في الوقت الذي رفض فيه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد التشكيك في الانتخابات التي عبر الشعب الايراني من خلالها عن موقفه بحرية، تقدم امس المرشح الخاسر مير حسين موسوي بطعن رسمي في نتائج الانتخابات الرئاسية الى مجلس صيانة الدستور مطالبا بالغاء النتائج بسبب «المخالفات» التي تخللت الانتخابات، داعيا انصاره الى مواصلة الاحتجاج السلمي.
وعلى الارض، تجددت الصدامات امس بين المتظاهرين المؤيدين لموسوي والشرطة في طهران واعلنت الشرطة الايرانية اعتقال 170 شخصا على الأقل على خلفية أعمال الشغب التي اندلعت اول من امس اثر إعلان فوز احمدي نجاد في الانتخابات، بينهم 70 «منظما ومنسقا» على الأقل، ونفت الشرطة الإيرانية في الوقت نفسه وضع موسوي رهن الإقامة الجبرية.
وقال نجاد في مؤتمره الصحافي الاول بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية امام الآلاف من انصاره الذين رفعوا الأعلام الايرانية وبحضور الصحافيين الأجانب والمحليين ان «احتجاجات البعض امر طبيعي لأنهم قاموا بالدعاية لأنفسهم وقالوا انهم سيحصلون على الأصوات، الأمر الذي لم يحصل، لذلك فإن من الطبيعي ان ينزعجوا».
وحول احتمال تعرض بلاده لأي هجوم خارجي أكد الرئيس الإيراني أنه: «لا يجرؤ أحد على مجرد التفكير في الهجوم على إيران ولا أحد لديه القدرة على ذلك، ولا نتوقع مطلقا أن يرتكب أحد حماقة الهجوم على إيران ولا يوجد داع للقلق».
كما أكد أحمدي نجاد أن «الحديث عن الملف النووي الإيراني أصبح من الماضي وموقف طهران ثابت ولن يتغير».
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران في المرحلة المقبلة قال الرئيس الإيراني: ندرس حاليا مواقف دول العالم من نتائج الانتخابات ونقيم سلوك هذه الدول إزاء إيران، هناك قضايا مهمة في العالم يجب أن تعالج عبر الاحترام المتبادل، ونحن على استعداد لتكريس جميع قدراتنا لتحقيق السلم والأمن على أساس العدالة».
وعن علاقة إيران مع الدول العربية أكد نجاد ان ايران ليس لها مطامع في أراض غير أراضيها قائلا: «علاقاتنا مع الدول العربية جيدة وهناك أمور مع بعض الدول ناتجة عن التدخلات الأجنبية».
وكشف أحمدي نجاد عن عزمه حضور قمة عدم الانحياز التي تستضيفها مصر «ما لم يحدث طارئ»، موضحا «حاولت إخراج العلاقات مع مصر خلال السنوات الماضية من دائرة التدخل الأجنبي وسعيت إلى زيارة مصر في السنوات الماضية».
ودافع الرئيس الإيراني عن الانتخابات، قائلا: «النظام الانتخابي في إيران يتسم بالدقة، والشعب نفسه راقب الانتخابات، أعداء الشعب الإيراني منزعجون من تمكن الناخبين من التعبير عن إرادتهم».
وقال: «من لديه أدلة تعزز شكوكه في الانتخابات الرئاسية فعليه التقدم بها للمؤسسات القانونية».
وأوضح أحمدي نجاد أنه بعد 30 عاما من قيام الجمهورية الإسلامية أضحى «هناك تأثير شعبي أعمق وأوسع في الحياة السياسية في إيران مما كان عليه الوضع سابقا».
وأشاد أحمدي نجاد بالشعب الإيراني، مؤكدا أنه «بمنأى عن الألاعيب السياسية».
وشدد الرئيس الإيراني على أن «هناك من يريدون الوقوف أمام تقدم إيران غير أن الشعب الإيراني سيتصدى لهذه المحاولات».
وقال: «الشعب الإيراني تعرض أثناء الانتخابات لحرب نفسية للتشكيك في إنجازاته». وأضاف: «ننشد السلام والعدالة والاحترام المتبادل ولن يرضخ الشعب الإيراني لإملاءات أحادية الجانب».
احتجاجات وإقامة جبرية
يأتي هذا بينما لاتزال شوارع العاصمة طهران تواجه احتجاجات عنيفة ينظمها الآلاف من أنصار مير حسين موسوي مرشح الرئاسة الخاسر.
في الوقت نفسه نفت الشرطة الإيرانية امس وضع موسوي رهن الإقامة الجبرية، ونقلت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) نفي نائب قائد الشرطة أحمد رضان الشديد للتقارير التي أشارت إلى وضع موسوي وزوجته زهرة قيد الإقامة الجبرية لتجنب المزيد من الاضطرابات في طهران.
وقال شهود عيان انه على الرغم من السيطرة الأمنية المشددة الا ان هناك انتشارا غير منتظم للمتظاهرين امس في عدد من مناطق طهران حيث يردد أنصار موسوي «الموت للديكتاتور» «ونريد أصواتنا».
وقد أسفرت المواجهات التي استمرت على مدار الليلة قبل الماضية في العاصمة عن جرح عدد من الأشخاص فضلا عن التقارير التي أشارت إلى اعتقال 100 شخص.
وذكر تقرير هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) امس أن الشرطة اعتقلت نحو 100 من أنصار المعارضة والمنتمين لمرشح الرئاسة الخاسر مير حسين موسوي وأشار التقرير إلى أن ابن الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي من بين المعتقلين.
وأضاف تقرير محطة بي.بي.سي ان الاعتقالات تمت في ساعة متأخرة من مساء أمس الاول بعد موجة من الاحتجاجات العنيفة في شوارع طهران ضد عمليات تزوير الانتخابات وهو الأمر الذي أدى إلى مصادمات عنيفة مع الشرطة التي استخدمت الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة.
واشنطن ولندن
وتباينت ردود الأفعال حول نتائج الانتخابات الإيرانية فبينما صرح نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بأنه هناك «شكوك جادة» في نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أدت الى فوز الرئيس محمود احمدي نجاد، ستقوم الولايات المتحدة بالتدقيق فيها قبل التعليق عليها، أكد ديڤيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني أن المزاعم الخاصة بوقوع تزوير في الانتخابات الرئاسية في إيران تخص السلطات الإيرانية، وأضاف ميليباند في سياق تعليقه على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية أن أولويته هي أن تنخرط إيران مع المجتمع الدولي لاسيما بشأن طموحاتها النووية.
وقال ان بلاده تابعت باهتمام وإعجاب المناقشات والشغف الذي بدا في حملة الانتخابات الإيرانية كما تابعت النتائج المعلنة من جانب اللجنة الانتخابية الإيرانية، مشيرا إلى أن وزارته علمت بما أبداه اثنان من المرشحين في الانتخابات من قلق بشأن «مخالفات» في عملية فرز أصوات الناخبين.
وشدد على ان بحث مثل هذه المسألة يقع في اختصاص السلطات الإيرانية وأن بلاده ستتابع تطورات الموقف.
وكانت عدة مئات من خصوم النظام الإيراني قد تظاهروا خارج مقر السفارة الإيرانية في لندن أمس الاول احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وكان الاتحاد الأوربي قد أبدى مخاوفه بشأن حدوث بعض المخالفات المزعومة لكن مسؤوليه أعربوا عن أملهم في استئناف الحوار مع طهران بشأن برنامجها النووي المختلف عليه والذي تصر إيران على أنه مخصص للاستخدامات المدنية فحسب.