بيروت ـ عمر حبنجر
في غمرة انشغال اللبنانيين بالمعركة الانتخابية التي طغت عليها امس تداعيات خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، اوقفت قوى الجيش اللبناني فجر امس مشتبها جديدا بتعامله مع اسرائيل في بلدة سعدنايل في البقاع (شرق)، ما اثار رد فعل لدى عدد من سكان المنطقة الذين عمدوا الى قطع الطريق الدولية بين بيروت ودمشق.
واوضحت مصادر عسكرية ان الجيش اوقف زياد الحمصي في منزله في سعدنايل على خلفية التحقيقات الجارية في شبكات التجسس الاسرائيلية، مشيرا الى ان «بعض السكان لم يفهموا سبب التوقيف والتبس عليهم الامر فقاموا برد فعل».
وقطع المحتجون الطريق الدولية التي تربط بين بيروت ودمشق في منطقة سعدنايل بالخيام وكراسي البلاستيك والاطارات ورفضوا الانسحاب قبل الافراج عن الحمصي، رافضين ان توجه اليه تهمة «التعامل».
الا ان مصادر عسكرية أكدت ان الجيش نجح في معالجة الوضع بالحسنى وتمكن من فتح الطريق مجددا واستعادة السيطرة على الوضع بعد ان تفهم السكان حيثيات اعتقال الحمصي.
وقد نقل تلفزيون «ا ن بي ان» عن مصادر أمنية أن الجيش عثر عند الموقوف الحمصي على أجهزة اسرائيلية ذات تقنية متطورة وشبكة اتصالات موصولة بالأقمار الاصطناعية وكان زياد الحمصي رئيسا لبلدية سعدنايل سابقا ونائب رئيس بلدية حاليا، ويصدر مجلة محلية عنوانها «الارادة».
وقال محاميه خالد الشحيمي في تصريحات بثتها «المؤسسة اللبنانية للارسال» (ال بي سي) ان الحمصي «كادر في تيار المستقبل».
الا ان مسؤولا في التيار قال ان «التيار لا يتدخل في هذه المسألة التي هي امنية بحتة ومتروكة للقضاء المختص». نافيا ان يكون الحمصي احد كوادره.
وبالعودة الى خطاب نصرالله اعتبرت قوى 14 آذار الخطاب مفاجأة سياسية، مرتبطة بالوضع الاقليمي بقدر ما هي مرتبطة بالانتخابات اللبنانية، على ان اللافت ان رد فعل هذه القوى على كلام السيد نصرالله، حافظ على برودته، وخير مثال على ذلك رد النائب وليد جنبلاط الذي قال: ان التشنج، من أينما صدر، لا يفيد والتهدئة يجب ان تبقى فوق كل اعتبار.
تهدئة جنبلاط
وتابع جنبلاط يقول: لست الا مصرا اكثر من اي وقت مضى على التهدئة. في حين اكتفى مصدر في الحكومة بالقول: كلام نصرالله يتحدث عن نفسه، ولا تعليق، وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وصف ما حصل في السابع من مايو الماضي في بيروت وصولا الى الشويفات وبعض مناطق الجبل وما رافقه من صدامات، بانه يوم مجيد، كما دافع عن الثلث المعطل في الحكومة، ونفى النية بتحويل النظام اللبناني من المناصفة بين المسلمين والمسيحيين الى المثالثة، متهما فريق الاكثرية بالتوجه نحو الفدرالية التي اعتبرها من نوع التقسيم المرفوض.
مؤكدا ان الحزب قادر على ادارة بلد اكبر مائة مرة مساحة من العشرة آلاف وخسمائة و40 كيلو مترا، ومتناولا القضاء الذي يحكم على العملاء بالسجن شهرا أو سنة ويطلقهم ليعود بعضهم الى التجسس ويزج بضباط في السجن.
ولم يحجب هذا الخطاب كلام البطريرك الماروني نصرالله صفير من الجامعة الانطونية، الرافض لبدعة وجود الموالاة والمعارضة معا في منصة الحكم.
وفيما ينتظر ان تؤجج كلمات السيد نصرالله المعركة الانتخابية، اعتبر نائب طرابلس عن كتلة المستقبل سمير الجسر في رد فعل اولي ان خطاب الامين العام لحزب الله جزء من التأزيم السياسي المستجد في المنطقة، وتحديدا على مستوى العلاقة بين سورية وأميركا. في حين رأت مصادر الامانة العامة لقوى 14 آذار ان نصرالله عكس في خطابه توترا حيال التوقعات السلبية التي تحيط بالموقف الانتخابي لحليفه العماد ميشال عون، وكذلك حيال ما جرى في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، حين لجأ الرئيس ميشال سليمان الى مبدأ التصويت في مجلس الوزراء.
واستغربت المصادر قول عضو كتلة حزب الله النائب حسن فضل الله من ان المعارضة احبطت «خديعة» كان يُعد لها من خلال التعيينات الادارية. وقالت ان ممثل الحزب في الحكومة دخل في مناقشات حول اسماء من جرى اقتراح تعيينهم، طالبا ابدال اسم باسم آخر.
واعتبرت المصادر ان ما جرى في مجلس الوزراء هو انذار مبكر الى ما يدبر في حال فازت قوى 8 آذار، أي انه «ربط نزاع» مع رئيس الجمهورية في مرحلة ما بعد الانتخابات.
فرنسا على الخط
ويبدو أن باريس تراقب الوضع في لبنان عن كثب بدليل الإعلان الرسمي الذي صدر عن ناطق الخارجية اريك ستيفاله امس، والذي يعتبر الرئيس ميشال سليمان خطا أحمر بمعزل عمن يفوز في الانتخابات.
وترى فرنسا ان سليمان مؤتمن على استقرار لبنان وسلامة مؤسساته، وان مركز الرئاسة اللبنانية خط أحمر ولا يمكن التعرض له وتقويضه، داعية سورية الى اجراء قراءة ايجابية لنتائج الانتخابات المقبلة ايا كانت هذه النتائج.
وقالت المصادر الفرنسية ان حزب الله وحماس يشكلان حاليا حركتي مقاومة كما كانت منظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي، وتساءلت: الى أين يمكن أن تذهب هاتان المنظمتان المتشابهتان ان في غزة او في لبنان، خصوصا بعد حديث نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مؤخرا عن توفير الحزب لكل اوجه الدعم لحماس.
هذه المصادر لاحظت ان دمشق اتخذت منذ مايو 2008 قرارات ايجابية وبناءة مع الغرب مما ساعد على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة وإقامة التبادل الديبلوماسي، ومشاركة سورية في منع وصول مقاتلي القاعدة الى العراق، غير انها منذ يناير توقفت عن تجاوبها مع الاسرة الدولية بحسب المصدر الفرنسي.
تقصير الولاية!
الحديث عن تقصير ولاية الرئيس الذي نفاه العماد ميشال عون جمـــلة وتفصيلا واعتبر قائله «كــــذاب ابن كذاب ابن كذابة»، كان الــــقشة التي قصمت ظهر بعير العلاقات بين بعض قادة المعارضة والرئيس سليمان الذي لم ينجرف مع الحملة مكتفيا باعتبار ما يقال من باب الدعاية الانتخابية.
«الانقلاب على الطائف» موقف تضعه قوى 14 آذار في لبنان في خانة السياسة الايرانية، ولعل أبرز دلائلها إبلاغها الديبلوماسيتين الاسبانية والفرنسية العمل لارساء معادلة جيدة تقوم على المثالثة مقابل السلاح، وذلك قبيل مؤتمر «سان كلو» في فرنسا.
المنسق العام لقوى 14 آذار فارس سعيد، اعتبر خطاب نصرالله ليس خطابا انتخابيا وهو لا يساعد حليفه في الوسط المسيحي «العماد عون»، بل يربكه. واضاف: هذا خطاب له بُعد إقليمي لافتا الى انه هدد الانتخابات العامة كما هدد المجتمع الدولي بإمكان اجراء الانتخابات، وهذا لا يساعد اللبنانيين على دخول صناديق الاقتراع بصورة هادئة، انه فصل من فصول الهجوم على الدولة والقضاء وعلى المؤسسة العسكرية إذا تذكرنا أحداث محلة مار مخايل، وقتل الضابط سامر حنا، وأحداث بعلبك حيث تم تهريب المرتكبين الى سورية ومنها الى تركيا، وحتى الآن سورية لم تسلم المرتكبين، وأخيرا الهجوم على رئاسة الجمهورية بعد الحكومة، لذلك اعتبره فصلا من فصول الانقلاب على الدولة.
الجماعة ترفض الوصاية
في سياق اخر أكد مرشح «الجماعة الإسلامية» عن دائرة طرابلس رامي درغام خلال احتفال أن «فترة الوصاية التي فرضت على المدينة انتهت إلى غير رجعة ولن نسمح لمن يحاول اليوم اختزال المدينة وفرض وجهة نظر واحدة ومصادرة قرارها وتهميشه للإسلاميين فيها ومحاولة اقصائهم عن مركز القرار» داعيا أبناء الفيحاء الى «العمل على ايصال الصوت الإسلامي إلى الندوة البرلمانية ومن يعتبر أن الإسلاميين قوة تجييرية لصالحه واهم».
اضاف:»أما من يتحدثون عن انجازاتهم في السابع من مايو فنقول لهم هم مخطئون لأن مايو كان محطة بشعة في تاريخ لبنان وأشعل الفتنة المذهبية وخصوصا في طرابلس، التي منذ ذلك التاريخ أعادت الى قاموس أبنائها مصطلحات المحاور والمذهبية، فأيار جلب الإهتزازات الأمنية وأجج الروح المذهبية البغيضة بين أبناء المدينة الواحدة».