موقف المعارضة
فيما يتعلق بتأليف الحكومة يمكن اختصاره واستنادا الى مصادرها في النقاط التالية:
تجديد وحدة المعارضة، واعتبار الانتخابات النيابية الأخيرة محطة بارزة على صعيد تثبيت التحالف السياسي بين القوى المشكلة للمعارضة، وان تجربة جزين على وجه التحديد لم تترك أي نوع من الآثار المباشرة أو الجانبية على الوحدة السياسية، وبالتالي فإن كل التقديرات بشأن احتمال ابتعاد الرئيس بري ولو قليلا ليست في محلها، والمعارضة ستدخل الحكومة مجتمعة أو لا تشارك مجتمعة.
ان المعارضة، بمعزل عن مراجعتها الذاتية لما آلت اليه نتائج الانتخابات، تقترب من موقف حازم في اتجاه عد اتفاق الدوحة غير قابل للتعديل أو الشطب، وان آلام فريق 14 آذار عن ان الانتخابات النيابية أنهت مفاعيل الاتفاق لا تعدو كونها مناورة سياسية لا يمكن ادراجها على أي طاولة بحث.
ان المعارضة توافقت فيما بينها على ان الثلث الضامن هو شرط أساسي لأي شكل من أشكال المشاركة في الحكومة المقبلة، وان أي صيغة لا توفر للمعارضة هذا الثلث ستكون مرفوضة بإجماع قوى المعارضة، وان البديل سيكون سقفا جديدا وضعه العماد عون الذي أكد مبدأ النسبية في التمثيل الوزاري ربطا بنسبة التمثيل النيابي لفريقي الموالاة والمعارضة. والرهان على احتمال ان تتراجع هذه القوى عن الثلث المعطل ليس في محله لأنها ليست في هذا الوارد.
المعارضة مرتاحة الى سياسة الصمت التي يعتمدها الرئيس المكلف على أساس انها تترك أمامه هامشا كبيرا لاتخاذ الموقف المناسب، ما دام لم يلتزم سوى مواقف توحيدية منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية.
رفض الأكثرية الثلث المعطل (الذي تسميه المعارضة «الضامن») يصب في خانة استفزاز قوى المعارضة مما يثير لدى المعارضة الريبة والتوجس. وهذا الموقف يصب في اطار الشروط المسبقة التي لا تسهل مهمة الرئيس المكلف، ويعني رفض مشاركة المعارضة في حكومة الشراكة والوحدة الوطنية.
لن تكون أمام الرئيس المكلف خيارات كبيرة نتيجة اصرار من قوى 8 آذار على رفض احتمال اعادة الرئيس فؤاد السنيورة الى الواجهة من خلال احتمال اعتذار الرئيس المكلف لعدم رغبته في تلبية مطالب الأقلية، اذ ان هذا الخيار يمكن ان يفتح الباب على وضع غير مستقر لا يمكن أحدا ان يضمن نتائجه، رغم ان الرئيس المكلف لم يصدر عنه أي شيء يشير الى ذلك، بل على النقيض من ذلك. كما ان أحدا لم يثر هذا الاحتمال على نحو جدي في حين ان هناك من يعتبر ان التخلي عن هذه الورقة لم يكن جيدا في الأساس.
ان المعارضة لديها سلة من الأولويات، وهي لا تتضارب ولا تتجزأ، وبالتالي هي لا تقبل بأي نوع من المقايضة التي يعمل بعض أقطاب 14 آذار على تسويقها، مثل القول ان توفير ضمانات لسلاح المقاومة، من شأنه دفع المعارضة الى التخلي عن مطالب أخرى بينها الثلث الضامن.
ان المعارضة تبدي خشية من محاولة وضعها في مواجهة مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وهي بمعزل عن تقويمها لموقف الرئيس سليمان ودوره خلال الانتخابات، ترفض بالتالي أي محاولة لنقل جزء من حصة المعارضة أو تمثيلها الى رئيس الجمهورية، ويبدأ الاعتراض من ان المعارضة لن تقبل بصيغة العشرات الثلاث، علما بأن فريق 14 آذار يرفضها أصلا.