بيروت ـ عمر حبنجر ـ منصور شعبان
السبت المقبل هو موعد المشاورات الجدية بشأن انتخاب رئيس مجلس النواب، وخلافا لما يتردد في بعض الاوساط، لا وجود لرفض مطلق للرئيس نبيه بري، بقدر ما ان هناك بعض التحفظات.
وقد ظهر اتجاه لتعزيز هذا الاستحقاق بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، ليس كشرط مسبق لاعادة انتخاب بري، بل كنتيجة طبيعية للتجارب السياسية والبرلمانية التي شهدها مجلس النواب في فترة ولاية هذا المجلس.
ويتوقع اجتماع قادة 14 آذار الاسبوع المقبل حيث سيكون على جدول الاعمال نقطتين: رئاسة المجلس ورئاسة الحكومة.
واذا كان ثمة من يجادل لاعادة انتخاب الرئيس بري لرئاسة المجلس فإن في اتصالات التهنئة من الزعماء العرب وفي الطليعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والزعماء الغربيون بالنائب سعد الحريري اشارة واضحة لرؤية هؤلاء الزعماء لمستقبل رئاسة الحكومة في لبنان.
وحول رئاس المجلس قال النائب عمار حوري (المستقبل) ان افكارا كثيرة يتم تداولها الآن، لكنها افكار شخصية وفردية لأنه حتى هذه اللحظة لم تجتمع قيادات 14 آذار لتتخذ القرار المناسب والنهائي، علما ان هذا لا يمنع من تبادل النقاش في هذا السياق.
الأحد تبدأ ولاية المجلس الجديد
وكرر حوري في تصريح اذاعي ان الامور مرهونة بلقاء قيادات 14 آذار، في موعد قريب، لافتا الى انه يوم السبت المقبل تنتهي ولاية المجلس الحالي، وابتداء من يوم الاحد تبدأ ولاية المجلس الجديد.
وردا على سؤال حول المقايضة المطروحة بين التنازل عن الثلث المعطل، مقابل ضمانات لسلاح حزب الله، قال حوري هذا موضوع غير مطروح وقد تم تداوله نقلا عن زوار وعن مصادر، لا أساس لهذا الموضوع، ونحن ضد حرق المراحل، المحطة الاقرب الآن هي انتخاب رئيس مجلس النواب، والمحطة الثانية تتمثل في تكليف رئيس عتيد لمجلس الوزراء، والمرحلة الثالثة تشكيل الحكومة، والأمور مرهونة بأوقاتها ولا موقف حاسما بعد.
النائب د.فريد الخازن عضو تكتل التغيير والاصلاح تحدث عن اجواء ايجابية بالنسبة للوضع اللبناني ما بعد الانتخابات، لافتا الى ان موضوع الحكومة لم يبحث بتفاصيله بعد والأولوية الآن لانتخاب رئيس المجلس، ومن ثم نصل الى موضوع الحكومة.
الرئيس نبيه بري لم يشأ اضافة زيادات على قرار كتلة التنمية والتحرير بترشيحه لرئاسة مجلس النواب، وقال ان الصورة ستتبلور بشكل اساسي مع بداية ولاية المجلس الجديد اعتبارا من صباح 21 من الشهر الجاري. وكرر موقفه المؤيد لترشيح النائب سعد الحريري لرئاسة الحكومة.
الى ذلك كشف النائب ميشال المر عن ثغرات انتخابية في دائرة المتن الشمالي، وقال ان الارقام الضخمة للناخبين الارمن في منطقة برج حمود لا يمكن ان تكون سليمة استنادا الى اللوائح التي اعدتها وزارة الداخلية.
وسأل المر في مؤتمر صحافي عقده امس: من اين اتت هذه الاصوات الانتخابية؟ وبأي بطاقات انتخبت؟ هل هي بطاقات مزورة ام اسماء ناخبين جرى التلاعب بقيودهم؟
وقدر المر عدد الاصوات المشكوك فيها بما يفوق الاربعة آلاف صوت، وان هذه الكمية من الاصوات لو حسمت من مجموع اصوات الكتلة الفائزة لسقطت وفازت لائحة الانقاذ المتني، وقال ان حزب الطاشناق لم يف بوعده له بانتخابه.
وطالب المر وزارة الداخلية والمجلس الدستوري بإلغاء الارقام المشكوك في صحتها والتي تتجاوز النسبة الطبيعية للارمن.
المر قال انه سيتقدم بالطعون امام المجلس الدستوري ريثما تصبح الملفات جاهزة.
من جهة ثانية، اعلن المر تأييده رئاسة بري لمجلس النواب والحريري لرئاسة الحكومة دون ثلث معطل، لأن هذا الثلث عطل الدولة طيلة سنة.
في شأن آخر، تقدم النائب ميشال المر بشكوى لدى النيابة العامة التمييزية اتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي ضد محطة تلفزيون «او تي ڤي» (التابع للتيار الوطني الحر الذي يترأسه النائب ميشال عون) بشخص رئيس مجلس ادارتها روي هاشم ومديرها المسؤول جان عزيز بجرم التزوير واستعمال المزور والتحريض والحض على النزاع بين عناصر الامة وارفق شكواه بشريطين ومستندات.
كذلك تقدمت مطرانية جبل لبنان للسريان الارثوذكس ممثلة بالمطران جورج صليبا وبصفته الشخصية، بشكوى لدى النيابة العامة التمييزية على الاب الياس يعقوب العكاري وعلى كل من يظهره التحقيق في جرم اختلاس اموال وسرقة اموال الوقف وافتراء ورشوة وتزوير جنائي واستعماله. وتأتي هاتان الشكوتان على خلفية بث محطة «او تي ڤي» شريطا ادعت انه يتضمن مكالمة هاتفية اجراها المر مع الاب عكاري وقالت انها (المكالمة) حملت تهديدات من الاول الى الثاني بسبب تأييد الاخير للائحة التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية الاخيرة.
ردود الفعل على نتنياهو
في هذه الاثناء تتالت امس ردود الفعل المحلية على خطاب رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو فبعد الرئيس ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة اعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان هذا الخطاب شكل صدمة لكل القادة المعتدلين العرب واحبط رهانات البعض على موقف الادارة الاميركية. واضاف ان خطاب نتنياهو يجب ان يعزز خيارات المقاومة وليس التواطؤ عليها او محاصرتها وبالتالي الفلسطينيون مدعوون للخروج من الانقسام والعرب مدعوون للخروج من الاحلام الكاذبة والرهانات السرابية.
جنبلاط: خطاب حربي
وكان رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط وصف خطاب نتنياهو بانه خطاب حربي عطل عمليا كل فرص التسوية بل انه لم يبق سوى اعلان قبول التعازي، ربما في البيت الابيض او في مكان يحدد لاحقا، وهذا ما يفتح المنطقة على مخاطر كبرى قد لا تعرف حدودها.
وشدد جنبلاط على ضرورة الدخول في بحث جدي ومعمق حول الاستراتيجية الدفاعية التي تحمي لبنان وتعزز قدراته الدفاعية، مؤكدا تحصين الساحة الداخلية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، بتمثيل سياسي عريض ومتنوع. بدوره النائب سمير الجسر حذر من المؤامرة التي تحاك لتوطين الفلسطينيين حيث هم، انطلاقا من الخطاب العنصري لرئيس وزراء اسرائيل نتنياهو ودعا العرب للتمسك بالمبادرة العربية للسلام التي اطلقت من بيروت عام 2002، والى التضامن مع الحقوق الفلسطينية.
أخبار وأسرار
فرملة: يرى مصدر مراقب ان الفرملة التي عبرت عنها المعارضة بلسان النائب المنتخب سليمان فرنجية عبر تمسك المعارضة بـ «الثلث الضامن» في مجلس الوزراء، قد تعكس في جانب رئيسي منها ردود الفعل على التطور الايراني الأخير، لكن صدور هذا الموقف عن فرنجية وليس عن أحد قياديي حزب الله مباشرة أو العماد عون، هو أيضا بالون اختبار لتحسين «شروط الشراكة» واختبار لانسجام المعارضة بعد الانتخابات النيابية.
علاقـة تبادلية: ردا عـلـــى سؤال عما إذا كان يعتبر نتيجة الانتخابات اللبنانية مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالحوار السوري الأميركي، قال مسؤول اميركي رفيع المستوى إن ما حصل في لبنان كان «أمرا إيجابيا» يمكن أن يضاف إلى سياق التقارب الأميركي السوري، مشيرا إلى أن لبنان كان «يناقش بتفصيل أكثر في السابق»، موضحا أن «الجانبين عبرا عن قناعتهما بان الانتخابات هي موضوع يتعلق بالشعب اللبناني»، ويلاحظ المسؤول أن ثمة تقدما عموما في بناء علاقة تبادلية بين الجانبين، بينها عودة افتتاح مركز تعليم اللغات الأميركي في دمشق، والموافقة على بناء سفارة أميركية جديدة في سورية.
مفاجأة سارة: كانت الانتخابات في لبنان موضع بحث بين برنار كوشنير وجورج ميتشل، وشكلت نتائج الانتخابات «مفاجأة الأسبوع السارة» لكوشنير، وقال «تحدثنا مطولا حولها مع ميتشل، وهذا يشجعنا على متابعة الحوار مع النظام السوري، وقد لعبت باريس دورا صغيرا في الانتخابات التي كان من المتوقع أن تكون صعبة لكنها جرت في جو هادئ وبنتيجة واضحة».
تحديات أكثرية: أوساط اعلامية قريبة من تيار «المستقبل» ترى «أن الفارق الاساسي بين ما قبل 7 يونيو وما بعده، أن الذرائع التي كان يختبئ خلفها الفريق الاخر قد سقطت، فقد كان يتحدث عن أغلبية وهمية، وعن فوزه في الانتخابات، ولكن النتائج كرست واقعا عزز قوة الاغلبية النيابية». ولكن قيادات 14 آذار تواجه اليوم تحديات توازي بأهميتها مسألة الانفتاح على الفريق الآخر، ولعل أبرزها المحافظة على ثقة شعب 14 آذار، وعدم التفريط بالمنجزات التي تحققت، فالتهدئة مطلوبة، وسياسة اليد الممدودة مطلوبة، ولكن تجربة السنوات الاربع الماضية لم تكن مشجعة، وبالتالي لابد من «الحذر» في مقاربة الاستحقاقات المقبلة، من انتخاب رئيس مجلس النواب، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بثلث معطل أو من دونه.
حكوميات
تفاصيل الحكومة: يقول مصدر في المعارضة ان شيئا عمليا وملموسا حول الحكومة لم يحصل حتى الآن، مرجحا الدخول في هذا الموضوع الاسبوع المقبل على ضوء بلورة اسم رئيس الحكومة المقبل بشكل نهائي. كما ان التفاهم السوري - السعودي لم تتبلور تفاصيله بعد سواء على صعيد شخص رئيس الحكومة الجديدة، او على صعيد تشكيلة هذه الحكومة وترجمة مشاركة المعارضة فيها. وفي رأي المصدر ان المناخ الجديد في العلاقات بين واشنطن ودمشق يساعد في تحسين وتعزيز التقارب السوري - السعودي، وينعكس بالتالي على الساحة اللبنانية، ويساهم في دفع الاطراف فيها نحو التفاهم والتلاقي.
غموض: على رغم أن مسؤولين رسميين كبارا يرجحون أن لا يصطدم تأليف الحكومة الجديدة بعقبات أساسية، ولا تتكرر التجربة التي خبرتها حكومة الوحدة الوطنية فتأخر إبصارها النور 45 يوما بسبب التناحر على الحقائب، فإن الغموض الذي اكتنف، ولايزال، الضمانات التي يطالب بها حزب الله يضع تأليف الحكومة أمام امتحان الشروط والشروط المتبادلة.
رأيان حول رئاسة الحريري: لاحظ ديبلوماسي عربي وجود رأيين لبنانيين مختلفين حول تولي النائب سعد الحريري رئاسة الحكومة:
- بعض الساسة يرى ان الحريري قادر على حمل العبء الحكومي. وحلفاؤه في 14 آذار لن يبدوا معارضة، اذا كانت هذه هي رغبته. ولابد من التذكير بان الراحل رشيد كرامي ترأس الحكومة وعمره 36 سنة 1956 أي في سن متقاربة مع سعد الحريري، وان كانت لكرامي تجربة مسبقة أطول في السياسة.
- بعض الساسة يخشون على هذا الشاب اللامع من ان «يحترق» في المنصب الذي احترق فيه دهاقنة السياسة. هؤلاء يقولون ان ميثاق الطائف ألقى مسؤولية كبيرة على رئيس الحكومة، في مقابل تحييد نسبي لمنصب «صاحب الفخامة».
معظم هؤلاء من خيرة أنصاره «الصامتين» وليسوا من حاشيته «المستعجلة» على ترئيسه. هؤلاء الأنصار يفضلون ان يبقى سعد في هذه المرحلة في الشارع حيث نجح. حيث يواجه تيار «المستقبل» تحديا من تنظيم أقوى وأكثر انضباطا، تنظيم سياسي يتمتع بقيادة ذكية وخطابية، عارفة كيف تخدم طائفتها وفارسيتها.