بيروت ـ داود رمال
رغم الضبابية التي تحجب الرؤية عن حقيقة ما يدور من اتصالات ولقاءات في الكواليس لانضاج التشكيلة الحكومية بروح توافقية، فان كل المؤشرات التي تخرج عن المراجع المعنية تحمل في طياتها بوادر ايجابية مشجعة لأن مسألة تشكيل الحكومة العتيدة حتى الآن مازالت ضمن المهل الطبيعية التي تستغرقها تشكيل الحكومات في ظروف طبيعية وعادية جدا، فكيف اذا كانت التشكيلة المرجوة تأتي في اعقاب مخاض سياسي صاخب امتد لسنوات اربع وتحتاج معه النفوس الى الكثير من الهدوء و«تبريد الرؤوس» لاعادة بناء عوامل الثقة بين الافرقاء حسب ما اكد مرجع حكومي سابق لـ «الأنباء» وقد ابدى هذا المرجع تفاؤلا كبيرا باعلان التشكيلة الحكومية، لان من يأخذون بناصية الامور لبنانيا حسموا خيارهم بالوفاق مستندين الى تطورات اقليمية لاسيما العربية منها في ظل الحوار السوري ـ السعودي الذي وضع كل الملفات الخلافية على طاولة النقاش في سبيل البحث عن تسويات لها في اطار تعزيز التضامن العربي لمواجهة الاستحقاقات القائمة لاسيما على صعيد عملية السلام في المنطقة التي تتأرجح بين توجهات الادارة الاميركية الجديدة الايجابية وسلوك المستوى السياسي الاسرائيلي الذي يبشر بكوارث في المنطقة اذا لم يتم لجمه دوليا.
وكشف المرجع ان «الصيغة الانسب لاخراج التشكيلة الحكومية من دائرة المراوحة حول الاعداد والاشكال هي باعتماد الصيغة التي تعبر عما انتهت اليه الانتخابات النيابية من نتائج ثبتت الاكثرية في اكثريتها والاقلية في اقليتها مع ابتداع صيغة يطمئن اليها الطرفان مرجعها رئاسة الجمهورية بحيث تكون هي الضامنة لهما وتؤمن تحريك عجلة الحكم بشكل سليم، اذ لا مانع عندها من ان يكون للمعارضة وزير وديعة عند رئيس الجمهورية وكذلك الموالاة، يلتزمان بتوجهات وخيارات الرئيس في القضايا الخلافية وفق تفاهم مسبق يتعدى مسألة الثلث المعطل او الاكثرية المطلقة في الحكومة».
ويوضح المرجع ان هذه الصيغة التي «يجب ان تحظى بموافقة، الافرقاء الداخليين الاساسيين برعاية رئيس البلاد وبضمانة الراعيين الاقليميين اي سورية والسعودية، تقوم على انه يجب الاتفاق على الامور الاساسية خارج طاولة مجلس الوزراء، والا يتم طرح اي موضوع على جدول مجلس الوزراء ومن ثم على طاولة المجلس مازال موضع خلاف، هذه الصيغة لا تتعارض مع المنطق التوافقي لان الدستور ينص على ان القرارات تتخذ في مجلس الوزراء بالاجماع اي بالتوافق وبالتصويت اذا تعذر الاجماع، والتوافق لتأمين الاجماع عادة يستبق القرار في مجلس الوزراء، فإذا تم تثبيت هذه الصيغة يصبح الحديث عن ثلث ضامن وما شابه مسألة ثانوية جدا طالما ان التوافق المسبق على القرارات الاساسية سيتم خارج مجلس الوزراء لتأمين الاجماع عليها».