وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما الى العراق قادما من جارته تركيا في زيارة مفاجئة هي الاولى منذ توليه الرئاسة.
وقال البيت الأبيض إن أوباما اجتمع مع القادة والجنود الأميركيين واكتفى بالتحدث مع الزعماء العراقيين هاتفيا بسبب سوء الأحوال الجوية التي حالت دون استخدام طائرته الهليكوبتر للقائهم شخصيا إلا أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عقد اجتماعا مع اوباما في معسكر ڤيكتوري الذي انتقل أوباما إليه من المطار لتقليد أوسمة لبعض الجنود.
وكشف أوباما بأن إعادة القوات الأميركية للوطن مرتبط بجعل العراق مكانا مستقرا وليس ملاذا آمنا للإرهابيين.
وقبل وصوله العراق بشكل مفاجئ كان الرئيس الأميركي ختم زيارته لتركيا امس من اسطنبول حيث التقى عدد من رجال الاديان الثلاثة في إطار جهوده لتوحيد صفوف المعتدلين من كل الأديان في مواجهة التطرف.
ومن هؤلاء اجتمع أوباما مع بطريرك اسطنبول وسائر تركيا للأرمن مسروب الثاني والمطران آرام شتيشيان وكبير الحاخامين في اسطنبول اسحق حليفا ومفتي اسطنبول مصطفى شاغرجي وميتروبوليت السريان الأورثوذكس المطران يوسف شيتين.
ثم قام بعد ذلك بجولة في المواقع التاريخية في اسطنبول برفقة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وقد امتلأت شوارع وسط اسطنبول بالمارة الذين اصطفوا لمشاهدة موكب أوباما.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة «حريت» التركية ان أوباما زار متحف آيا صوفيا الذي كان في الماضي كنيسة والمسجد الأزرق وهما أهم معلمين دينيين في اسطنبول.
وقبل سفر الرئيس الأميركي عقد طاولة مستديرة مع طلاب متحف الفنون الإسلامية في اسطنبول ومجموعة من طلاب الجامعات التركية.
وأدار أوباما حوارا مفتوحا مع الطلبة وأجاب عن جميع أسئلتهم وأسئلة بعض الشباب الذين تداخلوا من دول أخرى عبر الڤيديو كونفرانس، أكد فيه أن بلاده تعارض أي تحرك ينال من سيادة الأراضي التركية.
وقال خلال اللقاء الطلابي «تركيا حليف لنا ونحن نحترم وحدة أراضيها وسنعارض أي تحرك ينال من سيادة الأراضي التركية» في إشارة إلى الأنشطة المسلحة التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني الذي ينطلق من شمال العراق.
كما شدد الرئيس الأميركي على أن «علاقتنا مع تركيا ستستمر في التقدم حتى إذا لم تنضم للاتحاد الأوروبي».وتعهد أوباما بفتح «فصل جديد من الالتزام الأميركي» مع المسلمين وباقي العالم.
ومضى قائلا «أنا ملتزم شخصيا بفتح فصل جديد من الالتزام الأميركي فليس بإمكاننا التحدث من دون الاهتمام بالآخرين والتركيز على خلافاتنا فقط والسماح لجدران الريبة بأن ترتفع حولنا».
وتعليقا على تخوف نقله أحد الطلاب من أن يكون انتخاب أوباما مجرد تغيير سطحي وأن السياسات الأميركية في المنطقة ستبقى دون تغيير، رد أوباما بالإشارة إلى انه ضد الحرب غير أنه يتحمل الآن مسؤولية سحب القوات «بطريقة حذرة لا تؤدي إلى انهيار كامل واندلاع أعمال العنف».
وقال «إن دفع سفينة دولة كاملة عملية بطيئة»، مضيفا أن هذه السفينة على وجه التحديد ليست مجرد قارب صغير بل هي أشبه بناقلة نفط عملاقة «وفي النهاية لا يسعنا سوى الانتظار وترقب النتائج».
وتمكن أوباما من أن ينأى بنفسه عن المنظور الفردي لإدارة الرئيس السابق جورج بوش مشيرا لنفسه أيضا أكثر من مرة باسمه الكامل - باراك حسين أوباما مؤكدا خلفيته الدولية وحقيقة أن له أقارب من المسلمين.
وأكد الرئيس الأميركي من المركز الثقافي باسطنبول بأن واشنطن وأنقرة لديهما تاريخ طويل من التعاون والشراكة المبنية على أسس قوية، معترفا في الوقت ذاته بأن هذه الأسس قد ضعفت خلال السنوات الأخيرة وصادفت بعض الصعوبات من حيث بعض الاختلافات على الصعيد السياسي.
وبخصوص السلام في الشرق الأوسط لم يستبعد امكانية أن يتحقق السلام في الشرق الأوسط بشرط أن يقدم «الإسرائيليون والفلسطينيون تنازلات».
وتابع موضحا «أعتقد أننا ندرك ما هذه التنازلات وما ينبغي أن تكون عليه. الآن ما نحتاج إليه هو الإرادة السياسية والشجاعة من جانب القيادة».
واعترف أوباما بأن الولايات المتحدة كغيرها من الدول لديها أخطاء وهفوات، مؤكدا في الوقت ذاته على أن واشنطن عملت على مدار عقدين على تشكيل تحالف مثالي مع غيرها من الدول الأخرى من أجل عالم أفضل.
وشدد أوباما على ضرورة مد يد المساعدة إلى الاقتصادات الناشئة حول العالم.
ووجه الرئيس الأميركي حديثه إلى الشباب قائلا إن هذا الجيل يواجه تحديات كبيرة أبرزها الأزمة المالية العالمية وظاهرة التغير المناخي والتطرف، مطالبا إياه بمحاولة التعامل مع هذه التحديات بشكل جيد بهدف تحقيق مستقبل أكثر ازدهارا وسلاما.
واستطرد قائلا «إنه يمكنكم اختيار تنحية الاختلافات القديمة جانبا وبناء جسور جديدة بدلا من اقامة حواجز وطلب السلام الدائم وتحقيق الازدهار الذي يمكن أن يتشاركه جميع الأشخاص حول العالم.
وبعد لقائه الشباب غادر اوباما تركيا منهيا زيارة نجحت «في إعادة العلاقات التركية ـ الأميركية لطبيعتها» بحسب مستشار الرئيس الأميركي ديڤيد أكسيلورد.