رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مازال على تفاؤله بأن الحكومة ستشكل قريبا وتحديدا قبل نهاية الشهر الجاري، وهو لا يرى مشكلة أو أزمة في التأليف الذي مازال ضمن «فترة السماح» والمهلة الطبيعية لتشكيل الحكومات في لبنان، هذا «التفاؤل» أثار اهتمام و«فضولية» الأوساط السياسية والشعبية في لبنان لمعرفة المعطيات التي يستند اليها بري والأسباب التي تكون لديه هذه القناعة الراسخة، خصوصا ان الرئيس بري معروف عنه سعة اطلاعه وعلاقاته، وهو لا يطلق كلامه «جزافا أو مجازفا» ومعاكسا أجواء الحذر التي تخيم على الوسط السياسي والديبلوماسي في بيروت. كما لا يمكن تصور ان تفاؤل بري يندرج فقط في سياق تكتيك سياسي وتفاوضي لإظهار ايجابية المعارضة ووضع كرة الحكومة والمسؤولية في ملعب الأكثرية والرئيس المكلف.
أوساط سياسية مطلعة على أجواء بري توجز الأسباب التي تدفع به الى «التفاؤل الحكومي» في ثلاثة معطيات وبنود أساسية:
1 ـ الأجواء «الداخلية» اللبنانية التي تعكس انفتاحا واعتدالا ومرونة وخطابا سياسيا هادئا واستعدادات ايجابية وطيبة لدى كل الأطراف المتفقين على «حكومة الوحدة الوطنية»، وهذا يشكل في حد ذاته عاملا مساعدا في دفع عملية تشكيل الحكومة وفي تذليل العقد والعقبات ان وجدت.
زيارة وشيكة لخادم الحرمين إلى سورية
2 ـ التفاهم السوري ـ السعودي الذي لم يتوقف عند نقطة معينة الا لكي يعود بوتيرة أقوى وأسرع، خصوصا ان مكونات وعناصر هذا التفاهم باتت جاهزة ومكتملة ولا ينقص الا تهيئة الساحة اللبنانية لملاقاته.
وفي معلومات الرئيس بري ان زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى دمشق باتت وشيكة وان مجرد حصولها سيكون الاشارة الابلغ الى ولادة الحكومة والى سقوط ما يواجهها حاليا من «شروط متبادلة».
3 ـ تيقن الرئيس بري ان صيغة الحكومة التي يمكن ان تشكل حلا وسطا والمرجحة في نهاية المطاف، هي صيغة جاهزة والتوافق عليها يفتح الطريق سريعا أمام تشكيل الحكومة وهي صيغة 15 ـ 10 ـ 5 كونها تنتزع تنازلات متبادلة من المعارضة (بتخليها عن الثلث المعطل 10 + 1) ومن الاكثرية (بتخليها عن الاكثرية النسبية 15 + 1)، كما انها تحظى بتأييد رئيس الجمهورية ميشال سليمان اذا توافق الطرفان عليها وعلى ان تكون حصته الوزارية «صافية» ولا ودائع فيها لاحد.
معطيات مضادة
أوساط كثيرة ـ في الموالاة والمعارضة ـ لا تجاري بري في تفاؤله وليست «على موجته» الحكومية، كما ان متابعين لعملية تشكيل الحكومة والظروف المحيطة بها لديهم انطباع بأنه لم يحدث تغيير جوهري في المواقف والمعطيات، وأن هناك مشكلة يمكن ان تتطور الى أزمة، وان هناك حذرا يمكن ان يتحول الى قلق، وان التأخير الذي يحتسب بالأيام والأسابيع يمكن ان يحتسب بالأشهر، ويتوقف هؤلاء عند المعطيات التالية:
1 ـ فريق 14 آذار مازال على موقفه الداعي الى تشكيل حكومة وفق صيغة 16 ـ 10 ـ 4 وعلى أساس اعتبارين أساسيين: ترجمة نتائج الانتخابات بحيث يكون للأكثرية النيابية أكثرية وزارية، وتحقيق المشاركة من دون تعطيل، اذا كان الواقع السياسي الاجتماعي (الطائفي) في لبنان لا يسمح بمعادلة «أكثرية تحكم وأقلية تعارض».
المعارضة مصرة على الثلث المعطل
2 ـ فريق المعارضة مازال على موقفه المشترط للثلث المعطل أو الضامن وفق صيغة الحكومة الحالية (المستقيلة)، وعلى أساس مشاركة فعلية في القرار أو لا مشاركة، أما البديل عن الثلث المعطل فهو: قبول الأكثرية بالرقم 15، حصول المعارضة على حقائب نوعية، وحصولها أيضا على ضمانات تتعلق بآلية طرح المسائل واتخاذ القرارات الأساسية على طاولة مجلس الوزراء وحصول توافق مسبق عليها.
3 ـ التفاهم السوري ـ السعودي متوقف عند «نقطة تنفيذية»: زيارة الملك عبدالله الى دمشق مرفقة بزيارة الرئيس المكلف سعد الحريري، ودمشق غير معنية بتسهيل تشكيل الحكومة مادام لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، كما ان التفاهم بين سورية والسعودية يظل ناقصا وهشا اذا لم يرفده دعم وتأييد من ايران ومصر.