فـي حـوار تلفزيوني شامل ضمن برنامج «كلام الناس» عبر «المؤسسة اللبنانية للارسال» أطلق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط جملة «مواقف» شكلت في بعضها مفاجأة كونها لا تنسجم مع ظرف الانتخابات ومقتضيات التعبئة السياسية الشعبية لها، وعكست في بعضها الآخر نزعة جنبلاط الى عملية اعادة تموضع بعد الانتخابات يحضر لها المسرح السياسي من الآن.
فقد اعتبر جنبلاط انه تسرع في الضغط لاصدار القرارين في جلسة مجلس الوزراء في 5 مايو والمتعلقين بشبكة اتصالات حزب الله وجهاز امن المطار. وأشار الى ان مدير مخابرات الجيش السابق العميد جورج خوري حذر من أن انعكاسات القرارين من شأنها أن تدخل لبنان في الفوضى.
ووصف جنبلاط القرار 1559 بالقرار اللعين الذي قتل رفيق الحريري، مستنكرا ما نشرته مجلة «دير شبيغل» الالمانية التي تغتال رفيق الحريري مرة اخرى، محذرا من الوضع في المنطقة ومؤكدا أن إسرائيل هي عدونا الوحيد وسنواجهها نحن والمقاومة والدولة. واعتبر ما نشرته المجلة قنبلة نووية بحد ذاته، «وارتباط «دير شبيغل» بإسرائيل معروف، وإسرائيل تريد فتنة سنية شيعية في لبنان»، وقال: كنا نتهم النظام السوري وإذا بـ «دير شبيغل» تضعنا في مواجهة داخلية، وبعض الدول ستحاور إيران، وهنا لعبة الأمم.
وفي مؤشر اضافي الى سياق سياسي خاص يتبعه النائب وليد جنبلاط منفردا ومتمايزا عن أركان 14 آذار، تكشف مصادر قريبة منه انه في اللقاء الذي عقده نائب الرئيس الاميركي جو بايدن مع قيادات 14 آذار حرص على إبلاغه هذه النقاط: شبكات التجسس الاسرائيلية اختراق خطير وتهديد للسلم الأهلي ترسيم الحدود عند مزارع شبعا لا يجري إلا بالتوافق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، ضرورة الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا وقرية الغجر، القرار 1559 لا يطبق إلا بالحوار، ضرورة الاعتراف بنتائج الانتخابات أيا تكن. ووفق مصادر معارضة فان جنبلاط يتجه لمزيد من التغيير في خطابه السياسي بغض النظر عن نتائج الانتخابات النيابية، بحيث تعزو مصادر في المعارضة هذا التغيير وحتى التموضع في المكان الآخر لاعتبارات عديدة قد يكون زعيم المختارة من القلائل الذين ادركوها منذ حوالى السنة. وان جنبلاط بدأ يدرك منذ اشهر عدة، اتجاه المتغيرات العالمية والإقليمية، ومخاطر وصول اليمين المتطرف في اسرائيل الى الحكم ليس فقط على قوى الممانعة بل أيضا على كامل الدول العربية بكل أنظمتها المتعددة الاتجاهات. كما أدرك جنبلاط موازين القوى الجديدة التي استطاعت المقاومة ان تفرضها على معادلة الصراع مع اسرائيل.
جنبلاط بات على يقين بان الدعوة لاستمرار الرهان على الخارج او اللجوء الى مغامرات متلاحقة هي دعوة للانتحار، وهي سياسة اظهرت كل التجارب انها لن تفيد أصحابها. ويضاف الى ذلك ان جنبلاط مدرك تماما لما تخطط له ادارة الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما للانفتاح على دول تعتبرها دولا مساندة للتطرف.
في اعتقاد محللين سياسين فان «جنبلاط ما بعد 7 يونيو سيكون مختلفا عن مرحلة ما قبل 7 يونيو ومحكوما بتطورات لا يمكن القفز فوقها، وقد بدأ جنبلاط التمهيد للمعادلات والأجواء الجديدة بمواقف لا تمت بصلة الى مرحلة السنوات الثلاث الماضية. كما ان قراءة جنبلاط لأحداث المنطقة وسقوط مشروع الشرق الاوسط مع رحيل جورج بوش وقدرة سورية وايران وحماس وحزب الله على الصمود وتجاوزها لأقسى مرحلة كل ذلك أجبر الولايات المتحدة والغرب على إعادة صياغة علاقة جديدة مع هذا المحور ستظهر نتائجها تباعا وأولى بوادرها ستكون على الصعيد الرياضي عبر اقامة مباراة في كرة القدم بين الفريقين الاميركي والايراني في طهران، بالاضافة الى الدور الايراني الجديد في معالجة القضايا الساخنة المحيطة ببحر قزوين واستقرار باكستان وطالبان، كما سيكون لإيران الدور الأساسي في القضاء على ظاهرة القرصنة وقضايا أخرى، أما سورية فعادت اللاعب الأساسي لقضايا المنطقة وتملك مفتاح الحلول لكل الأزمات «بشهادة تركية».