وسط انتقادات حادة من الفلسطينيين واليهود على حد سواء، تابع بابا الڤاتيكان بنديكتوس السادس عشر «حجه المسيحي» الى الاراضي المقدسة امس بزيارة للحرم القدسي ودعا من هناك الى تجاوز نزاعات الماضي وخلافاته، في وقت أدان مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين «العدوان الاسرائيلي» على الشعب الفلسطيني.
وقال بنديكتوس السادس عشر «في عالم تمزقه الانقسامات، يكون هذا المكان بمثابة حافز يضع الرجال والنساء ذوي النية الطيبة امام تحد يحتم عليهم العمل على تجاوز الخلافات ونزاعات الماضي». داعيا الى «فتح الطريق لحوار صادق يهدف الى بناء عالم من العدالة والسلام للاجيال المقبلة».
واضاف «ابتهل الى الله ان يجلب السلام ويبارك كل الشعوب الحبيبة بهذه المنطقة»، مشددا على ضرورة العمل «للعيش في روح من الانسجام والتعاون».
واصبح بنديكتوس السادس عشر امس، اول بابا يدخل مسجد قبة الصخرة في الحرم القدسي. وقد خلع حذاءه قبل ان يدخل المسجد. من جهته، دعا مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين البابا بنديكتوس السادس عشر الى «لعب دور فاعل» لوقف «العدوان الاسرائيلي» على الفلسطينيين.
وقال مفتي القدس «اننا في هذه البلاد التي غاب عنها الامن والسلام جراء الاحتلال الاسرائيلي نصبو الى يوم الحرية ونهاية الاحتلال وحصول شعبنا على حقوقه المشروعة ومنها اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها».
واضاف «نتطلع لدور قداستكم الفاعل في وقف العدوان المستمر على ابناء شعبنا وارضنا ومقدساتنا في القدس وغزة والضفة الغربية».
كما دعا المفتي البابا الى «تمكين المسلمين والمسيحيين من الوصول الى اماكنهم المقدسة في مدينة القدس لاداء شعائرهم التعبدية في المسجد الاقصى المبارك وكنيسة القيامة حيث تحرمهم السلطات الاسرائيلية من هذه الرغبة الاكيدة لديهم». واكد ان «الشعب الفلسطيني يفتقر للامان ولابسط الحقوق بفعل ممارسات الاحتلال الاسرائيلي في القدس وفي سائر الاراضي الفلسطينية المحتلة».
البراق
وبعد قبة الصخرة، صلى بابا الڤاتيكان أمام حائط البراق الذي يطلق عليه المحتلون حائط المبكى في القدس المحتلة، ووقف البابا امام حائط البراق بضع دقائق بعدما وضع ورقة في احد شقوق الجدار، عملا بالتقاليد اليهودية داعيا الله الى نشر السلام. وبموازاة الحفاوة الرسمية التي حظيت بها زيارة بنديكت السادس عشر الى الاراضي المحتلة، قوبلت الرحلة بانتقادات واسعة بين الفلسطينيين واليهود على حد سواء، حيث ندد مسيحيو غزة بزيارته للنصب التذكاري لضحايا ما يسمى بالمحرقة النازية الهولوكوست وتجاهله لضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة.
في المقابل، أبرزت الصحف الإسرائيلية امس وجود غضب في إسرائيل بسبب عدم اعتذار البابا عن المحرقة إبان الحكم النازي لألمانيا خلال خطابه في متحف المحرقة في القدس الغربية أمس الاول. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين قوله «لقد جئت على خيمة «أذكر» في متحف يد فشيم ليس فقط للاستماع إلى أوصاف تاريخية أو إلى حقيقة حدوث المحرقة وإنما جئت كيهودي يطالب بسماع طلب بالاعتذار والصفح من أولئك الذين تسببوا بكارثتنا وبينهم الألمان والكنيسة لكن لأسفي فإني لم أسمع شيئا من هذا القبيل». كذلك قال رئيس متحف «يد فشيم» الحاخام الرئيسي السابق لإسرائيل مائير لاو إن «مجرد زيارة البابا وخطابه يستحق التقدير لكن خطابه تضمن إهدار فرصة تاريخية وينقصني التعبير عن المشاركة في الألم والأسى» على ضحايا المحرقة.
تنديد يهودي
وفي اطار التنديد اليهودي بالبابا ايضا، قاطع غالبية مجلس الحاخامين الرئيسيين لليهود الغربيين والشرقيين في إسرائيل زيارته لاكبر كنيس يهودي في القدس احتجاجا على عدم تقديمه اعتذارا عن المحرقة ودور الكنيسة فيها، حيث أكد البابا خلال الزيارة التزام الڤاتيكان بسلام كامل ودائم لا رجوع عنه بين المسيحية واليهودية.
وقال بنديكت للحاخامين يونا ميتسغر وشلومو عمار «إنني أقف هنا وأوضح أن الڤاتيكان ملتزم بصورة كاملة بالهدف الذي تم الاعلان عنه وهو سلام كامل ودائم بين المسيحية واليهودية».
وأضاف البابا أنه «توجد أخلاق يهودية وأخلاق مسيحية وعلى كل منهما التعاون من دون إلغاء الفروق».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه خلال اللقاء المغلق وقبل المؤتمر الصحافي الذي عقده البابا مع الحاخامين تطرق ميتسغر إلى لقاء البابا مع رجال دين أمس الاول وطالبه رئيس المحكمة الشرعية الفلسطينية الشيخ تيسير التميمي خلاله بالتنديد بأعمال القتل التي مارستها إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الحرب على غزة.
لكن ميتسغر قال «اننا لم نفاجأ من سلوك ممثل الإسلام الذي نواجهه لدى إقدامنا على دفع حوار بين الديانات».
من ناحيته حضر الحاخام شلومو عمار اللقاء مع البابا وهو يتقلد سلسلة على شكل لوحة الوصايا العشر وذلك بموجب نصيحة الزعيم الروحي لحزب «شاس» الحاخام عوفاديا يوسف ضد تقلد البابا سلسلة فيها صليب.وتظاهرت مجموعة من المستوطنين المتطرفين خارج مقر الحاخامية ورفعوا لافتات كتب عليها «أيها البابا أعد الكتب المقدسة» التي يدعون أنه تمت سرقتها من هيكل سليمان قبل ألفي عام وموجودة في أقبية الڤاتيكان.