حمّل مستشار الرئيس أمين الجميل سجعان قزي النائب وليد جنبلاط مسؤولية تهديد وحدة 14 آذار، بعدما كان النائب سامي الجميل وصف مواقف جنبلاط بـ «الاستفزازية».
وفي وقت تلقى مواقف جنبلاط انتقادات مسيحيي 14 آذار، خصوصا بعد دعوته الى قيام تجمع اسلامي قوي، يلقى جنبلاط التشجيع من «صديقه اللدود» رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ينقل عنه قوله لزواره: «كنت واثقا من الرهان على وليد جنبلاط»، كذلك قوله ان جنبلاط بات «الثلث المعطل» في قوى 14 آذار، بل راح الى حد القول ممازحا: «يمكنه ان يعيرنا نائبين اذا احتجنا»، وهي اشارة دالة على انتقال جنبلاط من موقع أقام فيه ثلاث سنوات يتأرجح بين العداء لسورية والمعارضة وحزب الله والمجازفة بخيارات تقويض التوازن الداخلي والاقليمي، الى آخر يعطل تماما الدوافع التي أنجبت قوى 14 آذار، وهي القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي أصبح في عهدة المحكمة الدولية.
ويرى مراقبون انه يجب عدم التقليل من الدور الذي يلعبه الرئيس بري في حديثه المتكرر عن إعادة «خلط الأوراق»، هذا الخلط الذي يخدم حزب الله أقله في الفترة المنظورة، في ظل مواقف النائب وليد جنبلاط الذي يخشى من تداعيات المحكمة الدولية على السلم الأهلي، وهو مستعد للتسليم بمعادلة تخوين المحكمة مقابل استمرار التهدئة، أي تخليه عن الحقيقة والعدالة في آن واحد، خلافا لما أعلنه في مرحلة سابقة من أنه يريد الحقيقة من دون العدالة، ما يجعل الأكثرية في هذه الحال أكثرية من 60 نائبا بدلا من 71 بعد خروج كتلة جنبلاط أقله شكلا من تجمع 14 آذار، وعزم هذه الكتلة على التقاطع مع هذا الفريق أو ذاك حسب الموضوع، أي التعاطي بالقطعة لا بالجملة.
وبالتالي فإن تموضع جنبلاط الذي فرضته الاعتبارات الأمنية لا السياسية، أعاد تلقائيا خلط الأوراق على مستوى الحكومة، فلم يعد في إمكان 14 آذار احتساب الحصة الوزارية للزعيم الدرزي في خانتها، وإنما هي حصة متحركة على غرار حصة رئيس الجمهورية، وهذا الوضع المستجد يدفع إلى تسهيل تشكيل الحكومة على قاعدة 15 وزيرا للأكثرية مقابل عشرة وزراء للأقلية وخمسة لرئيس الجمهورية.
وفي قراءة أوساط معارضة فان سياسة الانفتاح الجنبلاطية على كل قوى المعارضة في الاتجاه الذي يتناغم مع السياسة الجديدة واعادة التموضع في مكان آخر للموقع الذي وضع نفسه فيه منذ العام 2005، فرضتها معطيات كثيرة تحدد مصادر متابعة ابرزها بالتالي:
1 - ما تعرض له الحلف الأميركي في المنطقة العربية من نكسات لاسباب عديدة منها صمود قوى الاعتراض على هذا الحلف.
2 - ادراك جنبلاط ان بقاءه في الموقع السياسي الذي كان فيه سيكون له تداعيات سلبية على ما تمثله الطائفة الدرزية من أقلية مذهبية في لبنان والشرق.
3 - معرفة رئيس الحزب الاشتراكي ان امتداد نار الفتنة بين الطوائف الاسلامية والتي كانت تعمل لها اوساط مخابراتية غربية واسرائيلية ستؤدي الى تدفيع الطائفة الدرزية الثمن الأكبر اذا ما حصلت هذه الفتنة، وهذا الامر ادركه جنبلاط بشكل واضح بعد اندلاع احداث السابع من مايو العام 2008.
4 - اكتشافه مدى خطورة المؤامرة التي تعرض لها الفلسطينيون والتي في حال نجاحها لن تقتصر تداعياتها الخطيرة على ضرب حقوق الشعب الفلسطيني وانما ستطول كل الوضع العربي بدءا من لبنان، الذي كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انه من اكثر الدول تأثرا بما يجري في محيطه العربي.
5 - معرفة جنبلاط انه لا مناص من اخراج العلاقة اللبنانية ـ السورية من حالة العداء والتوتير الذي وصلت اليه في السنوات الماضية، الى قاعدة العودة الى اتفاق الطائف وما يتضمنه من اقامة علاقات مميزة معها.
ولكن هناك في مطبخ فريق المعارضة من يقول: لا تراهنوا على أي انشقاق ضمن 14 آذار، يضيف، لقد تجاوزوا صعوبات أكبر من هذه وخرجوا منها سالمين، ويرفض الرهان حتى على كلام وليد جنبلاط، ثم يسأل: ما الفرق بين سمير جعجع وأمين الجميل؟ ألا تسمعون كلام الأخير عن حزب الله، يضيف ان من عرقل زيارة سعد الحريري إلى سورية على رأس وفد من رؤساء الكتل لم يكن مسيحيي 14 آذار، بل «هو وليد جنبلاط»، ويقول معارض آخر ان الحريري «يتلطى» خلف الرفض القواتي ـ الكتائبي.