أخذت الاحتجاجات على فوز محمود احمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية منحى تصعيديا امس مع تحدي مئات الآلاف من أنصار المرشح المهزوم مير حسين موسوي لقرار حظر التظاهر، ونزولهم الى شوارع طهران للتنديد بخسارته بالتزامن مع تقارير نسبت إلى مصادر في وزارة الداخلية الإيرانية تأكيدها أن المرشح الإصلاحي موسوي كان قد حصل على حوالي 21 مليون صوت من اصل 37 مليونا أدلوا بأصواتهم.
وقالت مصادر إصلاحية ان وزارة الداخلية زورت النتائج عبر برمجيات الحاسوب بطريقة توزع الأصوات في كل مرحلة طبقا للأصوات التي أدلى بها المقترعون دون ان تزور بطاقات الاقتراع.
وفيما طالب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي بإعادة الانتخابات، أعلن موسوي الذي شارك والمرشح مهدي كروبي في التظاهرات، انه مستعد للمشاركة في انتخابات جديدة.
التحقيق في شأن التزوير
الأجواء المتوترة استدعت تدخل المرشد الأعلى للثورة الاسلامية على خامنئي مطالبا بالتحقيق في شأن مزاعم حول حدوث تزوير في نتائج الانتخابات، داعيا المرشح المهزوم مير حسين موسوي الى مواصلة احتجاجه على نتائج الانتخابات بالطرق القانونية.
وقال المرشد الاعلى مخاطبا موسوي في لقاء بينهما امس الاول «يجدر بك ملاحقة المسألة بالطرق القانونية»، في اشارة الى تقديم موسوي امس الاول طعنا رسميا الى مجلس صيانة الدستور طالبا الغاء نتائج الانتخابات.
من جانبه أعلن الرئيس المنتخب، محمود أحمدي نجاد، تأجيل زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو.
واكدت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» أن الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، أجل زيارته التي كانت مقررة إلى روسيا امس لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تتمتع فيها إيران بصفة مراقب، ولقاء الرئيس الروسي دميتري مدڤيديڤ.
احتجاجات عنيفة
في هذه الاثناء تحدى المتظاهرون الإيرانيون امس القرار الحكومي بـ «عدم شرعية» التظاهر وايضا لم يعبأوا لتحميل وزارة الداخلية الإيرانية موسوي العواقب إذا مضى قدما في تنظيم تجمع حاشد في طهران وأخذوا في التجمع في احتجاجات مستمرة لليوم الثالث على التوالي.
وسير مئات الآلاف من أنصار المرشح المهزوم موسوي مسيرة احتجاجية في العاصمة «طهران» وقعت خلالها اشتباكات مع أنصار أحمدي نجاد، ووقعت خلال الاشتباكات العديد من الاصابات وسقط قتيل واحد.
من جانبها أكدت زوجة موسوي لوكالة فرانس برس انهم «ماضون حتى النهاية».
وكان موسوي دعا الى تظاهرة امس غير ان وزارة الداخلية حظرتها فأعلن المرشح في بادئ الامر الغاء دعوته الى التظاهر، قبل ان يوضح موقع حملته الالكتروني انه سيشارك فيها الى جانب مهدي كروبي المرشح الاصلاحي للانتخابات الرئاسية، من اجل الدعوة الى الهدوء.
تقارير التزوير
مازاد من اشتعال الأجواء انتشار تقارير تستند إلى مصادر في وزارة الداخلية الإيرانية تحدثت عن أن المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي كان قد حصل على حوالي 21 مليونا من اجمالي أصوات المقترعين الإيرانيين الـ37 مليون صوت خلال الانتخابات الرئاسية العاشرة التي فاز فيها رسميا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
ونسبت مصادر إصلاحية إلى عاملين في لجنة فرز الأصوات في وزارة الداخلية الإيرانية بأن رئيس الوزراء الإيراني السابق هو الفائز الحقيقي في الانتخابات الأخيرة. وقال المصدر إن كل الإحصائيات التي نشرتها الوزارة والتي تظهر فوز أحمدي نجاد «ملفقة ومعدة مسبقا».
وأوضح أنه عندما بدأت لجنة الانتخابات بفرز الاصوات لم يصلها في تلك الساعة من مساء الجمعة 12 الجاري إلا بعض الصناديق التي كانت تحتوي على حوالي 500 الف من أصوات المقترعين فقط، لذا ما أعلنه كامران دانشجو (المتحدث باسم الداخلية الإيرانية) لا علاقة له بنتائج فرز الأصوات حتى تلك الساعة.
واتهم المصدر الحكومي الوزارة بتزوير النتائج عبر برمجيات الحاسوب بطريقة تتوزع الأصوات في كل مرحلة طبقا للأصوات التي أدلى بها المقترعون في مراكز التصويت لإضفاء الواقعية على التزوير.
مضيفا أن الوزارة لم تزور بطاقات الانتخاب لكنها زورت النتائج، واوضح بان محضر فرز أغلبية الأصوات التي أدلى بها المقترعون موجودة في لجنة صيانة الأصوات، وأن الأصوات الحقيقية التي حصل عليها احمدي نجاد توجد في صناديقها الأصلية ومن الصعوبة بمكان التلاعب فيها.
وحسب التقرير الذي تم تسريبه فإن عدد الأصوات الحقيقية تظهر حصول مير حسين موسوي على 21 مليونا من الأصوات أي بنسبة 57% من المجموع الإجمالي مقابل 10 ملايين صوت للرئيس نجاد بما يعادل 28% من الأصوات.
وأكد التقرير حصول محسن رضائي على نحو ثلاثة ملايين صوت وأقلهم كان الشيخ مهدي كروبي على 2 مليون صوت فقط.
وذكر التقرير ان عدد المشاركين في الانتخابات بلغ 37 مليون شخص، وأن عدد الأصوات الباطلة بلغت 600 ألف صوت.
ويفيد هذا المصدر بأن موظفين في الداخلية الإيرانية كانوا قد اتصلوا بالإصلاحيين بعد إطلاعهم على النتائج الأولية فأبلغوهم بحتمية فوز ميرحسين موسوي حسب المعطيات الملموسة الأمر الذي دفع الرئيس السابق محمد خاتمي أن يستعجل ويهنئ موسوي بالفوز قبل الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية.
والأمر اثار استغراب الجميع، وشكك في النتائج، فوز أحمدي نجاد في مساقط رؤوس المنافسين الآخرين، وهي مناطق تسودها صلات قومية وقبلية. فعلى سبيل المثال حصل نجاد، طبقا للأرقام الرسمية التي نشرتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، حصل على 830 صوتا من مجموع 900 صوت في قرية «لالي»، حيث مسقط رأس المرشح المحافظ الجنرال محسن رضائي.
وتقطن القرية فرع قبيلة «جهار لنج» الورية البختيارية المعروفة بتعصبها القبلي وتمسكها بصلات الدم والقرابة، وحسب الإحصائية حصل المرشحون الثلاثة الآخرون بما فيهم محسن رضائي نفسه على 70 من الأصوات فقط، وتكرر نفس المشهد في مسقط رأس موسوي الآذربيجاني التركي، وكروبي اللوري.
وما زاد الشكوك أيضا السرعة التي أعلنت بها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية مساء الجمعة فوز الرئيس أحمدي نجاد، بعيد اعلان مير حسين موسوي المنافس الأبرز لأحمدي نجاد فوزه. ثم أعلنت وزارة الداخلية بعدها وبسرعة مدهشة نتائج تشير الى فوز ساحق للمحافظ المتشدد أحمدي نجاد بنسبة (62.6%) على المحافظ المعتدل موسوي بنسبة (33.7%).
اما عن ردود الافعال الدولية على نتائج الانتخابات فلم تهدأ امس حيث دعا ديبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إلى التحقيق في مزاعم حدوث تزوير في نتائج الانتخابات الإيرانية، إلا أنهم شددوا على أنهم يسعون إلى علاقات أفضل مع الجمهورية الإسلامية.
ردود فعل دولية
في نفس السياق استدعت كل من باريس وبرلين السفير الايراني لديهما للتساؤل عن مزاعم تزوير النتائج الرئاسية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية انها استدعت امس السفير الايراني لبيان مخاوفها بشأن نتيجة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس المتشدد محمود احمدي نجاد.
من جانبها استدعت برلين سفير ايران في المانيا بسبب عنف الشرطة بعد الانتخابات التي ادت الى اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد كما اعلن وزير الخارجية فرنك فالتر شتاينماير للتلفزيون العام.
وقال الوزير الالماني انه «اعطى تعليمات لكي يحضر سفير ايران الى وزارة الخارجية امس، واعتبر شتاينماير انه «من غير المقبول قطعا» استخدام العنف من قبل الشرطة بعد تظاهرات انصار مير حسين موسوي المرشح الرئاسي الذي اعترض على قانونية اعادة انتخاب احمدي نجاد.