يواجه قادة العالم ضغوطا لصياغة سياسة جديدة للتعامل مع إيران عقب انتخابات الرئاسة المثيرة للجدل وقمعها المحتجين، إلا أنه من غير المرجح ان يشددوا العقوبات في وقت قريب.
ويقول خبراء ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يريدان تشجيع التغيير الديموقراطي، لكن سيحاولان ايضا تفادي القيام بأي عمل يسد طريق الحوار مع طهران حين تنتهي الازمة، او يصوره القادة الايرانيون على انه تدخل.
ومن المرجح ان يحجما عن التهديد بعقوبات اشد لقصر مثل هذا التهديد على المحادثات الخاصة بالبرنامج النووي الايراني. وفي جميع الاحوال، من غير المرجح التوصل لاتفاق بشأن عقوبات تجارية نتيجة معارضة الصين وروسيا عضوي مجلس الامن، وربما يتجنبان أيضا تبني سياسة جديدة في الوقت الحالي بينما لايزال الوضع في طهران مائعا.
وقال مهرداد خونساري المحلل في مركز الدراسات العربية والإيرانية في لندن «تغير اسلوب المؤسسة الحاكمة وتغير اسلوب المعارضة. نتعامل مع سيناريو جديد تماما».
وربما فوجئ قادة العالم الذين كانوا يتوقعون فوز رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي في الانتخابات التي جرت في الثاني عشر من الشهر الجاري، واسفرت عن احتلاله المركز الثاني بفارق كبير عن الرئيس محمود احمدي نجاد.
وربما فوجئوا كذلك ايضا بالاحتجاجات التي تلت النتائج واسلوب السلطات في قمعها والقاء القبض على مئات وكشف النقاب عن انقسام شديد وسط الصفوة الحاكمة.
وقالت كلارا اودونيل من مركز الاصلاح الاوروبي في لندن «ما نراه غير تماما الآلية التي كنا نأمل ان ندخل في حوار مع ايران في اطارها».
وتابعت «في الوقت الحالي ما زلنا نشهد ما رأيناه من قبل، احجام من القادة في محاولة لمتابعة ما يحدث ومحاولة ضمان الا ينظر اليهم على انهم يتدخلون في النظام وكي لا يزيدوا الطين بلة بالنسبة للمحتجين».
وانتقد الاتحاد الاوروبي المؤلف من 27 دولة ايران بعنف بسبب الازمة وغالبا ما كان اكثر جرأة من واشنطن التي تحاول التواصل مع ايران في ظل ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما. لكن مثل الولايات المتحدة تحاشى الاتحاد الاوروبي الحديث عن عقوبات جديدة.
وقال رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفيلت المقرر أن تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي «سبب قلقي ان الحديث عن العقوبات والحديث عن خط اكثر تشددا قد يكون البداية لعذر تتذرع به القيادة الايرانية لعدم الانصات لما يقوله الآن الشعب الايراني».
ولا تملك الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وسيلة ضغط تذكر على إيران، مما يحد من خياراتهما لتقتصر على ادانة القمع والدعوة لاحترام الارادة الديموقراطية للجماهير. بالاضافة إلى ذلك، يخشيان ان تسعى روسيا والصين لاستغلال علاقاتهما الطيبة مع السلطات في ايران لخدمة مصالحهما في اللعبة السياسية مع الغرب.
كما يعلم الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ان عليهما اجراء محادثات مع اي من كان في السلطة لوقف البرنامح النووي الذي يخشيان ان يقود لتصنيع قنبلة نووية رغم نفي ايران انها تنوي ذلك.
الرئيس الاميركي باراك اوباما يبدو مترددا في الوقت الحالي في تغيير سياسته التي تشجع على الحوار مع إيران.
ويقول كليمنت تيرم المحلل في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس «لا يريد (الأميركيون) التأثير سلبا على المستقبل ويريدون ان تظل امكانية اجراء حوار مع إيران قائمة حين تنتهي الازمة الداخلية».
وتابع «ثمة فرصة معينة اذا ارادوا حمل ايران على وقف برنامجها النووي وتتضاءل الفرصة طول الفترة التي يتفاقم فيها هذا الوضع».
ولهذا السبب من المرجح ان ترغب واشنطن في الاحتفاظ بتهديد عقوبات جديدة كبطاقة احتياطية، حيث تغطي عقوبات الامم المتحدة ضد إيران حاليا الاسلحة والمواد النووية والسفر وتمويل الافراد والشركات وغيرها من الاجراءات المالية والتجارية.
كما جمد الاتحاد الاوروبي اصول بنك ملي أكبر بنك ايراني وفرض حظرا على تأشيرات الدخول لبعض المسؤولين.
اما الولايات المتحدة فحظرت معظم التعاملات التجارية بين الولايات المتحدة وإيران وتفرض عقوبات على الشركات الاجنبية التي تستثمر أكثر من 20 مليون دولار سنويا في قطاع الطاقة في إيران.
وتتراوح بدائل المزيد من العقوبات بين تشديد حظر السفر على المسؤولين الايرانيين للضغط على شركات النفط الاوروبية للتخلي عن انشطتها في ايران، وفي نهاية المطاف محاولة فرض حظر على امدادات البنزين لايران التي تفتقر لطاقة التكرير رغم كونها من كبريات الدول المصدرة للنفط في العالم.
وخفض الاوروبيون خطوط ائتمان التصدير في تجارتهم مع ايران ويمكن خفضها بشكل اكبر رغم تردد المانيا وايطاليا والنمسا، خاصة حين يواجه مصدرون في بلادهم صعوبات في ظل الازمة الاقتصادية العالمية.
انها مجموعة محدودة من الخيارات وستكون نقطة بداية اصعب للدخول في حوار مع ايران بشأن القضية النووية.