بيروت ـ عمر حبنجر
رحلة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تنكبها ثاني اصغر اعضاء نادي رؤساء الحكومات في لبنان النائب سعد الحريري، لن تكون قصيرة بحسب المعطيات الاقليمية ومراياها اللبنانية الداخلية العاكسة، لكن رئيس الحكومة المكلف البالغ من العمر 39 عاما ليس لينا فيعصر ولا قاسيا فيكسر، لهذا اعطى المجال للمشاكسين، معاهدا الناس على ان يعود اليهم بكل صراحة وشفافية حال شعوره بالاقتراب من الطريق المسدود.
وطبعا هذه المهمة الشائكة في ختام بيان عالي الايجابية رسالة مرمزة الى كل من يعنيهم الامر ان المكابرة والعرقلة والتعطيل لن ترهق الرئيس المكلف وحده، فهو مستعد لرمي الكرة في ملاعب الآخرين من خلال دفع الاكثرية لتكليف غيره في اي وقت واللبيب من الاشارة يفهم.
يوم بروتوكولي
واعتبارا من صباح امس، باشر سعد الحريري مهمته الصعبة بالجولة البروتوكولية التقليدية على رؤساء الحكومة السابقين، فزار الرئيس امين الحافظ في مستشفى اوتيل ديو واطمأن على صحته، ثم زار الرئيس رشيد الصلح في منزله فالرئيس سليم الحص الذي تمنى له التوفيق في تشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، ثم العماد ميشال عون في منزله بالرابية بصفته رئيس حكومة سابق، وبعد اللقاء الذي استغرق 45 دقيقة قال: لقد كان اللقاء جيدا، ثم التقى الرئيس عمر كرامي في منزله ببيروت، وبعده الرئيس نجيب ميقاتي وختم جولته بالرئيس فؤاد السنيورة.
وفي سياق الصفحة الجديدة التي فتحها، قرر رئيس الحكومة المكلف الرجوع عن الدعاوى الشخصية التي تقدم بها دفعا للاساءات والاتهامات التي طالت شخصه او خطه السياسي، آملا من جميع المعنيين ترميم ما تصدع والتلاقي في اعادة بناء الاجماع الوطني درءا للمخاطر المحيطة وانتهازا للفرصة السانحة، ولهذه الغاية كلف الرئيس الحريري وكيله المحامي محمد فريد مطر القيام بالاجراءات القانونية اللازمة.
.. وآخر استشاري
هذا واعلنت الامانة العامة لرئاسة مجلس النواب مواعيد الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس الحريري اليوم الاثنين من العاشرة والنصف قبل الظهر حتى التاسعة والدقيقة الخامسة مساء في مجلس النواب.
وتبدأ هذه الاستشارات بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري فالكتل النيابية وتنتهي بالنواب المستقلين.
وستطرح كل كتلة نيابية تصورها للحكومة مع الرئيس المكلف وتستمع الى رأيه وتطلب المشاركة في الحكومة او تترك الامر له او لرئيس الجمهورية.
تراكيب وزارية
وتقول المعارضة ان سعد الحريري يريد الاحتفاظ بالنصف زائد واحد من الوزراء، اي بـ 16 وزيرا مع اعطاء المعارضة عشرة وزراء والاربعة الباقين من حصة رئيس الجمهورية.
وتضيف هذه المصادر ان الحريري عرض هذه الصيغة على السيد حسن نصرالله الذي رفضها بحسب احد نواب حزب الله لـ «الأنباء» الذي تحدث ايضا عن عرض مماثل تلقته دمشق من عاصمة عربية، لكن المسؤولين السوريين اعتبروا ان مثل هذا الطرح ليس مناسبا وبالتالي فإن المسألة شأن اللبنانيين.
غير ان النائب القواتي المطلع انطوان زهرة رجح لـ «الأنباء» ان ترسو صيغة التشكيلة الوزارية على قاعدة 15 وزيرا للاكثرية الجديدة و10 وزراء للاقلية وخمسة وزراء لرئيس الجمهورية، بحيث لا يكون هناك نصف زائد واحد للاكثرية ولا ثلث زائد واحد للاقلية، وبالتالي يتاح للرئيس سليمان ضبط التوازن.
بيد ان مصادر في المعارضة شددت على صيغة 14 وزيرا للاكثرية و10 للاقلية وستة لرئيس الجمهورية الذي يريد ان تغطي حصته في الحكومة جميع الطوائف لا ان يجري حصره في الطوائف المسيحية، لأنه يعكس حالة وطنية لا طائفية على ان الكلمة الاخيرة مازالت في البريد الاقليمي.
نجار: لا حكومة بثلث معطل
واوضح وزير العدل ابراهيم نجار ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيعرض حصة على المعارضة من دون ان يكون لها الثلث المعطل في الحكومة، وهناك صيغ عديدة من بينها انه يجب ان يكون لرئيس الجمهورية صوت وازن من ضمن روحية الطائف.
ولفت، في حديث تلفزيوني، الى ان الحريري رجل سيقدم وبسرعة على تأليف الحكومة، وقد تتوقف امور كثيرة على مناخات اقليمية وهناك دور للرئيس بتدوير الزوايا وايجاد الحلول.
واشار الى ان الحريري قد يرى مع رئيس الجمهورية ما العروض التي يمكن ان تقدم للمعارضة ولا يمكنها رفضها ضمن حدود عدم اعطاء الثلث المعطل وربما من الحلول ان يكون هناك وزراء مرضي عنهم من رئيس الجمهورية والاكثرية والمعارضة.
وقال: المعارضة في قرارة نفسها تعلم انها لا تستطيع المطالبة بالثلث المعطل والسبب انها خسرت الانتخابات، الدوحة اتفاق استثنائي وقد زال من الفاعلية والجدوى الدستورية، الدستور لا ينص على ان الحكومة يجب ان يكون فيها معارضة وهذه بدعة، فليس في الدستور ما ينص على ان اي حكومة يجب ان تضم المعارضة، وانا مقتنع بأن هناك الكثير من المناورات الآن، لكن عندما يحزم امره الرئيس الحريري فإن امورا كثيرة ستتوضح، وانا مع طرح الرئيس نبيه بري عندما قال بلا 8 وبلا 14 آذار، حكومة الوحدة الوطنية تعني ان تتمثل فيها المعارضة من دون الثلث المعطل.
النائب عمار: لن نكون شهود زور
واعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار ان كل ما نريده كمعارضة هو كيفية ترجمة السبل الآيلة الى حماية البلد، فهل يكون ذلك بحكومة اللون الواحد التي يكون فيها تعد على الصيغة اللبنانية؟ وهل هكذا حكومة تستطيع ذلك؟ وهل يكون ذلك بالعودة الى الماضي وتصفية الحسابات؟ خصوصا ان حجم التحديات كبير كما وصفها الرئيس المكلف سعد الحريري.
وفي حديث لقناة «المنار»، قال عمار: على الجميع ان يقتنع بتوصيف الرئيس المكلف على مستوى جسامة المخاطر الداخلية والخارجية وما يرتبه ذلك من الايمان بضرورة العودة الى الوفاق الوطني، واضاف: ان طرح الشراكة الفعلية ليس شرطا انما هو مستلزم دستوري ومتطلب من متطلبات الوحدة الوطنية، وتابع: هناك شبهة ان المعارضة تريد القفز فوق نتائج الانتخابات رغم انها عبرت عن تقبلها ورضاها بنتائج الانتخابات.
وردا على سؤال، اجاب عمار: الاساس بالنسبة لنا هو حكومة وفاق وطني، ويبقى شكلها من حيث ان تمثل كل الاطراف بما يشعر الجميع بالاطمئنان تجاه التحديات، فنحن لا نريد ان نكون في الحكومة شهود زور، ولأكون في الحكومة يجب ان اتحمل مسؤوليتي ولأتحمل المسؤولية يجب ان اكون فاعلا.
ورد النائب عن الجماعة الاسلامية عماد الحوت على مطالبة العماد ميشال عون بالتمثيل النسبي في الحكومة بالقول: تعودنا على أن عون في كل استحقاق حكومي يأتي بشعارات غير دستورية ويريد الباسها الثوب الدستوري، ورأى ان هناك اكثرية واضحة من حقها ان تحكم ومن حق المعارضة ان تشارك ولكن تكون مشاركتها غير مشروطة، واشار الى ان تمثيل العماد عون اليوم في الشارع المسيحي اصبح اقل من تمثيله قبل 4 سنوات، معتبرا انه من حق باقي الكتل المسيحية التي نالت اكثر من نصف اصوات المسيحيين ان تتمثل في الحكومة.
ورأى الحوت، في حديث لـ «اخبار المستقبل»، ان مبدأ عدم توزير من رسب في الانتخابات النيابية هو مبدأ سليم، معتبرا انه من الطبيعي ان يكون الحق في التوزير لمن نجح في الانتخابات.
فضل الله: انسجام المعارضة
من جانبه، اكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله انسجام المعارضة بشكل كامل وتام حيال مقاربة تأليف الحكومة لأن هناك فرقا بين التسمية للتكليف والتي لها حيثياتها واعتباراتها ورد التحيات المتبادلة وبين التأليف الذي تتعامل معه المعارضة وفق متطلبات حاجة البلد على قاعدة فتح صفحة جديدة من التعاون بين الجميع، وهذا مرهون بما سيقدمه الرئيس المكلف من تصورات للحكومة المقبلة.
بدوره، قال عضو كتلة الاصلاح والتغيير النائب آلان عون ان حكومة الوحدة الوطنية تبقى الاضمن للاستقرار وان كتلته اعلنت رغبتها بالتمثيل النسبي لنكون شركاء حقيقيين في القرار.
ومثله النائب نواف الموسوي عضو كتلة الوفاء للمقاومة الذي اكد على الشراكة الفاعلة والحقيقية، واستعداد كتلة الوفاء للمقاومة للتعاون.