لندن - عاصم علي والوكالات
ظهرت أول صورة معروفة حتى الآن لمحمد الموازي، أو "الجهادي جون" الذي اعتاد أن ينعى رهائنه في فيديوهات كثيرة ظهر فيها ملثماً يهدد ويتوعد وهم إلى جانبه على مراحل قبل أن يقوم بذبحهم، أو يذبحهم عنه سواه من "دواعش" الرقة في الشمال السوري فيما بعد، والصورة نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وهي حين كان تلميذاً يافعاً في لندن.
محمد الموازي، أو اموازي "هو الوحيد الذي تحمل عائلته هذا الاسم في كل بريطانيا"، طبقاً لما ذكرت صحيفة "الديلي تلغراف" بعددها اليوم الجمعة، مستندة إلى معلومات يبدو أنها استمدتها من دائرة الأحوال الشخصية بوزارة الداخلية البريطانية.
ويعتقد نشطاء بمواقع التواصل أن موزاي، أو اموازي، وربما المعظم أو أهوازي، هو من البدون الكويتيين، إلا أن معلومات نشرتها "العربية.نت" بعد مراجعتها لأكثر من 10 مصادر إعلامية، معظمها بريطاني، أن اسمه محمد الموازي، عمره أقل بأشهر من 27 سنة، وولد في 1988 بالكويت التي هاجر منها بعمر 6 أعوام في 1993 مع أبويه جاسم وغانية، وأعمارهما الآن 51 و47 سنة، إضافة إلى شقيقته أسماء، وهي مهندسة معمارية موظفة حاليا لدى شركة في لندن، حيث ولد فيها 4 أشقاء آخرين.
ويمكن العثور على آخرين من عائلة emwazi في خانات البحث بالإنترنت، لكنهم من عائلته نفسها، ولا يوجد سواهم فيها، ومنهم شقيقه الأصغر، وعمره 21 سنة، كما وشقيقته أسماء.
من البدون أم عراقي ولد في الكويت؟
أما الوحيد الذي ذكرته "العربية.نت" من عائلة اموازي، فيملك حسابا في "فيسبوك"، وهو ليس كويتيا على أي حال، إنما عراقي، ولم يكن اموازي اسم عائلته، بل كان وسطا بين اسمه الأول واسم العائلة. كما اتصلت "العربية.نت" بكويتي من البدون في لندن، فأخبر بأنه يسمع بهذه العائلة "لأول مرة في حياتي" كما قال.
ولم يطرأ جديد من المعلومات عن اموازي الذي يتكلم العربية بطلاقة، سوى أن والده يملك ويدير شركة تاكسي في لندن، إضافة لما تمت معرفته عنه للآن، ومعظمه من صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية التي كانت أول من كشف حقيقته، مع معلومات أضافتها وسائل إعلام بريطانية، ولخصتها "رويترز" ووكالة الصحافة الفرنسية وأسوشييتدبرس، بأنه من أسرة ميسورة في لندن حيث نشأ وتخرج في الجامعة ببرمجة الكمبيوتر، وسافر في 2012 إلى سوريا، حيث "تدعوش" مع التنظيم الإرهابي.
وكانت الحكومة البريطانية رفضت تأكيد أو نفي هوية اموازي، وقالت عبر المتحدثة باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: "لا نؤكد أو ننفي مسائل متعلقة بالاستخبارات" فيما تجنب مسؤولون أمنيون تأكيدها هويته "خشية أن يصعب ذلك إلقاء القبض عليه"، علما بأنهم "غير راضين عن تسريب اسمه". إلا أن عاصم قرشي، مدير قسم الأبحاث في مؤسسة cage الخيرية التي عملت مع الموازي منذ 2009 اعترف أن هناك "أوجه تشابه مدهشة" بينه و"الجهادي جون" كما قال.
"أشعر كأني سجين في لندن"
وكانت "كيج" التي تتولى دعم المعتقلين بتهم تتصل بالإرهاب ذكرت أن الموازي اتصل بها قائلا إنه تعرض لمضايقات من أجهزة الأمن البريطانية بعد أن حاول العودة إلى الكويت عام 2010 ليتزوج ويلتحق بوظيفة، وقال في رسالة كتبها إليها بالبريد الإلكتروني: "أشعر كأني سجين، لا بقفص بل في لندن"، وفق تعبيره.
وذكر اموازي في الرسالة أنه كان يشعر بأنه سجين تتحكم به أجهزة الأمن "التي تمنعني من بدء حياة جديدة في مسقط رأسي وبلدي الكويت". لذلك أنحت "كيغ" باللائمة في تطرفه على مضايقته المزعومة على يد مسؤولين في أجهزة مكافحة الإرهاب، بعد أن اعتقل في تنزانيا مع اثنين من أصدقائه لدى وصولهم في أغسطس 2009 إلى هناك "للقيام برحلة سفاري"، وفق ما زعم.
في تنزانيا قاموا بترحيله إلى أمستردام حيث استجوبه عناصر في وكالة (إم. آي. 5) البريطانية للأمن الداخلي، كما وضابط بالاستخبارات الهولندية اشتباها بأنه كان ينوي السفر إلى الصومال، فأعادوه إلى لندن التي لم يصبر على البقاء فيها أكثر من 3 سنوات، إلى أن ظهر "داعشيا" وقاطعا للرؤوس في سوريا، مهدداً ومتوعدا الأرض ومن عليها.
وكان في وقت سابق قد أكدت تقارير إعلامية غربية أن الأجهزة الأمنية تمكنت من التعرف على هوية منفذ عمليات الذبح التي يعرضها تنظيم «داعش» للرهائن الأجانب، مشيرة إلى أنه يدعى محمد اموازي، وهو من مواليد الكويت، ويحمل الجنسية البريطانية، الأمر الذي رفضت السلطات في بريطانيا التعليق عليه.
وكشفت التقارير عن محاولات الاستخبارات الغربية لتجنيده ومنعه من السفر إلى سورية للقتال دون أن تنجح في ذلك، كما منع من زيارة الكويت عام 2010 وهو ما أثار غضبه كما نقلت صحيفة الغارديان.
ونقلت رويترز عن صحيفة «واشنطن بوست» وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قولهما إن إموازي كان يقطن غرب لندن وهو معروف لدى أجهزة الأمن البريطانية التي لم ترغب في الإفصاح عن هويته لأسباب عملية منذ أن ظهر في التسجيل الأول له، والخاص بذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي في أغسطس الماضي.
ويعتقد أن إموازي، الذي لقبته وسائل الإعلام الغربية بلقب «الجهادي جون» نظرا للكنته البريطانية الواضحة التي كان يستخدمها في إرسال التهديدات، قام أيضا بذبح الصحافي الأميركي ستيفن سوتلوف، والمسعف البريطاني ديفيد هينز، وسائق التاكسي البريطاني آلان هيننغ، والأمريكي عبدالرحمن كاسيغ والذين كانوا ضمن عمال الإغاثة بسورية.
كما ظهر ـ من يعتقد أنه إموازي ـ مؤخرا في تسجيل فيديو خاص بقتل اليابانيين، هارونا ياكاوا وكينجي غوتو. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مقربين منه قولهم إن أسرته تتمتع بظروف معيشية جيدة وكان يدرس هندسة الكمبيوتر في الجامعة، وقد سافر إلى سورية عام 2012 من أجل الالتحاق بداعش.
من جانبها، رفضت الشرطة البريطانية التعليق على صحة تلك التقارير قائلة: «سبق أن طلبنا من وسائل الإعلام عدم التكهن حول تحقيقاتنا بما قد يعرض حياة الناس للخطر. نحن لن نعلق على هوية أحد الآن ولن نقدم أي تفاصيل حول تقدم عملياتنا في ظل عملية مكافحة الإرهاب المستمرة».
وقالت «بي بي سي» بدورها ان هذا المسلح هو محمد إموازي وأن الجهات الأمنية البريطانية كانت على علم به.
واعتبرت انه «شخصية مثيرة» بالنسبة للاستخبارات البريطانية، إم أي 5، منذ عام 2011 على الأقل، لأنه مثل في محاكمات شبه سرية في قضايا ذات صلة بالتشدد خارج الأراضي البريطانية، وفي بريطانيا.
وقد وصف اموازي من قبل بأنه عضو في شبكة تضم 13 شخصا على الأقل من لندن ـ وأن اثنين منهم على الأقل قبض عليهما ثم أطلق سراح أحدهما. وأصبحت فرص عودة إموازي إلى بريطانيا ضئيلة.
ويعتقد أن إموازي على صلة بمشتبه به سابق في بريطانيا، كان قد سافر إلى الصومال في العام 2006، وقيل إنه على صلة ببعض التسهيلات الخاصة بجماعة الشباب الصومالية، وشبكة لتمويلها. بدورها نشرت صحيفة «ذي غارديان» تقريرا عن محاولات الاستخبارات الخارجية تجنيد هذا الشاب، ومضايقتهم له في السفر، قبل مغادرته الأراضي البريطانية إلى سورية للقتال. ونقلت الصحيفة عن المسؤول في لجنة الأمن الداخلي في مجلس العموم البريطاني (البرلمان) السير منزيس كامبل أنها ستستجوب الاستخبارات الداخلية في خصوص محاولاتها تجنيده، لافتا الى وجود تشابه مع محاولاتها تجنيد منفذ الاعتداء ضد الجندي لي ريجبي في لندن عام 2013.
وأعلنت جمعية كيج للحقوق المدنية التي كانت على اتصال باموازي لمدة سنتين بشأن تأكيده انه تعرض لمضايقات أجهزة الأمن البريطانية، ان الرجل «لديه نقاط تشابه كبيرة» مع الجهادي المقنع. كما انه غضب بعد منعه من السفر من لندن الى الكويت عام 2010 بحسب رسائل الكترونية وجهها الى الجمعية.
وكتب في رسالة نشرتها كيج «كانت لدي وظيفة تنتظرني وزواج لانطلق». لكن الآن «اشعر بانني سجين، لكن ليس في قفص، بل في لندن»، على ما اضاف. كما عرف عن نفسه في الرسالة بأنه «شخص أسير وخاضع لسيطرة رجال الأمن، الذين يمنعونني من ان اعيش حياتي في مسقط رأسي وبلدي الكويت». وأفاد عاصم قرشي رئيس الجمعية في بيان بان اموازي «كان يريد بشدة الاستعانة بالنظام لتغيير وضعه، لكن النظام في النهاية رفضه». وتابع ان «هذه القضية ينبغي ان تطلق الأفكار بخصوص سياسات بريطانيا الداخلية والخارجية».
وتساءل «اي تقييمات للمخاطر أجريت، هذا ان أجريت، لسياسة مكافحة الإرهاب البريطانية والدور المحوري الذي تلعبه في دفع أفراد الى التشدد؟». واكد مركز الأبحاث في كينغز كولدج في بيان ان «الكشف عن هوية الجهادي جون بهذا الشكل يثبت انه مهما كانت الجهود المبذولة، فإن التمكن من إخفاء الهوية محدود بل حتى مستحيل، وسيتم بعد فترة الكشف عنها».