المجلس الدستوري قبل الانتخابات النيابية من اجل البت بالطعون المحتملة وحتى لا يكون هناك احتكام الى أي أمر آخر.
ثمة عنصر مستجد في عملية الانتخابات النيابية هذه المرة، يتمثل في إجرائها في يوم واحد، وبكل الدوائر، بينما درجت العادة والقول للمدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ان تجري في خلال أربعة أسابيع، حيث كانت القوى الأمنية تنتقل من محافظة إلى أخرى، دون احراج أو ازعاج.
هذه الأجواء بمجملها، هي الآن موضع متابعة واهتمام من القيادات الأمنية التي لاحت بيارقها مجددا في الفترة الأخيرة، بعد سلسلة الانجازات الأمنية المحققة من القبض على رؤوس عصابات سلب السيارات والاتجار بالمخدرات، الى تحرير الطالب الفتى أمين الخنسا واعتقال خاطفيه في أطراف عاليه، وهم من أصحاب السوابق الكثيرة في عالم الاجرام، وهذا ما أدخل المزيد من الطمأنينة الى النفوس اللبنانية القلقة، والمتوجسة مما هي مقبلة عليه استنادا الى مرارة التجارب السابقة.
وفوق ذلك كله فإن القوى الأمنية والعسكرية امام تجربة جديدة، اقتضت حشد 30 ألف رجل، نصفهم من الجيش والنصف الاخر من الأمن بحسب الوزير بارود، عدا الموظفين الإداريين عن أكثر الأمور اشغالا لمهمات القوى العسكرية والأمنية في يوم الانتخاب وما قبله وما بعده.
يرى المدير العام للأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي ان أمن المواطن هو محط الاهتمام بمختلف وجوهه، وفي العملية الانتخابية خصوصا هناك حركة المرور ومراكز الاقتراع وصناديق الاقتراع وحرية الاقتراع وضبط الأمن خارج هذه المراكز وداخلها، ومنع الاحتكاكات بين المتنافسين في الداخل والخارج.
وردا على سؤال «الأنباء» لفت ريفي الى ان حركة المرور الكثيفة تبدأ قبل يوم الانتخابات، حيث يتوجه المواطنون الى مساقط رؤوسهم للإدلاء بأصواتهم باعتبار ان القانون اللبناني مازال لا يتيح للناخب ان يقترع حيث يقيم.
وتشكل المواكب الانتخابية السيارة المحملة بصور المرشحين وشعاراتهم، عنصر قلق للقوى الأمنية لم تنطو عليه من عناصر استفزاز للغير، الأمر الذي يفضي عادة لاحتكاكات مؤسفة.
لكن اللواء ريفي واثق هذه المرة من ان الإرادة السياسية بإجراء هذه الانتخابات بحرية ونزاهة وسلام، ستتكفل بكبح عناصر الشر لدى مختلف الأطراف، ويستدل على ذلك من تصريحات القيادات السياسية الواعدة برفع الغطاء عن كل عنصر شغب، اللهم إلا اذا خرجت الأمور عن القدرات الذاتية لهذه القيادات لا سمح الله، علما بأن الصورة ليست كذلك كما نراها على مسافة شهرين من الاستحقاق الكبير.
الفشل الأمني
ولاستيعاب الاحتياجات الأمنية لهذا اليوم الانتخابي الطويل أعدت القيادة الأمنية خطتين الأولى يقول اللواء ريفي انها قيد البحث مع قيادة الجيش الذي سيلعب الدور الأساسي في تأمين المسرح الانتخابي خارج مراكز الاقتراع، والثانية تتناول حركة السير المرشحة للازدحام الكثيف، وستكون هذه في عهدة قوى الأمن الداخلي وحدهم، لأنه اذا فشلنا في خطة المرور فسنتهم بأننا أفشلنا خطة الانتخابات واذا نجحنا في الخطة الخاصة بالمرور فإننا سنسهل إجراء الاستحقاق الانتخابي اذ ليس هناك أمن من دون مرور وحركة والمطلوب تحقيق النجاح في هاتين الخطتين معا ولنا ملء الثقة بالوصول الى ذلك ان شاء الله.
بيد ان الاعداد لهاتين الخطتين «لم ينته ولم نبلغ بعد مرحلة تحديد الاعداد الكافية لهاتين الخطتين ونحن نملك الجداول التي تحدد عدد مراكز الاقتراع والصناديق التي ستستخدم لذلك وعدد مراكز الفرز»، بحسب اللواء ريفي.
عادة يوضع على كل صندوق عنصران من قوى الأمن وهناك 10 عناصر من قوى الأمن على مركز الاقتراع وهناك قوة كافية للحماية على كل مركز للفرز.
وفي هذا الإطار سيتم توزيع المهام بين القوى الأمنية والجيش لتأمين مواكبة الصندوق وحمايته ومراكز الاقتراع ومراكز الفرز.
اما مسألة تأمين الأمن على الأرض خارج مراكز الاقتراع والفرز فإن الجيش كان يتولاها باستمرار حين كانت الانتخابات تحصل في أيام عدة، وهذا ما سيتكرر اليوم حين سيحصر الأمر بيوم واحد اذ لا تملك قوى الأمن القوة الكافية لحراسة الصناديق والمراكز كافة وتولي الأمن في كل المناطق.
الرهان على المواقف
إذا قررت قيادات القوى الكبرى والأساسية ألا تقوم بالشغب فإن الدولة ومن خلال الجيش والقوى الأمنية ستتمكن من تأمين الأمن بكافة وجوهه في أثناء الاستحقاق الانتخابي على سائر الأراضي اللبنانية، ومن الأمثلة على ذلك انه لم يسجل أي حادث أمني مهم خلال مشاركة أعداد ضخمة جدا من المواطنين في المهرجانات الشعبية في 14 فبراير أو في 14 مارس وهو ما يعود الى ان القيادات في القوى المشاركة كانت قررت ألا تقع أعمال شغب.
واذا كان هناك قرار من فريق أساسي بوقوع أعمال شغب فإن الأوضاع العامة ستكون أمام مشكلة كبرى.
إن تطور الأمور اقليميا ودوليا يدل على الاتجاه نحو التفاؤل والتهدئة ولعل واقعنا اللبناني يعكس واقع المنطقة من هنا فإننا لا نرى وجود أي قرار مركزي اقليمي أو دولي لناحية خربطة الأمور كلها وهذا ما يؤمن أجواء مفيدة ومساعدة للبنانيين على حد سواء.
شهدت بيروت انعقاد الدورة السادسة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب يوم 23 مارس الماضي، وقد أعطي هذا المؤتمر اهتماما رسميا عاليا نظرا لأهمية دوره على مستوى الأمن الداخلي العربي الشامل، عن معنى اجتماعات هذا المجلس ومغزى مقرراته، يقول اللواء ريفي ان وزراء الداخلية العرب يشكلون المؤسسة الأهم والأقوى على مستوى الوزراء العرب ولهم أمانة عامة دائـــــمة ومــــــقرها في تونس وهي نشيطة جدا وتحرص على عقد لــــــقاء سنوي لهم في تونس أو في بلد عربي آخر ومن حظ لبنان هذا العام ان مؤتمر وزراء الداخلية العرب عقد في بيروت للمرة الثانية وهو المؤتمر السادس والعشرون.
وأكد ريفي ان الوزراء العرب يحفظون للبنان مودة خاصة وعندهم صورة ايجابية عنه وقد بذلنا كل الجهود لتأمين أفضل الظروف لانعقاد هذا المؤتمر في بيروت وقد انصب الاهتمام على كل التفاصيل من ألفها الى يائها، حيث كان استقبال وزراء الداخلية العرب لائقا بنا كلبنانيين، كذلك التنظيم والأجواء المساعدة التي تقدم الانطباع لناحية احترام الأخ والضيف والوافد، حيث عبر الجميع عن شكرهم وامتنانهم لحسن الضيافة والاستقبال والتنظيم.
رسالة لكل العرب
وتابع: شكل هذا المؤتمر مناسبة مهمة للغاية لنعطي رسالة لكل المواطنين العرب أكدنا فيها ان لبنان بلد آمن مادام وزراء الداخلية العرب لم يجدوا اي حرج او تردد في زيارته والقدوم اليه، لأن لبنان آمن منذ فترة معينة وتسير الأمور وطنيا باتجاه بر الأمان وهنا تكمن أهمية الرسالة التي بعثها مؤتمر وزراء الداخلية العرب في بيروت.
مؤكدا ان لبنان على أبواب موسم الاصطياف ومادام ان وزير كل دولة عربية لم يخف من القدوم الى بيروت فإنه على كل مواطن عربي ألا يخشى من تمضية أشهر الصيف في الربوع اللبنانية.
ماهية الجرائم الجنائية
وعن الجرائم الجنائية، اضاف ريفي: ان هــــذه الجرائم تخص سلطات البلد الذي تقع على اراضيه، اما الجريمة المنظمة أو تلــــك الإرهابية فإنهما تتجاوزان الـــحدود الجغرافية للبلد الذي تقــــعان على اراضيه، فقد تقع جريمة في العراق وتكون ارتداداتها على لبنان وقد تقع جريمة في لبنان وتكون لها ارتداداتها على دول اخرى، من هنا بات التنسيق حتميا بين السلطات المعنية بالجرائم على المستوى العربي.
هناك منظمة الانتربول الدولي التي تضم كل المسؤولين عن الأمن في دول العالم قاطبة وهم يعقدون في اطارها لقاءات سنوية.
وهناك تنظيمات إقليمية للأمن بينها مجلس وزراء الداخلية العرب الذي انشئت لهم أمانة عامة دائمة منذ 26 عاما وهم يلتقون سنويا.
وتقيم الأجـــهزة التابعة لهؤلاء الوزراء في دولهم اي الأمن الداخلي والأمن العام والأجهزة الشرطية المختلفة باستمرار مؤتمرات وندوات ولقاءات وتعد لمشاريع اتفاقيات وتواصل.
لابد من ان يلتقي المسؤولون الأمنيون على المستويين الإقليمي أو الدولي لوضع الخطط الكافية لمتابعة تطور الجريمة الإرهابية او المنظمة التي تتخطى الحدود الجغرافية للدول ومكافحتها وتندرج مؤتمرات وزراء الداخلية العرب في هذا الإطار.
المصحة العربية
عن «المصحة العربية» للإدمان من المخدرات التي كان مطروحا انشاؤها في لبنان نقل زوار اللواء ريفي عنه ان المأوى الاحترازي مرتبط بمشكلة المخدرات والمدمنين وكل من يتم توقيفه بجريمة تعاطي المخدرات تبعا للقانون اللبناني فإنه لا يسجن بل يوضع في هذا المأوى أو ما قد تجوز تسميته بالمصح لتتم معالجة هذا الشخص من آفة المخدرات.
والمؤسف انه ليس هناك على المستوى الرسمي مأوى احترازي بالمعنى الطبي الكامل للكلمة أما على مستوى الجمعيات الخاصة فهناك محدودية في قدراته الاستيعابية وقد سلمت ادارته الى جمعية أهلية وهو غير قادر على استيعاب كل الموقوفين، الأمر الذي يحتاج الى الاهتمام والرعاية الأكبر ولابد من توفير امكانيات أهم، أما القطاع الخاص فهو نشيط وفاعل وديناميكي ومنتج وهو قد أوجد مآوي احترازية، كما ان هناك في حقيقة الأمر جمعيات تحظى بثقة واحترام كاملين من قبلنا ومن قبل كل المؤسسات المعنية.
وقد أوجد القطاع الخاص مراكز لمعالجة المدمنين كـ «أم النور» على سبيل المثال التي تفتح أبوابها أمام الذين تورطوا في آفة الادمان وكل من يتخذ قراره الذاتي سواء من قبله شخصيا أم من قبل أهله أو عائلته لتتم معالجته حيث يعطى الفرصة لذلك.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )