بيروت ـ عمر حبنجر
حركة تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة متوقفة على محطة النوايا الحسنة التي اظهرتها التفاهمات المبدئية بين السعودية وسورية وبالتالي بين فريقي الاكثرية والاقلية في مجلس النواب الجديد.
وتبدو الامور متروكة لما سترسو عليه المشاورات الخارجية والداخلية الصامتة والمقفلة ضد اي تسريب للمعلومات، ما يجعل المعلومات المتداولة اقرب الى القراءة السياسية منها الى الواقع الملموس سوى ما يتردد عن تركيبات ومحاصصات يجري التفاهم عليها. هذا وستتوج التفاهمات السعودية ـ السورية المرتقبة بشأن الوضع اللبناني في القمة التي ستجمع بين الرئيس السوري بشار الاسد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دمشق يوم الاثنين المقبل بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية.
وتقول المصادر في لبنان انه لم يتم التوصل بعد الى ارضية مشتركة من شأنها ان ترسي صيغة مقبولة نهائيا لبدء الخوض في توزيع الحقائب الوزارية. بيد ان مصدرا في المعارضة اعرب عن اعتقاده بان الحكومة ستولد خلال الاسبوعين المقبلين استنادا الى رغبة الرئيس ميشال سليمان في حضور مؤتمر عدم الانحياز بشرم الشيخ يومي 15 و16 الجاري، ما يوجب تشكيل الحكومة قبل هذا الوقت.
وما يشجع على ذلك تقدم حركة التفاهمات العربية وفي طليعتها العلاقات السعودية – السورية، المشار اليها والعلاقات المصرية – السورية التي شقت طريقها الظاهر امس، بحديث وزير الاعلام السوري الى جريدة «الاهرام» المصرية.
وكان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة قد سافر امس الاول الى جدة في زيارة وصفت بأنها عائلية.
5 أو 7 وزراء لرئيس الجمهورية
وضمن آخر ما تردد عن الصيغ المقترحة لتشكيل الحكومة فقد عرضت على الأمانة العامة لقوى 14 آذار التي اجتمعت امس الاول صيغتان تعسكان التفاهم المبدئي بين دمشق والرياض حول لبنان، كما قال عضو في الامانة العامة لقوى 14 آذار لـ «الأنباء».
ويقضي هذا النظام بتسهيل عملية تشكيل الحكومة بحيث لا يكون هناك «ثلث معطل» للمعارضة، انما يحصل الرئيس سليمان على حصة تؤمن له الارجحية الوازنة فيها بما يتراوح بين 5 و7 وزراء وفق معادلتي 15 وزيرا للاكثرية و10 للاقلية و5 للرئيس أو 13 للاكثرية و10 للمعارضة و5 للرئيس او 13 للأكثرية و10 للمعارضة و7 وزراء للرئيس سليمان، الأمر الذي يفقد 14 آذار «النصف زائد واحد» في الحكومة المقبلة، ويفقد المعارضة «الثلث المعطل» على ان الارجحية تبقى للصيغة الأولى.
المزيد من التهدئة مع سورية
ويفترض ان تقضي احدى المعادلتين الى تفاهمات جزئية هادفة للمزيد من التهدئة باتجاه سورية التي تتعهد في المقابل بدفع امور الحكم في لبنان الى الامام وتسهيل اتخاذه قرارات جوهرية قابلة للتطبيق على مستوى الملفات الحساسة.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان الرئيس سليمان سيتولى البحث عن المخارج الضرورية عندما تسنح الظروف، لكنها لفتت الى ان هذا الأمر يبقى خاضعا للنقاش الواسع في القمة السعودية ـ السورية.
الأمانة العامة لـ 14 آذار
ولوحظ ان بيان الأمانة العامة لقوى 14 آذار جاء خاليا من أي اشارة الى العلاقات اللبنانية ـ السورية، من ترسيم الحدود انطلاقا من مزارع شبعا واغلاق المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات وملف المعتقلين اللبنانيين في سورية، نزولا عند رغبة ممثل كتلة المستقبل النيابية، تجنبا منه على تعكير مسار التفاهمات الجارية مع سورية.
لا موقف لحزب الله
وتوقف المجتمعون أمام كون حزب الله لم يعلن موقفا حاسما حيال موضوع تشكيل الحكومة، وفي تقديرهم ان الحزب يجيد لعبة الانتظار الاقليمية.
جعجع: أين أصبحت التضحيات؟
وفي هذا السياق، وجه رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية د.سمير جعجع انتقادات ضمنية الى بعض من ينادون بضرورة ارضاء حلفاء دمشق أو غيرهم، بزيارة دمشق، بعد كل التضحيات التي بذلتها هذه القوى وبعد نجاة الكثيرين من الاغتيال بأعجوبة. وتساءل جعجع قائلا: أين اصبحت التضحيات التي بذلت من اجل لبنان كي يأتي من يدعو الى ضرورة التحاور مع سورية في استحقاق لبناني داخلي ضاربين عرض الحائط كل تضحيات شهدائنا، هذا الى جانب اننا سنفقد المواطن اللبناني في أمله بوطن مستقل على المدى القريب.
لسنا مستعدين للتفريط بنتائج الانتخابات
وشدد جعجع على ان قوى 14 آذار غير مستعدة في التفريط بنتائج الانتخابات، مذكرا بان الفريق الآخر استمر طيلة الأربع سنوات الماضية يطالب باجراء انتخابات مبكرة لا تعتمد قانون غازي كنعان، وكأننا نحن من صنعنا هذا القانون الذي هو قانونهم، وقالوا آنذاك انه بعد الانتخابات فليحكم الفائز، استجبنا لمطالبهم وخضنا الانتخابات في ظل قانون غير قانون غازي كنعان، اتفقنا عليه جميعا وفي وجود حكومة تضم الفريقين وباشراف وزارة داخلية «من افضل ما يكون» وفي وجود رئيس جمهورية «أعدل ما يكون» ولكنهم تجاهلوا كل وعودهم السابقة وبدأوا يطالبون بـ «الشراكة الوطنية والوحدة الوطنية»، مضيفا «فإذا كنا سنسير بهذا المنطلق فلماذا أجرينا الانتخابات؟».
واعتبر «ان الوحدة والشراكة الوطنية تجلت من خلال خوض كل اللبنانيين الانتخابات في ظل قانون ودستور وأنظمة واحدة، لافتا الى ان تنفيذ مطالبهم يسفر عن تعطيل النظام الديموقراطي والحياة السياسية وبالتالي نتائج الانتخابات اذ نصبح في لبنان آخر لا نعرف الى اي مكان يؤدي».