يشكل تأمين مياه الشرب هاجسا، ويثير تساؤلات حول كيفية إمكانية تأمين مياه الشرب لـ 30 مليون بحسب توقعات الإحصائيات في العام 2025، ومن المؤكد أنه ليس مبكرا دق ناقوس الخطر على اعتبار أن حالة التقنين في مياه الشرب تصل لأكثر من 15 ساعة يوميا، وعدد السكان لم يتجاوز بعد الـ 20 مليون نسمة.
ويشكل العجز اليومي في دمشق 130 ألف متر مكعب. وهذا العجز كما يرى المعنيون يمكن تجاوزه من خلال التقنين ومكافحة الهدر.
يقول مدير عام مياه دمشق موفق خلوف: «تعتمد دمشق على مصادر عديدة، أهمها نبع الفيجة وآبار مدينة دمشق وآبار رديفة، وهناك مصادر أخرى مثل جديدة يابوس والسومرية».
إلا أن ما يثير القلق أن هذه المصادر قد لا تكون كافية أو متناسبة مع زيادة السكان لاسيما في دمشق، وبالتالي فإن هذا يتطلب توفير المزيد من المصادر.
لكن لخلوف رأي آخر إذ يقول «كانت حاجة دمشق عام 1999 نحو 720 ألف متر مكعب من المياه، أما الآن فإن الحاجة لا تزيد على 560 ألف متر مكعب، رغم الزيادة في عدد السكان. وهذا التراجع في الحاجة إلى المياه جاء من خلال عدة إجراءات قامت بها المؤسسة، مثل تبديل الشبكات، وتعميم الوصلات النظامية على المواطنين، وتعميق ثقافة ترشيد المياه التي تعتبر من أهم الإجراءات، أما خبير المياه المهندس معن داود فيرى في دراسة أعدها حول التحديات المائية لسورية «لا تعاني سورية من سوء إدارة الموارد عموما وضعف استثمارها المكثف وحسب، بل من محدوديتها وندرتها، ومن تآكلها بفعل سوء إدارتها المؤسسية وافتقادها إلى معايير الإدارة التنموية المتكاملة للموارد عموما وللموارد الطبيعية والبيئية خصوصا، لاسيما المحدودة منها وغير المتجددة (مياه، طاقة، أراض). لذا تصبح محدودية الموارد، المترافقة مع التغيرات المناخية المتوقعة بفعل الاحتباس الحراري، والتي تزيد من محدودية الموارد، بالترافق مع سوء الإدارة الناجم عن قلة الفرص وانخفاض السوية المعرفية بصيرورة وتطور الواقع، هذه كلها مجتمعة العامل الأول المحدد لتدهور التنمية البشرية في مناطق الجمهورية العربية السورية كافة.
وفي الدراسة التي أعدها داود يؤكد أنه يمكن استشراف الموازنة المائية الوطنية في سورية بالاستناد إلى المعايير المبينة سابقا، وحساب الاستخدامات المختلفة لعدد السكان عند معدلات نمو سكاني وسطية متوقعة حتى عام 2025 تبلغ 2.03%، وذلك لاحتمال موارد مائية لسنة جافة تقابل احتمال ورود 75% كما هو مقر حكوميا عند التخطيط للزراعات المروية (باعتبار الزراعة المستهلك الأكبر للمياه)، كما تم تثبيت المساحات المروية المزروعة عند سقف المساحات الممكن استثمارها مروية لتلبية حاجة السكان عند الشروط السابقة، والبالغة نحو 1600 ألف هكتار.
وفق هذه الشروط، تكون الموازنة المائية الوطنية المتوقعة للعام 2006 لاحتمال واردات مائية تقابل احتمال 75%، في حالة عجز تقدر بـ 2544 مليون م3، ما يزيد بنحو 750 مليون م3 عنه لسنة متوسطة الموارد. أما وضع الموازنة المتوقعة عام 2025 عند استمرار الوضع الراهن لكفاءة استخدامات المياه، فهو حالة عجز تقدر بـ 4210 ملايين م3، ويكون وضع الموازنة الوطنية عند تطوير كفاءة استخدامات المياه (75% في القطاع الزراعي، 80% في قطاع الشرب والتزويد المديني). وعند عدم إمكانية الاستفادة من حصتنا من مياه نهر دجلة تكون الموازنة المائية في حالة عجز يقدر بـ 473 مليون م3. أما عند الاستفادة من مياه هذا النهر، وفق الحصة المتفق عليها في الاتفاق المؤقت مع الجمهورية العراقية، تكون الموازنة المائية الوطنية المتوقعة في حالة وفرة تقدر بـ 777 مليون م3.
الزراعة والحاجة الماسة
لكن ماذا عن الزراعة التي تشكل المستهلك الأكبر للمياه؟ يقول (مدير مكتب الشؤون الزراعية في اتحاد الفلاحين) موفق الشعار: «المعلومات المتوافرة والإحصاءات توضح أن الجفاف يهدد مساحات كبيرة من الأراضي، تشكل نحو 60% من المساحة الإجمالية. وأهم المناطق المتأثرة والمهددة هي المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من سورية، والتي تتراوح معدلات أمطارها بين 100 و250 مم سنويا»، مشيرا إلى أن «الدراسات تؤكد أن ربع سكان سورية أو أكثر قليلا يعيشون في المناطق المعرضة للجفاف والتصحر بشكل مباشر».
ويضيف الشعار: «الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن قيمة الإنتاج الضائع من المساحات التي خرجت من الاستثمار خلال السنوات الأخيرة، تقدر بين 5 و8 مليارات ليرة سنويا. ولعل أهم آثار الجفاف تكمن في توقف الفلاحين وسكان المناطق المتأثرة بالجفاف عن ممارسة عملهم ونشاطهم في الزراعة وهجرتهم إلى المدن المجاورة والمدن الكبيرة. وأخطر النتائج الاقتصادية للجفاف انعكاسه على موضوع الأمن الغذائي الوطني الذي تبنته سورية».
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )