عواصم ـ احمد عبدالله - خديجة حمودة
تباينت ردود الفعل الدولية والداخلية على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو، حيث اعتبر آهارون ديڤيد ميلر عضو فريق مفاوضات السلام في الشرق الاوسط خلال ادارة الرئيس بيل كلينتون ان خطاب نتنياهو «تضمن تنازلا مشروطا لادارة الرئيس اوباما».
وأضاف ميلر في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان الخطاب «لم يتضمن اي اختراق حقيقي يمكن اعتباره سببا للتفاؤل بقرب بدء محادثات سلام لها معنى بين الفلسطينيين واسرائيل».
وقال ميلر «هناك حدود لامكانية ضغط واشنطن على نتنياهو كما ان هناك حدودا لرفض الحكومة الاسرائيلية لسياسة الادارة الاميركية. وبين هذين الخطين تنحصر الآن الحركة المتوقعة للاتصالات الديبلوماسية المقبلة».
واضاف ميلر «سيأتي وزير الخارجية الاسرائيلية افيدغور ليبرمان الى واشنطن الاسبوع المقبل واعتقد ان الادارة ستكون قد درست عند ذلك خطاب رئيس الوزراء بصورة كاملة واعدت ردها. ولا أتوقع شخصيا ان يكون هناك مواجهة علنية بين الجانبين بعد الآن اذ أرى مؤشرات تدعو الى الاعتقاد ان الادارة ستميل الى الاتصالات الديبلوماسية غير المعلنة لابلاغ نتنياهو بما تعتقده».
وبعد اعلان البيت الابيض ترحيبا متحفظا بخطاب نتنياهو الذي وصفه بانه «خطوة الى الامام» قال ابراهام فوكسمان رئيس منظمة مكافحة التشويه التي تعد المنظمة اليهودية الاكبر حجما في الولايات المتحدة ان الخطاب «تضمن قبولا لمبدأ الدولتين واعتقد ان هذا يقدم اطارا مناسبا لاستئناف عملية السلام في الشرق الاوسط ويؤسس لتجاوز التوتر في العلاقات الاميركية ـ الاسرائيلية».
تعقيد الموقف
من جهته، اعتبر الرئيس المصري حسني مبارك امس ان الدعوة للاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية» تجهض فرص التوصل الى السلام في المنطقة مجددا رفضه تعديل مبادرة السلام العربية.
وأكد مبارك خلال لقاء بوحدات القوات الخاصة بالجيش المصري أنه أوضح خلال مشاوراته الاخيرة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة أن الدعوة «للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية تزيد من تعقيد الموقف وتجهض فرص السلام وأن الدعوة لتعديل المبادرة العربية لإسقاط حق العودة لن تجد من يتجاوب معها في مصر أو غيرها».
وأضاف «لقد أكدت للرئيس أوباما أن حل أزمات العالمين العربي والإسلامي يمر بالقدس لقد أكدت له ولرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ضرورة العودة لمفاوضات الوضع النهائي من حيث توقفت من دون إبطاء».
تباين إسرائيلي
في المقابل، انقسم المجتمع السياسي الإسرائيلي حول خطاب نتنياهو اذ أصدر الرئيس شيمون بيريز، أحد صانعي عملية السلام مع الفلسطينيين، بيانا عقب خطاب نتنياهو واصفا إياه بأنه «حقيقي وشجاع».
وقال بيريز إن تصريحات نتنياهو «مهمة جدا فيما يتعلق بتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وتشكل بداية لمفاوضات مباشرة تجاه سلام إقليمي وسلام ثنائي بين إسرائيل والفلسطينيين».
بدوره قال وزير الخارجية الإسرائيلي اليميني أفيغدور ليبرمان إن خطاب رئيس وزرائه اتسم بالتوازن بين السعى إلى تحقيق السلام والحفاظ على الأمن.
ونقل راديو «إسرائيل» عن ليبرمان قوله «إن خطاب نتنياهو دمج بين ما أسماه حق الشعب اليهودي بالعيش في دولته وبين رغبته في السلام»، زاعما أن «الخطاب فتح الباب على مصراعيه أمام الفلسطينيين والعرب للتفاوض حول السلام»، إلا أنه على الجانب الآخر كان زعماء المستوطنين أقل سعادة بتصريحات نتنياهو.
ونقلت إذاعة إسرائيل عن مجلس المستوطنين قوله: «من يعلم أفضل من نتنياهو أنه حتى دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ستصبح في نهاية المطاف مسلحة وتشكل تهديدا لوجود إسرائيل نفسه». ولم يقتصر التنديد على المستوطنين بل ترددت أصوات ساخطة في حزب رئيس الوزراء نفسه الليكود، وقال عضو الكنيست الإسرائيلي الجديد داني دانون إن نتنياهو «استسلم للضغط الأميركي» في إشارة لتوقع الولايات المتحدة أن يصدق زعيم إسرائيل علانية على إقامة دولة فلسطينية.
على العكس منهم، قال سياسيون من اليسار والوسط في إسرائيل إنهم سعداء بما سمعوه، وقال وزير الرعاية الاجتماعية آيزاك هيرتزوغ، من حزب العمل المنتمي ليسار الوسط: إن الخطاب قدم إطار عمل للعملية السياسية التي ستتمخض عن دولة فلسطينية بينما تحمي المصالح الحيوية لإسرائيل.
في وقت قال حزب كاديما المنتمي للوسط، والذي كان عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية احد اسباب انفراط الائتلاف بينهما، إنه يعتقد أن إسرائيل اتخذت خطوة في الطريق الصحيح، لكنه أضاف أن الاختبار الحقيقي سيكمن في أفعاله، حيث إنها تتعارض مع تصريحاته.
خطوة
دوليا ايضا، وصف وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خطاب نتنياهو بأنه «خطوة على الطريق الصحيح».
وقال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا امس الاثنين في لوكسمبورغ: «اعتقد أن إقرار حكومة الليكود رسميا بحل الدولتين (الاسرائيلية والفلسطينية) مسألة تسير في الاتجاه الصحيح».
واتفق الكثير من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل على تقييم خطاب نتنياهو بهذا الشكل. الا ان وزير خارجية السويد كارل بيلت اعتبر ان: «نطق نتنياهو للمرة الأولى لكلمة دولة هو خطوة صغيرة نحو الأمام، لا نعرف ما إذا كان ما قاله يمكن اعتباره كتعريف فعلي للدولة، ولكن حقيقة أنه نطق بالكلمة تعد خطوة صغيرة أولى». وقال وكيل وزارة الخارجية الألماني غونتر غلوزر: «أعتقد أن إصداره (نتنياهو) لهذه الاشارة بالأمس هو خطوة أولى مهمة، لايزال أمامنا المزيد من الخطوات».
الا ان الخارجية الروسية اعتبرت أن خطاب نتنياهو وإن كان دليلا على الاستعداد لإجراء الحوار إلا أنه لا يفتح الطريق نحو حل المشكلة الاسرائيلية ـ الفلسطينية.
وقالت الخارجية في بيان امس إنه اشترط للموافقة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية شروطا غير مقبولة للفلسطينين، ومع ذلك فهذه هى المرة الأولى التي يعترف فيها رئيس الوزارة الإسرائيلية بمعادلة دولتين لشعبين كهدف نهائى للتسوية الفلسطينية ـ الإسرائيلية.