يسعى الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي يصل الشرق الأوسط اليوم الى التقارب مع العالم الاسلامي عبر جعل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل محكومة بحالة «الحب القاسي» على حد قوله.
ومن المقرر ان يصل اوباما الى السعودية اليوم ليجتمع بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليغادرها غدا الى مصر لإلقاء خطاب موجه الى العالم الإسلامي ثم يتوجه أوروبيا لزيارة ألمانيا وفرنسا.
ويحاول اوباما خطب ود العالم الاسلامي للولايات المتحدة التي خاضت حربين في العراق وأفغانستان والتي تقدم الدعم الدائم لاسرائيل على حساب الحقوق العربية.
المسار في المنطقة سلبي
وفي الشأن الاسرائيلي أوضح أوباما في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة الأميركية «إن.بي.آر» أن علاقات الولايات المتحدة الخاصة مع إسرائيل تتطلب بعض «الحب القاسي»، مضيفا أن «من شروط الصديق الجيد أن يكون أمينا. وأعتقد أنه كانت هناك أوقات لم نكن أمناء فيها مثلما ينبغي أن نكون إزاء حقيقة أن المسار الحالي في المنطقة سلبي للغاية ليس فقط بالنسبة للمصالح الإسرائيلية وإنما الأميركية أيضا».
وفي محاولته لاقامة التوازن بين استمرار الدعم الأميركي لاسرائيل والتقارب مع العالم الاسلامي قال اوباما: «لا أعتقد أن علينا أن نغير دعمنا القوي لإسرائيل. ولدينا اعتقاد راسخ أنه من الممكن أن تتمخض المفاوضات (الاسرائيلية ـ الفلسطينية) عن سلام. وأعتقد أن هذا سيتطلب حل الدولتين».
تجميد الاستيطان
وأوضح قائلا أن هذا يتطلب تجميد توسيع المستوطنات الإسرائيلية بما في ذلك النمو الطبيعي لاستيعاب أجيال المستوطنين المتعاقبة، ومن الناحية الفلسطينية يتطلب إحراز تقدم في المجال الأمني وإنهاء «حالة التحريض التي تثير قلق الإسرائيليين الذي يمكن تفهمه».
ومع اصرار الحكومة الاسرائيلية على عدم توقف بناء المستوطنات طالب وزير اسرائيلي مقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الرئيس اوباما بان يلتزم بالتفاهمات بين تل أبيب والادارة الاميركية السابقة حول قضية الاستيطان.
وقال وزير البيئة جلعاد اردان للاذاعة العامة الإسرائيلية «حين يطلب الرئيس الاميركي تجميد الاستيطان فهو يبتعد عن التفاهمات التي ابرمتها اسرائيل مع سلفه جورج بوش».
ويبدو ان اوباما يراهن على الوقت ليحظى بقبول اسرائيل وقف بناء الاستيطان بقوله: «العملية لاتزال في بدايتها. لقد شكلوا حكومتهم (في إسرائيل) فقط منذ نحو شهر».
إعادة المفاوضات لمسارها
وفي مقابلة اخرى مع الـ «بي.بي.سي» أبدى اوباما تفاؤله بإمكانية احداث تقدم على صعيد عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقال إن بلاده «قادرة على المساعدة في اعادة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط إلى مسارها لأن اقامة دولة فلسطينية لا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني فقط بل مصالح الشعب الإسرائيلي لتأمين استقرار الوضع في المنطقة كما أن اقامة دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام يخدم مصالح الولايات المتحدة أيضا».
واضاف: اننا لم نر مؤشرات قوية من دول عربية ومن الفلسطينيين يمكن أن تبدد بعض الجوانب التي تثير قلق إسرائيل لكنني مقتنع أنه في حال تم الالتزام بخارطة الطريق واحترمت إسرائيل التزاماتها ومن ضمنها وقف النشاطات الاستيطانية وامتثل الفلسطينيون لالتزاماتهم في التعامل مع الوضع الأمني وقامت جميع الدول العربية المجاورة من خلال العمل مع اللجنة الرباعية بتشجيع التنمية الاقتصادية والسياسية سيكون بمقدرونا تحقيق تقدم في عملية السلام».
الحريات مبادئ عالمية
وحول اختياره القاهرة لتوجيه خطابه الى العالم الإسلامي، قال اوباما «هناك مسائل تتعلق بحقوق الإنسان ينبغي معالجتها في الشرق الأوسط حيث توجد سلسلة مختلفة من أصناف الحكومات ولا اعتقد أن هناك خلافا حول هذا الجانب والرسالة التي آمل أن أوصلها هي أن الديموقراطية وسلطة القانون وحرية التعبير والحرية الدينية ليست مبادئ غربية يريد أن يفرضها الغرب على دول المنطقة بل مبادئ عالمية يمكن أن يحتضنوها ويتشبثون بها كجزء من هويتهم الوطنية».
واشار الرئيس الأميركي الى أن الخطر في هذا الجانب «حين تعتقد الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى أنها تستطيع بكل بساطة أن تفرض هذه القيم على دولة أخرى لها تاريخ مختلف وثقافة مغايرة».
إغلاق غوانتانامو مهم وصعب
وقال «سنقوم بتشجيع تلك الدول على احترام هذه المبادئ من خلال قيامنا بإجراءات تخدم هذا التوجه ولذلك اعتقد على سبيل المثال أن اغلاق معتقل غوانتانامو ومن وجهة نظري مهم بقدر ما هو صعب لأن جزءا مما نريد اثباته للعالم هو أن هذه المبادئ مهمة حتى عندما تكون صعبة».
واضاف أنه «يريد فتح حوار بين الغرب والعالم الإسلامي للتغلب على سوء الفهم لدى كلا الطرفين ومن خلال الفعل وليس الكلام».
إشادة بمبارك
وتجنب أوباما الرد على سؤال حول ما إذا كان يعتبر الرئيس المصري حسني مبارك حاكما مستبدا لأنه «لا يحبذ اطلاق التوصيفات على الأشخاص» لكنه وصف الرئيس المصري بأنه «قوة للاستقرار والخير في المنطقة وحليف قوي للولايات المتحدة في الكثير من النواحي وحافظ على السلام مع إسرائيل مع أن ذلك يعد أمرا في غاية الصعوبة في الشرق الأوسط».
غير انه قال «كانت هناك انتقادات للطريقة التي تدار من خلالها السياسة في مصر لكن واجب الولايات المتحدة ليس إلقاء المحاضرات على الآخرين في هذا الجانب بل تشجيعهم على احترام ما نعتبرها القيم التي تخدم مصالح الجميع».
حضور المعارضة المصرية
ولن تغيب المعارضة في مصر عن زيارة اوباما حيث بدأت بعض أقطابها في تلقي الدعوات لحضور خطاب الرئيس الأميركي الذي سيوجهه من جامعة القاهرة.
وذكرت صحيفة «الشروق الجديد» أن من بين الذين تلقوا
الدعوات أيمن نور زعيم حزب الغد وكذلك هشام قاسم وإيهاب الخولي ووائل نوارة القيادات بالحزب وكذلك أعضاء مجلس الشعب من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
هذا وقررت جامعة الأزهر تأجيل امتحانات جميع الكليات المقررة غدا نظرا لمشاركة عدد من الطلاب في استقبال أوباما.
كما تقرر تأجيل الامتحانات في اليوم نفسه في جامعة عين شمس.
النووي الإيراني
وفيما يتعلق بمساعي كبح إيران عن حيازة أسلحة نووية قال أوباما للـ «بي.بي.سي» أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو من خلال «الديبلوماسية المباشرة الصارمة».
ورفض الرئيس الاميركي ما يقال عن ان إسرائيل أقنعته بمنح ايران إنذارا نهائيا وقال: «لا أريد وضع جداول زمنية مفتعلة لعملية المفاوضات النووية مع ايران لكننا نريد أن نرى تقدما جديا للأمام بنهاية العام الحالي وسنكون قادرين عندها على أن نحكم ما إذا كان الإيرانيون جادين أم لا».
واضاف «لا توجد ضمانات على أن ترد إيران بطريقة بناءة وهذا يعد جزءا مما سنقوم باختباره في المرحلة المقبلة»، مشددا على أن مفتاح حل الملف النووي الإيراني هو «الشروع في عملية صارمة وذات هدف لا تقتصر على الولايات المتحدة وإيران وتشمل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى جانب ألمانيا وبطريقة بناءة».
أفغانستان
كما تطرق أوباما الى الحرب في افغانستان مبررا تواجد قوات بلاده هناك بالقول أن «سبب تواجدنا في أفغانستان هو بسيط جدا وهو أن 3 آلاف أميركي قتلوا. لقد تعرضنا لهجوم على أرضنا والمنظمة التي نفذت هذه الهجمات تخطط لتنفيذ المزيد».