بيروت ـ اتحاد درويش
اللقاء مع اللواء علي الحاج أحد الضباط الأربعة الذين اطلق سراحهم بقرار من المحكمة الدولية، احتاج لأربع زيارات، فمنذ الساعات الأولى لخروجه من سجن روميه مساء الأربعاء الماضي وهو يصل الليل بالنهار.
عجقة ضيوف ومهنئين عند الدخول والخروج من منزله الذي ازدانت جنباته بالورود، فيما غابت الشعارات والصور باستثناء بعض التدابير الأمنية في محيط المنزل الكائن في منطقة الرملة البيضاء من بيروت.
بالترحاب يستقبل المهنئين والى جانبه زوجته سمر التي ما هدأت طوال فترة سجنه في متابعة قضية زوجها التي حملتها الى المراجع السياسية والقضائية والدينية، وها هي اليوم تلتقط أنفاسها من جديد.
ويقدر لها زوجها هذه الوقفة ولا يجامل كثيرا في هذا الموضوع ويكتفي بالقول: «أتمنى لكل مظلوم ان تجند له انسانة مثل سمر لتدافع عنه».
عاد الدفء الى منزل المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي الذي عاد الى ارتداء بزته العسكرية بما تحمل من أوسمة ونياشين، وقد احاط به أفراد الأسرة والأصدقاء الذين أتوا من أكثر من منطقة، فاستأذنهم لإجراء هذا الحديث، لكن في مكان أكثر هدوءا لسلامة التسجيل يرحب بـ «الأنباء» محددا لنا وقتا معينا ونسأله بداية هل اشتقت الى بزتك العسكرية؟ فيجيب: لم اشتق الى البزة، بل الى المؤسسة التي هي عائلتي الكبيرة فوالدي كان ضابطا في قوى الأمن الداخلي وأنا وولدي ضابطان وهذه هي عائلتي التي قضت مع والدي ومعي والآن مع ولدي ما يفوق المائة عام. الرتبة ملكي وسأبقى ان اعطاني الله عمرا حتى سن التقاعد عام 2014 وأنا حاليا بتصرف وزير الداخلية، حتى يعاد الحق الى نصابه.
وفيما يلي حوار اللواء الحاج مع «الأنباء»:
ماذا عنت لك هذه الفترة من السجن وكيف أمضيت يومياتك؟
يصمت قليلا ويرد لقد دونت مقتطفات من سنوات السجن، ويتابع: لا يجوز اللعب بتركيبة لبنان بلد التعايش وصيغة العيش المشترك والعقد الاجتماعي وتداول السلطات وفلسفة وجود لبنان هي حريته وتداول السلطة، وعندما نقول ذلك يعني لا نريد الاستثناء الذي ادخلني الى السجن، ان يصبح قاعدة وكل سلطة تأتي تدخل من يعارضها الى السجن، والموظف يكون «كبش محرقة» ويدفع الثمن.
رأس حربة
وهل «الاستثناء» من أدخلك السجن في جريمة شكلت زلزالا مازال لبنان يعيش تحت وطأته الى ان جاءت توصية رئيس لجنة التحقيق الدولي السابق ديتليف ميليس باعتبارك احد رؤساء الأجهزة المولجة بالأمن؟
ليس الموضوع علي الحاج، أنا خارج البازار، نحن الضباط الأربعة نمثل مواقع والمشروع السياسي الآتي عن بعد كان يجب ان يستمر في لبنان وان يستخدم كساحة لتنفيذه ولقد استخدمت رمزية مواقعنا.
وأين مسؤولية النظام الأمني؟
مقاطعا ما النظام الأمني؟
يمكنك القول النظام السياسي اللبناني ـ السوري.
النظام الأمني هو جزء من النظام السياسي، لا نظام أمني مستقل عن النظام السياسي، انما الذين وصفوا أنفسهم في هذا المشروع تغيروا بتغير التحولات وبتغير الظروف الاقليمية والدولية، وكانوا مع النظام السابق ليسوا جزءا منه بل رأس حربته، فتغيروا بتغير التحولات، لأن النظام السابق لم يعد يؤمن لهم الاستمرار في المواقع السياسية التي كانوا يشغلونها، فالمطلوب التحول مع المشروع الآتي والجديد للاستمرار في المواقع السياسية.
انتهت صلاحيته
لكن الجريمة غيّرت وجه لبنان الذي خرج من الوصاية السورية بفضل شريحة كبيرة قالت لا لسورية وحملتها مسؤولية الاغتيال.
الوصاية السورية كيف جاءت هل أتت بتفويض وإجماع لبناني أم بتفويض أميركي ودعم عربي بعد حرب الخليج، وعندما انتهى هذا التفويض وهذا الدعم العربي أصبح الوجود السوري غير مرغوب فيه، وانتهت صلاحيته، وعندما انتهت الصلاحية أصبح المطلوب خروجه، وسبق ذلك القرار 1559، وهذا القرار رغم انه أكد على خروج الجيش السوري وعلى إجراء الانتخابات النيابية ونزع سلاح المقاومة، كان المطلوب بعد القرار حصول اهتزاز داخلي لبناني بين الطوائف اللبنانية، وهذا ما شعرنا به وأصبح ملموسا عندنا في ظل الموقع الذي أشغله، شعرت بان شيئا ما يحضر للبلد والدليل الانقسام اللبناني الذي بدأت ملامحه بالظهور وتغذية هذا الانقسام، لاسيما الطائفي، وتوتر الأجواء وشحن النفوس ودفع الناس نحو تغذية المشاعر الطائفية، وجاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله، ومنذ اللحظة الأولى لاغتياله كانت الاتهامات جاهزة، اما الخروج السوري فقد أتى بعد هذا الزلزال الكبير، وبطريقة لم نكن نتمناها، وعلى أساس هذا الزلزال اطلق ما عرف بالثورة، ولكن الاغتيال شجبه كل اللبنانيين وادانته كل الأطراف والفئات وأطياف المجتمع اللبناني دون استثناء لأن الرئيس الحريري هو شهيد كل لبنان.
علمت باستهداف الرئيس من بطاقات المرافقين ما وقع هذا الاغتيال عليك وأنت من رافق الرئيس الشهيد لسنوات؟
كنت في مكتبي وعلى موعد غداء، ولدى خروجي أخبروني بوقوع انفجار ولم نعرف من المستهدف، ثم اخبرني احد الضباط الذي كان في مكان بعيد عن الانفجار انه سمع انفجارا في المكان الفلاني، ما هي الا دقائق حتى علمت بان الانفجار في المنطقة البحرية، ثم تأكد لنا ان الانفجار هو في منطقة السان جورج لكن دون ان نعلم من المستهدف، فتوجهت الى مكان الانفجار بعد نصف ساعة، والمفارقة، وهذه أقولها للمرة الأولى انه ومن خلال بطاقات الهوية الممزقة أمكنني التعرف على الأشخاص من مرافقي الرئيس الشهيد، لأنني كنت اعرفهم خلال فترة وجودي معه قبل عام 2001، فتأكد لي بعد ذلك ان المستهدف هو الرئيس الحريري وفي تلك اللحظة بكيت وتألمت، وعندما وصل وزير الداخلية سليمان فرنجية وجدني أجهش بالبكاء.
تشويه النتائج
اتهمت الأجهزة الأمنية بتغيير معالم الجريمة وبطمر الحفرة التي أحدثها الانفجار، ما قولك في ذلك؟
من قال انه جرى تغيير معالم الجريمة؟ هذا غير صحيح، كان المطلوب مادة للاستخدام، وبعد المؤتمر الصحافي الذي عقده آنذاك وزراء الداخلية والعدل والإعلام وأكدوا ان الانفجار فوق الأرض وان انتحاريا نفذ الجريمة، كان المطلوب تشويه هذه النتائج ولذلك قالوا جرى تغيير معالم الجريمة والعبث بها، بمعنى آخر ان النتائج التي توصلوا اليها هي نتائج غير صحيحة ويا شعب لبنان لا تصدقوا ولا تسمعوا وان الانفجار تحت الأرض والمنظومة اللبنانية ـ السورية هي التي ارتكبت الجريمة.
فرشة جعجع
ننتقل معك الى التحقيق الدولي، في بداية صدور مذكرة التوقيف ماذا حدث لك؟
في اليوم الأول من التوقيف وأثناء التحقيق الذي استمر منذ الثامنة صباحا حتى منتصف الليل دون وجود محام وخلافا للأصول، سبق ذلك تفتيش منزلي في بلدتي برجا وفي بيروت أيضا وخلافا للأصول من قبل عناصر أجنبية وليس من جهة أمنية لبنانية، وهذا كله يسجل في خانة ارتكابات المحقق الدولي الأول ديتليف ميليس، ففي اليوم الأول قال لي احد محققي ميليس ويدعى روبرتس «حضّر نفسك ستنام على فرشة سمير جعجع»، وهذه هي المرة الأولى التي أبوح بهذا الأمر لـ «الأنباء» فأجبته: لم أفهم عليك، ماذا تعني بان أنام على فرشة جعجع، فهل تجري تحقيقا للانتقام لفريق سياسي أو لجهة لبنانية، أم ان التحقيق هو من أجل الحقيقة، حقيقة من اغتال الرئيس الحريري؟ فكرر عليّ القول «حضّر نفسك ستنام على فرشة جعجع»، منذ تلك اللحظة أدركت ان هناك مكائد وان التحقيق لن يكون في الاتجاه الصحيح، لأنه لم تكن لي علاقة بالتحقيق مباشرة، هناك ضباط معنيون بالتحقيق وهم تحت اشراف قاضي التحقيق العسكري ومدير عام قوى الأمن الداخلي ليس شريكا بالتحقيق، ولا له حق الاطلاع عليه لأنه اجراء قضائي يقوم به قاضي التحقيق العسكري ومعه ضباط مكلفون من جميع الأجهزة الأمنية كل حسب الصلاحية المكانية والفنية، انما أمر طبيعي كوني مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي ان يطلعني الضباط المشاركون في التحقيق على مسار التحقيق الذي توصلوا اليه.
كنا مقتنعين منذ اليوم الأول وحسب تقارير خبراء الجيش وقوى الأمن وكانوا سبعة، أكدوا منذ اليوم الأول اي 14 فبراير تاريخ وقوع الجريمة عند الواحدة بعد الظهر وفي حدود الساعة التاسعة ليلا توصلوا الى ان الجريمة ارتكبت بسيارة مفخخة من قبل انتحاري وان الانفجار فوق الأرض، وهذا ما أكده وزير الداخلية في اليوم الثاني في اجتماع مجلس الأمن المركزي وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده ان انتحاريا نفذ الجريمة، أي هناك جهات نعتبرها تقوم بأعمال انتحارية وهي تعتبر نفسها جهادية واستشهادية، فثارت ثائرة فريق سياسي وجنّد فقط اليوم الأول كل ما يملك من وسائل إعلامية وسياسية وفضائيات وإعلام مكتوب ومرئي ومسموع لدحض كل ما توصل اليه الخبراء اللبنانيون، ولسوء الحظ ألف مرة انهم لم يسمحوا للقضاء اللبناني بان يتجه في التحقيق بالاتجاه الصحيح لأن المطلوب كان حرف التحقيق عن مساره الصحيح، وكانت بالنسبة لنا مفاجأة كبيرة واعتبرنا ان هناك أهدافا سياسية لا الحقيقة، حقيقة من اغتال الرئيس الحريري، لذلك قلت للمحقق الدولي عندما قال لي ستنام على فرشة جعجع اذا أكمل التحقيق الدولي بهذه الطريقة أنتم ستدخلون السجن ولست أنا.
شهود لم نرهم
هناك أرشيف وملفات كبيرة تنتظركم وان قرار خروجكم من السجن لا يعني براءتكم.
مقاطعا: في الأصل لا يوجد شيء في ملفاتنا، نحن لم نكن متهمين حتى نكون أبرياء، والبريء من اشتبه به وكان متهما ثم أصبح بريئا، نحن في الأساس أبرياء ولم نكن متهمين والقضاء اللبناني لم يتهمنا ولا القضاء الدولي تجرأ على الاشتباه بنا.
اما بالنسبة للقضاء اللبناني فقد حقق معي ثلاث مرات مع شهود زور لم نرهم ولا حتى القضاء اللبناني شاهدهم، انما كان يقال لنا: قال فلان، مثلا قال محمد زهير الصديق، وأضاف محمد زهير الصديق أين الصديق؟ لم نره، فكيف بشخص لم تشاهدوه وتسألني عنه، لقد جاءوا للواء جميل السيد بـ «أبوكيس»، وبعدما وجدوا ان هذا الأمر سخيف لم يكرروه معنا.
وأضاف: تخيلي طوال هذه الفترة التي هي ثلاث سنوات وثمانية أشهر لم يحقق معنا القضاء إلا ثلاث مرات وبشهود زور مجهولين من قبلنا وحتى لم نرهم.
شاهد آخر اسمه أكرم مراد
لكن لجنة التحقيق الدولية قابلت الضباط الأربعة عشرات المرات.
هذا تدجيل وغير صحيح عندما طلبنا من القضاء اللبناني ان يأخذ موقفا صريحا من شهود الزور أو بإدانتهم وملاحقة من وراءهم، وإلا سنقاضي القضاء اللبناني عندها ماذا فعل؟ أتى بشاهد حقيقي، فمن هذا الشاهد أقول وللتاريخ اسمه أكرم شكيب مراد ووالدته روان عبدالخالق من الجبل، درزي سوري من أم لبنانية محكوم خمس سنوات بجرم التعاطي والاتجار بالمخدرات وقد ادخل السجن في ابريل عام 2004 أي قبل ارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري بسنة، وتم الافراج عنه في ابريل ورغم الادعاء عليه بشهادة الزور قام القضاء اللبناين بتركه حرا!
وماذا قال هذا الشاهد؟
لقد سأله المحقق العدلي قل ما عندك وماذا تعرف عن اللواء (وهنا أكرر قبل عام من ارتكاب الجريمة) أجاب انه كان في عنجر في مكان مجاور لمكان العميد رستم غزالة وكان اللواء علي الحاج عند العميد غزالة وبعد لحظات أتى اللواء آصف شوكت ومعه سيارة «الميتسوبيشي» ودخل للاجتماع ثم أتى شخصان ملتحيان أحدهما يدعى أبوهادي وهنا للتدليل على حزب الله، وأخذا سيارة «الميتسوبيشي» الى الضاحية الجنوبية، فسألني القاضي ما تعليقك على هذا الكلام فأجبته، لا أريد التعليق يا ريس بل تعليقك وانت المحقق والمطلع على تفاصيل التحقيق اللبناني والدولي وعلى تقارير لجنة التحقيق الدولية. فعاد وسألني ما رأيك؟ قلت له اسمع رأيي وأخذت من جيبي ورقة وقلت له هناك تقريران للمحقق ميليس الأول بالمادة كذا.. والثاني بمواد كذا وكذا يقول ان سيارة الميتسوبيشي التي استخدمت في الجريمة سرقت من اليابان من مدينة سينغاهارا في 12 نوفمبر عام 2004 يعني هذا الشخص يدعي انه رأى السيارة قبل ان تسرق من اليابان بعشرة أشهر فكيف يا ريس يصل الى عندك هذا الشخص ولماذا تشويه الحقيقة واللعب بدم الرئيس الحريري وهل الأهداف السياسية أكبر من حقيقة مَن اغتال الرئيس الشهيد.. بعد ذلك خرج الشاهد الزور، وقال لي المحقق العدلي لا علاقة لي بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد، هذه أحد الأجهزة الأمنية في سجن رومية ركبته ولقنته وجندته وأتوا به إلينا.
لم تنصفني
ماذا تقول اليوم للمحكمة بعد قرار اطلاق سراحكم ألم تثبت انها غير مسيسة وعلى عكس اتهامكم لها؟
المحكمة لم تنصفني لأنني بقيت في السجن ثلاث سنوات وثمانية أشهر، والقضاء اللبناني كان يختبئ وراء توصية ميليس والقاضيان برامرتس وبيلمار لم يضعا حدا لهذه التوصية رغم انهما تجاهلاها وتبرآ منها، فأعطيانا كتبا خطية تقول ان الصلاحية تعود حصريا للقضاء اللبناني وانه لا لعلاقة لهما بنا وهذا صحيح وجيد والجيد أيضا ان برامرتس وبيلمار لم يحصرا التحقيق في اتجاه واحد لأهداف سياسية كما فعل ميليس. بل راحا في عدة اتجاهات واخذ التحقيق مجراه الحقيقي، انما تم تقاذفنا بين القضاء اللبناني الذي اختبأ وراء توصية ميليس، ثم عدم الغاء كل من بيلمار وبرامرتس التوصية رغم انهما اعتبرا ان ما أقدم عليه ميليس مخالف للقانون، اذن كان القضاء اللبناني في موقف حرج جدا، والقضاء الدولي أمام مسؤوليات كبيرة، وعند انطلاق المحكمة كان أمام القضاء اللبناني حل من اثنين، إما أخذنا الى المحكمة الدولية ونصبح عبئا عليها وانه مجبر عندئذ ان يأتي بكل شهود الزور وإذا أتى بهم فسيأتي بمن وراءهم ومن خلال التحقيقات من أمنيين وإعلاميين وسياسيين و«المطبخ الأسود» الذي كان يفبرك شهود الزور.
المحكمة أقيمت في الأساس على طريقة ميليس لأهداف سياسية وإذا أخذنا مجرى العمل الذي قام به ميليس افهم انها قامت لأسباب سياسية ولخدمة فريق سياسي، فإذا ذهبنا الى لاهاي وأصبحنا عبئا على المحكمة وذهب جميع الشهود الزور وجرجروا الى المحكمة من وراءهم معنى ذلك ان الأهداف التي قامت عليها المحكمة ما عادت تخدم الفريق السياسي وأصبحت ضده، وتلافيا لهذا الأمر ونظرا للتحولات في المنطقة أخرجونا حتى لا يقعوا في العبء. ولذلك تمكنت المحكمة بالقرار الذي اتخذته بالافراج عن الضباط الأربعة من ان تظهر للرأي العام اللبناني والعربي والدولي انها محكمة تسير بالاتجاه الصحيح نظرا لعدم وجود أدلة وقرائن واننا غير متهمين وغير مشتبه بنا واعتبرت كل الأدلة التي سيقت ضدنا هي أدلة غير موثوقة.
بعد قرار المحكمة بإطلاق سراح الضباط الأربعة، هل مازلت تعتبر المحكمة مسيسة، وما رأيك فيما قاله النائب سعد الحريري ان القرار أعطى مصداقية للمحكمة؟
النائب سعد الحريري يريد الحقيقة وآل الحريري يريدون معرفة الحقيقة أتمنى ألا يسمحوا لمن حولهم ولمن يريد التوظيف السياسي ان يشوه هذه الحقيقة أو يضلل التحقيق أو يزور الوقائع لأهداف سياسية، أطلب منهم ابعاد حقيقة من اغتال الرئيس الحريري عن التوظيف السياسي.
أما بالنسبة لي فاستطيع ان أقول ان التحقيق الدولي مع القاضي بيلمار اتخذ مسارا صحيحا ولو لم ينصفنا بالنسبة الى سنوات السجن وهذا المسار الصحيح أراحنا، لكن لم تجر معنا اللجنة أي تحقيق منذ 3 سنوات أي منذ مايو 2006، لم نخضع للتحقيق الدولي مع بيلمار، أما مع القاضي برامرتس وقد سلمتني لجنة التحقيق السي دي حيث سألني أحد مساعديه متى دخلت المدرسة الحربية فقلت له في عام 1973، وقال لي ومتى تسلمت مديرية قوى الأمن الداخلي فأجبته في نوفمبر عام 2004، فطلب مني ان أحدثه عن هذه المرحلة وحدثته عنها وهي سيرة ذاتية، فطلبت منه ان اذهب الى غرفتي في السجن لأكتب هذه المراحل، حيث في خلال التحقيق مع اللجنة الدولية كنا ننتقل الى منطقة المونتيفردي، فعدت الى غرفتي وكتبتها وتليتها وبعد ان انتهيت سلمني السي دي، ولو يُسمح لنا بتسليمه للإعلام لفعلت لمعرفة السيرة الذاتية، اذن هذا هو التحقيق وفي نهاية الأمر قيل لي هل لديك ما تقوله فأجبته يومذاك أين محمد زهير الصديق، فأنت لم تسألني عنه وهو الذي يسجنني، فردّ علي بالقول «لا علاقة لنا به»، بل أكثر من ذلك قال عنه كلاما كبيرا لا يجوز ان أقوله عبر الإعلام فقلت له كيف لا علاقة لكم به وهو من يسجنني وميليس أصدر توصية بتوقيفنا بناء على إفادته.
سلامة العدالة
هل من خطوة ما ستتخذها بحق القضاء اللبناني أم انك ستسامح كما سيفعل أحد الضباط؟
لا أحد سيسامح، الكل سيسعى الى اتخاذ اجراءات قانونية لا كرمالي ولا لفلان بل من أجل سلامة العدالة في لبنان وتحصين القضاء اللبناني فإذا القاضي ارتكب أو خالف الأصول، لا يعني ذلك ان كل القضاء اللبناني مستهدف.
التوظيف السياسي
كيف نقرأ هذا الاحتضان من قبل حزب الله للضباط الأربعة لدى خروجهم من السجن والذي وصفه البعض بالاستثمار السياسي لملف التحقيق؟
في لبنان تجاذبات سياسية واختلافات انما هناك ثلاث مؤسسات يجب تحصينها أولا الجيش اللبناني وهو محصّن وقوى الأمن الداخلي يجب ان تكون محصنة كما الجيش ولا يجوز ان تكون محسوبة على فريق ضد فريق، والقضاء اللبناني يجب ان يكون محصنا، غيرتنا على البلد تدعونا الى محاسبة المرتكبين حتى لا يكون الاستثناء قاعدة وحتى لا يكون القاضي المرتكب محميا من القضاء السليم.
كنا نتمنى ان نكون خارج التجاذب السياسي، والفريق الذي أقحمنا في السجن تحت عنوان «الاعتبارات السياسية» وهذا الكلام هو لمدعي عام التمييز الذي كان يردد انه لا يمكنني ان أفعل شيئا لاعتبارات سياسية، فمن أقحمني في السجن من الطبيعي ان ينتظر نتائج سياسية.
وان بعض الصحف الخليجية والكويتية وضعت سيناريوهات بعد خمسة أيام من ارتكاب الجريمة تبناها ميليس، باستثناء «الأنباء» التي باتت تصلنا منذ سنتين مع الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، بمسعى من الصليب الأحمر الدولي، وقد كانت تعبر عن رأي حر، حتى لو كان ضدنا.