بيروت ـ عمر حبنجر
مضى امس الأسبوع الأول على تكليف رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة من دون ظهور بوادر دالة على الاقتراب من انجاز هذه المهمة الشاقة، المتعددة الارتباطات والنوازع.
ومؤكدا ان الامور مرهونة بحصيلة المشاورات الجارية بين دمشق والرياض، وستكون الايام المقبلة اساسية على مستوى حسم الامور، وضمنها القمة السعودية ـ السورية المقررة في دمشق غدا الاثنين والتي ظهرت عقبات سياسية لبنانية كأداء في الطريق اليها تمثلت في اعتذار الرئيس المكلف ومن خلفه قوى 14 آذار عن تلبيته مقترحا بزيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى دمشق قبل تشكيله الحكومة، مع الاستعداد لمثل هذا الامر بعدما يصبح الحريري رئيس حكومة فعلية.
وواكب هذا التطور تشديد سعودي – أميركي - فرنسي على لبنانية الشأن الحكومي، وعلى هذا سيكون هناك اجتماع قريب بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف سعد الحريري الذي سيبادر الى اعداد تشكيلة حكومية وعرضها على الرئيس سليمان وفي ضوء موافقته يمكن عرضها على الفعاليات السياسية والحزبية.
وفي سياقة لبنانية الطبخة الحكومية أكد وزير الثقافة تمام سلام ان الحكومة اللبنانية تتألف عند الرئيس المكلف، بيد انه رأى في التقارب السعودي ـ السوري ما يساعد على الاستقرار في لبنان.
بدورها، المعارضة وعلى رأسها حزب الله قالت ان رفض الاكثرية لفكرة الذهاب مع الرئيس المكلف سعد الحريري الى دمشق، تم بالتنسيق مع السفارة الأميركية في بيروت، وهذا غالبا ما تنسبه وسائل اعلام المعارضة لمعظم مواقف الاكثرية.
وقالت صحيفة «السفير» القريبة من المعارضة ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان استخدم نفوذه اللبناني في الساعات الاخيرة لمنع زيارة الحريري الى دمشق قبل تأليف الحكومة، مشيرا الى ان اتصالاته بعدد من القيادات المسيحية لم تهدأ.
في هذا الوقت أبلغت قيادات الاكثرية الرياض بأنه لا الرئيس المكلف ولا الحلفاء جاهزون لمثل هذه الزيارة قبل تأليف الحكومة، باستثناء وليد جنبلاط.
مطلوب تعهدات من الحريري!
وتقول صحيفة «الأخبار» المعارضة ان مضمون المحادثات السعودية ـ السورية الاخيرة ان الاقتراحات السعودية حول تأليف الحكومة تضمنت تعهدا من الرئيس المكلف سعد الحريري بعدم اللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء على اي ملفات تعد خلافية، وان يجري التشاور في شأنها خارج مجلس الوزراء، وهذا يشمل ملف العلاقات الخارجية للبنان، الى جانب الملفات الاقتصادية، وملف التعيينات في المناصب الاساسية. وكذلك ترك الامور العالقة بين لبنان وسورية الى الاطر المناسبة.
مقابل ان تتعهد سورية بتقديم الدعم الكافي والمطلوب لمعالجة بعض الملفات وخصوصا ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
لكن بعد زيارة الوزير السعودي عبدالعزيز خوجة آتيا من دمشق، غادر الى الرياض حاملا مناخات غير مشجعة، بحسب صحيفة «الاخبار» المطلعة على الاجواء السورية، التي اضافت ان سعد الحريري لحق به الى الرياض ليبلغ القيادة السعودية انه غير قادر على تحمل مثل هذا الخيار لأسباب عدة، بينها انه لا يريد ان يذهب الى سورية قبل تأليف الحكومة، وقد سمع رفضا واضحا من حلفائه المسيحيين، الامر الذي حمل الموفد السعودي على العودة الى دمشق داعيا الى البحث في شكل مختلف وفي اطار مختلف عارضا مجموعة من الافكار تركز على امكان عقد قمة عربية مصغرة تضم لبنان وسورية والسعودية ومصر، في شرم الشيخ ينضم اليها رئيس الحكومة المكلف وقادة لبنانيون، أو تؤجل فكرة التفاهم الكامل اللبناني ـ السوري الى مرحلة لاحقة، وان هذا الامر لم يحظ بقبول الجانب السوري الذي جدد تأكيده انه لم يتدخل في الانتخابات النيابية وهي لم تتدخل في تركيبة الحكومة.
وفي هذا السياق قال النائب حسن فضل الله (حزب الله) ان مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة مرهونة بموقف المعارضة مجتمعة من الصيغ التي نسعى للتوافق عليها.
تعايش من خلال الحوار
اما النائب سليمان فرنجية، رئيس المردة فقد رأى اننا ذاهبون الى التعايش من خلال محاورة قوى 8 آذار لقوى 14 آذار، لافتا الى انه سيكون لكل طرف حصته في الحكومة، وهذا قد يساعد الحكومة، كما قال فرنجية في عشاء لماكينة المردة الانتخابية.
وقال ان الحل الحقيقي هو في التغيير وقلب الامور رأسا على عقب، دون ان يفصح متى وكيف. ومع انكباب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تشكيل الحكومة بتأن وصمت وبعيدا عن الضجيج الإعلامي بما يسهل ولادتها ويمنع استغلال المواقف والاعتراضات من قبل المعرقلين لتعكير الموقف، فإن زوار القصر الجمهوري ينقلون عن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تفاؤله بـ «قرب انجاز التشكيلة الحكومية والتي لن تطول كما حصل مع الرئيس فؤاد السنيورة بحيث يكون السقف الزمني اسبوعين على أبعد تقدير».
إختيار الوزراء
ويضيف هؤلاء لـ «الأنباء» ان الرئيس سليمان ينتظر اتفاق المعارضة والموالاة وعندما يطلع على ما اتفقوا عليه سيكون له رأي في اختيار بعض الوزراء، من دون ان يشير امامهم الى عدد الوزراء الذين سيختارهم، وهو بالتالي «لن يوقع على مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة اذا لم تكن حكومة وحدة وطنية» وهو «متفائل بالعمل مع الرئيس المكلف لأن ابرز المهام في المستقبل والتي سيعملان على انجازها هي تثبيت دعائم الوحدة الوطنية»، كاشفا في هذا المجال عن «إمكانية استئناف المساعي السابقة التي قام بها على خط المصالحة المسيحية ـ المسيحية»، كما ان «الأولوية الآن هي لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية فإن البحث في شكل ومضمون طاولة الحوار ينتظر انجاز التشكيلة الحكومية هذه».