دخلت الأزمة الموريتانية مرحلة الحل السياسي بعد ان استقال الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبدالله طواعية، مساء أمس الأول بنواكشوط اثر توقيعه مرسوما يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية مكلفة بالاعداد للانتخابات الرئاسية في 18 يوليو المقبل. الرئيس المخلوع الذي أطيح به في انقلاب عسكري في 6 أغسطس 2008، عاد الى السلطة مؤقتا لتوقيع وثيقة إقالة الحكومة السابقة، والتوقيع على وثيقة تشكيل الحكومة الجديدة، أمام أعضاء المجلس الدستوري وفي حضور الرئيس السنغالي عبدالله واد الذي قاد الوساطة الدولية ثم تقديم استقالته طواعية.
وبعد التوقيع، صفق الحاضرون بحرارة للرئيس في الاحتفال الذي نظم في قصر المؤتمرات في العاصمة الموريتانية في حضور اطراف الأزمة وأعضاء مجموعة الاتصال حول موريتانيا.
واثر توقيع المرسوم قال الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبدالله انه «يتخلى طوعيا عن منصب رئيس الجمهورية» بهدف «تحصين البلاد من مخاطر الحظر الاقتصادي والتمزق السياسي والانفجار الاجتماعي». واضاف في خطاب بثته الاذاعة مباشرة «اغادر كما جئت بقلب خال من كل كراهية تجاه اي كان» ودعا الشعب الموريتاني الى «الوحدة لمنح الامل» للبلاد «من خلال انتخابات شفافة»، واثر ذلك قبل المجلس الدستوري استقالة الرئيس المخلوع.
الرئيس الانتقالي
وبعد الاعلان عن الاستقالة تمهيدا لحل الازمة، أعلن رئيس المجلس الدستوري في موريتانيا القاضي عبدالله ولد أعل سالم، في ساعة مبكرة من صباح امس تولي رئيس مجلس الشيوخ با ممادو امباري مهامه كرئيس للجمهورية بالنيابة. وفي كلمته التي ألقاها بعد خطاب ولد الشيخ عبدالله قال ولد أعل سالم: أشكر كل من قدم تضحية من أجل الوطن والمواطن»، وذكر موقع صحراء ميديا الإخباري أن رئيس المجلس الدستوري أكد أن المجلس سيتخذ «القرارات المناسبة» ليكون المسار السياسي دستوريا وتوافقيا. وشكر ولد أعل سالم الرئيس السنغالي عبدالله واد ومجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا وكل الأطراف السياسية الموريتانية التي قال إنها قدمت المصلحة الوطنية «رغم كل الظروف والعراقيل».
ترحيب دولي
الاصداء الدولية لانتهاء الازمة ترددت سريعا وكانت فرنسا اول المرحبين بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية معتبرة انها تشكل «مرحلة مهمة في عملية الخروج من الازمة».
واضاف بيان الخارجية الفرنسية ان «فرنسا تظل مستعدة لأن تقدم مع شركائها الدوليين دعمها الكامل لاستمرار تطبيق الاتفاق».
على غرار فرنسا، اشادت المفوضية الاوروبية امس في بيان بتشكيل حكومة وحدة وطنية في موريتانيا باعتباره «تقدما اساسيا باتجاه حل الازمة الخطيرة الناجمة عن انقلاب اغسطس 2008».
واضاف البيان ان «المفوضية الاوروبية تشيد بتوقيع رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية المرسوم التطبيقي لاتفاق الحل التوافقي بشأن العودة الى النظام الدستوري». ونقل البيان عن لوي ميشال المفوض الاوروبي للتنمية «اني اشيد بقرار الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي قرر من اجل المصلحة العليا للبلاد وللحد من الانعكاسات السلبية على الشعب الموريتاني، تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وعهد لرئيس مجلس الشيوخ قيادة البلاد اثناء المرحلة الانتقالية».
هذا وكان تشكيل حكومة وحدة بالتساوي من مؤيدي الانقلاب ومعارضيه منصوصا عليه في اتفاق الخروج من الازمة الذي تم التفاوض في شأنه في دكار ووقع في نواكشوط في الرابع من يونيو الجاري، لكنه لم يطبق بسبب الخلافات بين مختلف الاطراف، حيث جاءت استقالة سيدي ولد الشيخ عبدالله بعد ان حصل على قرار من المجلس الاعلى للدولة (المجلس العسكري) ينص على تحوله الى مجلس اعلى للدفاع يهتم فقط بقضايا الدفاع والامن ويخضع لسلطة الحكومة الانتقالية.