اثار خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما ردودا متفاوتة في المنطقة والعالم.
واستبق مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي خطاب اوباما بالقول إن الكراهية التي تشعر بها المنطقة تجاه أميركا لا يمكن ان تتغير بمجرد شعارات، بل هناك حاجة الى أن تتغير التصرفات الأميركية.
واضاف خامنئي، في خطاب نقله التلفزيون امس بمناسبة الذكرى العشرين لوفاة سلفه الخميني، «حتى اذا وجهوا خطبا معسولة وجميلة الى الامة الاسلامية، فهذا لن يحدث تغييرا. لن يتغير شيء بالخطب والشعارات».
واتهم خامنئي الولايات المتحدة بـ «العجرفة العالمية» وبالكذب بشأن طموحات طهران النووية.
وقال «الامة الايرانية أعلنت مرارا أنها لا تريد أسلحة نووية. الحصول على أسلحة نووية سيخلق خطرا كبيرا ومشاكل ونحن لا نريدها حتى لو أعطونا مالا».
وارجع خامنئي اسباب كراهية المنطقة لاميركا الى تدخلاتها العسكرية فيها، وقال ان اسرائيل «ورم سرطاني في قلب» العالم الاسلامي.
اليمين الإسرائيلي ينتقد الخطاب
وفيما استدعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اقرب مستشاريه لاعداد رد على خطاب الرئيس الاميركي، تمني ان يكون الخطاب بداية لعلاقات جيدة بين العالمين العربي والاسلامي مع اسرائيل.
من جانبهم انتقد مسؤولون من اليمين الاسرائيلي الخطاب، مشددين بصورة خاصة على ما تضمنه بشأن ضرورة وقف الاستيطان.
وقال وزير العلوم دانيال هيرشكوفيتز من حزب البيت اليهودي متحدثا لوكالة «فرانس برس»: «ان علاقاتنا مع الاميركيين تقوم على الصداقة وليس على الرضوخ. وعلينا ان نقول للاميركيين فيما يتعلق بالنمو الطبيعي في المستوطنات، ان عليهم الا يتخطوا الحدود».
وعلى الرغم من طلب نتنياهو الامتناع في الوقت الحاضر عن التعليق على خطاب اوباما، اسف هيرشكوفيتز لكون الرئيس الاميركي «لم يذكر عدم تخلي الفلسطينيين عن طريق الارهاب».
وقال رئيس حزب البيت اليهودي زيفولون اورليف «هذا الخطاب يبعث لدينا مخاوف من اعادة النظر في التوازن القائم بين الولايات المتحدة واسرائيل».
وقال «لدي انطباع مؤلم اننا ننساق الى تراجع في الالتزامات الاميركية التقليدية حيال امن اسرائيل ومستقبلها واستقلالها».
حماس: الخطاب تجميلي
من جانبها، اعتبرت حركة حماس ان الخطاب «فيه كثير من المتناقضات، وان كان يحمل تغيرا ملموسا في حديثه وفي سياسته».
وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم لوكالة «فرانس برس»: «هذا الخطاب دغدغة للعواطف ومليء بالمجاملات وكان معنيا بشكل كبير جدا بتجميل وجه اميركا امام العالم».
واضاف ان الخطاب «فيه كثيرا من المتناقضات وان كان يحمل تغيرا ملموسا في حديثه وفي تصريحاته وفي سياسته».
وتابع برهوم ان «هذه المتناقضات اتت في اطار انه قال ان حماس مدعومة من الشعب الفلسطيني، وفي اللحظة نفسها لم يتكلم عن احترام شرعية حماس التي جاءت بالاختيار الديموقراطي».
وقال ايضا ان «اوباما اشار في حديثه الى محرقة اليهود التي تسببت فيها النازية»، من دون الاشارة الى حماس والشعب الفلسطيني، «ولم يتكلم عن محرقة غزة التي سببها الاحتلال الاسرائيلي، وهذا اخفاء للعدوان ونتائجه المستمرة على شعبنا الفلسطيني».
واعتبر برهوم ان اوباما «تكلم عن سياسة اميركية جديدة، لكن لم يعتذر عن السياسات الاميركية الخاطئة التي دمرت العراق وافغانستان بل كان مبررا لسياسة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش التي دمرت الشعب الفلسطيني».
السلطة الفلسطينية: بداية جيدة
الى ذلك، رحبت السلطة الفلسطينية بالخطاب ووصفته بأنه «بداية جيدة».
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابوردينة لوكالة «فرانس برس» ان «خطاب اوباما صريح وواضح وهو خطوة سياسية متقدمة وبداية صحيحة يجب البناء عليها فورا».
واذ اعتبر ان «حديثه عن معاناة الفلسطينيين رسالة يجب ان تفهمها اسرائيل جيدا»، اكد ان «الامر يتطلب الآن ان تلتزم اسرائيل بوقف الاستيطان».
واضاف ابوردينة ان «الوقت حان لبناء الدولة الفلسطينية على ارض الواقع والقدس الشرقية عاصمة لها».
وبالتزامن مع القاء الخطاب تظاهر مئات الفلسطينيين في قرية بلعين في الضفة الغربية مطالبين الرئيس الاميركي بالضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان.
وحمل المتظاهرون الذين مثلوا لجان مواجهة الجدار في مختلف الاراضي الفلسطينية وموظفون من وزارة الزراعة لافتة ضخمة كتب عليها بالانجليزية «اوباما انظر 42 عاما من الاحتلال».
وقال منسق لجنة مواجهة الجدار في قرية بلعين عبدالله ابورحمة لوكالة «فرانس برس» ان «الهدف من هذه التظاهرة هو توجيه رسالة الى اوباما للضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان». واضاف لن يكون هناك سلام في ظل استمرار الاستيطان وعلى الادارة الاميركية ان تضغط على اسرائيل لوقفه. وتواجه المشاركون في التظاهرة مع الجيش الاسرائيلي بالقرب من الجدار الفاصل، حيث اصيب شاب بطلقة مطاطية في رأسه نقل على اثرها الى المستشفى.
عراقيا، وصف نائب مسيحي الخطاب بأنه «خطاب ايجابي وشامل».
وقال النائب يونادم كنا لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «الحقيقة، جميع النقاط التي جاءت في خطاب الرئيس الأميركي كانت ايجابية وشاملة وتدعو إلى تواصل الحوار بين الشعوب وتدعو إلى تحقيق الأمن والاستقرار في العالم».
وأضاف «نحن نرحب بدعوة الرئيس الأميركي بالانسحاب من العراق وفق التوقيتات المتفق عليها في إطار الاتفاقية الأمنية».
سولانا: تدشين صفحة جديدة
اوروبيا، اعتبر الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان خطاب اوباما «سيدشن صفحة جديدة في العلاقات مع العالم العربي والاسلامي» وفي تسوية نزاعات الشرق الاوسط. وقال سولانا ـ في تصريحات صحافية في بروكسل ـ «لقد كان خطابا مميزا وهو خطاب سيدشن بالتأكيد صفحة جديدة في العلاقات مع العالم العربي والاسلامي وبالنسبة للمشاكل التي نشهدها في الكثير من المواقع في المنطقة، كما آمل».
علاقات عامة
من جانبه قال الرجل الثاني في جماعة الاخوان المسلمين ان الخطاب الذي ألقاه الرئيس الاميركي باراك اوباما بالقاهرة محاولا اصلاح العلاقات مع العالم الاسلامي هو «خطاب علاقات عامة».
وقال محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين: «كافة ما ورد في الخطاب هو عبارات فضفاضة لم تحدد مفهوم الإرهاب وهل المقاومة دفاعا عن الأرض وضد الاحتلال تدخل في نطاق الإرهاب»؟!
فرنسا مرتاحة
بدورها، اثنت فرنسا على الخطاب معتبرة انه ينطوي على اعلان «مهم» سواء على الصعيد «الرمزي» او على الصعيد «السياسي».
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية اريك شوفالييه «هذا الخطاب سيشكل محطة مهمة وهو ينطوي على بعد رمزي انما كذلك على بعد سياسي بالغ الاهمية».
وتابع «انه يصور الولايات المتحدة الاميركية منفتحة كليا على الحوار والتسامح والاحترام المتبادل ويرفض كل ما يمكن ان يثير توترا بين الثقافات والحضارات».