واشنطن ـ أحمد عبدالله
مرة اخرى قدم المبعوث الرئاسي الاميركي الى باكستان وافغانستان ريتشارد هولبروك اعتذارا عن عدم الذهاب الى جلسة كان من المقرر ان يحضرها امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ امس الاول. ويأتي ذلك قبل ايام من وصول الرئيسين الافغاني حامد كرزاي والباكستاني علي آصف زرداري الى واشنطن ووسط تكهنات متواترة عن قرب وقوع انقلاب عسكري في اسلام آباد يطيح بالحكومة الحالية وينصب حاكما عسكريا بقيادة رئيس الاركان الجنرال اشفق كياني.
الحل بمجيء كياني
وكانت صحيفة «واشنطن اندبندت» قد نشرت تقريرا مطلع هذا الشهر كتبه المحلل السياسي المعروف سبنسر آكرمان قال فيه انه من السذاجة توقع ان تغلق ادارة الرئيس باراك اوباما الباب امام هذا الاحتمال - اي احتمال الانقلاب - في ضوء الموقف المتدهور في باكستان. فضلا عن ذلك فان محطة «فوكس نيوز» التلفزيونية الاميركية نقلت عن مصادر لم تذكر هويتها ان قائد المنطقة العسكرية الاميركية الوسطى الجنرال ديڤيد بيترايوس ابلغ مقربين منه بانه يعتقد ان «الحل في باكستان هو الجنرال كياني وانه في حالة سقوط زرداري فان كياني قادر على اعادة الهدوء الى البلاد».
ويضاف الى هذا كله ما نقل عن مسؤول في المخابرات المركزية في حديث مع «واشنطن بوست» من ان اتفاق الحكومة الباكستانية مع طالبان في بعض مناطق وزيرستان يعد «استسلاما» ادى الى زحف المسلحين الى اسلام آباد وهو الامر الذي وصفته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بانه «خطر مميت لباكستان وللعالم». واضاف المسؤول «لا يمكن ان يستمر الوضع على ما هو عليه الآن دون حدوث تهديد حقيقي لامن باكستان والعالم».
بل ان كلينتون زادت على ذلك بقولها اول من امس خلال حضورها حفل تكريم الديبلوماسيين المتقاعدين ان الموقف في باكستان «بات بالغ الصعوبة». واضافت الوزيرة ان التدهور الراهن يرجع الى ان «القيادات المدنية والعسكرية لا تتفق حول اولويات المخاطر التي تواجهها البلاد».
الجنرال بيترايوس يتواجد الآن في واشنطن. وطبقا للمعلومات المتداولة في واشنطن فانه سيبقى حتى لقاء القمة الاميركية ـ الباكستانية ـ الافغانية التي قد يشارك فيها الجنرال كياني ضمن الوفد الباكستاني المرافق للرئيس زرداري.
وحين سألت «الانباء» المسؤول السابق في وزارة الدفاع مارك بيري خلال حضوره مؤتمر العلاقات السعودية ـ الاميركية الاسبوع الماضي عن تداعيات الموقف في باكستان قال انه لا يعرف كيف يمكن ان تتطور الامور واضاف «اذا ما واصلت طالبان تهديدها للنظام فان المعادلة ستتغير. انني اتمنى ان تدرك حكومة زرداري ان الخطر الاول الذي يهددها هو طالبان وان تتصرف على هذا النحو. لا يمكن السماح بتوسع طالبان حتى تمتلك القدرة على اختراق مناطق البنجاب بعد ان احرزت ما احرزته في مناطق الباشتون. ان هناك خطرا حقيقيا يزداد كل يوم».
وعكست كل هذه التصريحات حالة القلق العميق التي تنتاب واشنطن عشية انعقاد القمة الثلاثية. ولكن السؤال المحوري الآن هو: هل ستتمكن تلك القمة من وقف تدهور الوضع في باكستان؟
ما يقال الآن في العاصمة الاميركية هو ان القمة هي قمة تحديد مستقبل حكومة زرداري.
فاي تحرك من القوات المسلحة الباكستانية يجب ان يسبقه استنفاد الفرص مع تلك الحكومة التي يعتقد كثيرون انها غير قادرة على مواجهة طالبان والوضع الامني المتدهور في باكستان.
بل ان تفسير غياب هولبروك عن اجتماع لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس مال الى ان ظهور المبعوث الخاص الذي لا يجيد فن الحديث الهادئ قد يؤدي الى ادلائه بتصريحات مستفزة ضد ما يصفه الاميركيون بالتخبط الواضح في مواقف الحكومة الباكستانية.
مقترحات لوقف زحف طالبان
بعبارة اخرى ستكون هذه القمة مسرحا لتبادل صريح للاراء بين المسؤولين الاميركيين والوفد الباكستاني لاسيما ذلك التخبط المنسوب لسلطات اسلام آباد في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها باكستان.
وثمة خطوات معينة يقترحها الاميركيون على كل من باكستان وافغانستان لمواجهة زحف طالبان.
فضلا عن رغبة الرئيس اوباما في اطلاع الرئيسين على ان الامور لا ينبغي ان تمضي «كالمعتاد» اذ ان هذا الزحف يقلق واشنطن بأكثر مما يتصور كثيرون.
فبينما كانت المشكلة هي تواجد طالبان والقاعدة في افغانستان فانها اصبحت الآن تواجدهما في باكستان وافغانستان معا.
بيد ان آكرمان يقترح صياغة اخرى للسؤال: هل سيبقى زرداري في السلطة حتى انعقاد القمة؟. وهو في حقيقة الامر سؤال رمزي ان جاز التعبير يعبر عن قرب لحظة «تغير المعادلة» في باكستان.