بيروت ـ عمر حبنجر
مروحة جديدة من المشاورات «الحكومية» سيشهدها هذا الاسبوع، على امل ان تخرج التشكيلة الحكومية من دوامة المراوحة القائمة، او على الاقل تضعها على طريق الخروج وتمكن بالتالي الخطاب الرئاسي في عيد الجيش السبت المقبل من اشاعة اجواء تفاؤل حقيقية بين الناس.
الرئيس ميشال سليمان وحتى الآن لا يجاري المتشائمين في تشاؤمهم، ولا المتفائلين في تفاؤلهم، انما يحاذر الغوص في لجة الوعود البرّاقة او الآمال المحاطة بمختلف عناصر الخيبة، لذلك فقد حرص امس على التأكيد ان الحكومة العتيدة ستكون حكومة وحدة وطنية ميثاقية، تمثل لبنان كله لتستطيع مجابهة الاخطار خصوصا من العدو الاسرائيلي، كما قال أمام وفد اغترابي كبير، مضيفا أن تشكيل الحكومة سيحصل ولو أخذ بعض الوقت، لأنها المرة الأولى نؤلف فيها حكومة دون ضغوط او تدخلات خارجية.
وكان النائب اسعد حردان، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تفاؤله المعلن بقرب تشكيل الحكومة، وقال حردان يجب تشكيل الحكومة بسرعة وليس بتسرع.
وواكب ذلك، حديث اذاعة النور الناطقة بلسان حزب الله عن «اشارات تشاؤم» بدأت تتقدم اكثر مع تمسك البعض في فريق 14 آذار برفض الشراكة الحقيقية التي تنادي بها المعارضة منذ ما قبل الانتخابات الأخيرة.
قواعد جديدة
بيد ان التشاؤم الأكثر اقلاقا هو الذي كشف عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتوقعه ان تقدم اسرائيل على عمل عدواني بين آخر السنة والربيع.
نصرالله الذي كان يتحدث في جلسة خاصة أمام مجموعة من المغتربين رفض تخويف الناس ودعاهم الى صيف هادئ من دون اي خوف.
الا انه تحدث عن معادلة جديدة في توازن الرعب مع اسرائيل قوامها هذه المرة الضاحية الجنوبية في مقابل تل ابيب.
وشرح نصرالله مراحل العملية الانتخابية التي شهدها لبنان قائلا ليست انتخابات تلك التي يصرف فيها مليار و200 مليون دولار، لكننا تقبلنا النتيجة.
وأضاف: نعم تهيبنا النصر الانتخابي حتى لا يتهمونا بالفوز تحت ضغط السلاح، وردا على سؤال لـ «الأنباء» قال مصدر في 14 آذار صحيح لقد اعلن حزب الله قبوله بنتائج الانتخابات النيابية، الا انه تصرف بعدها بما يناقض هذا الاعتراف، بدليل عدم تسهيل الطريق امام الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة.
اختلاف الموجات
وفي خرق علني للتفويض الذي منحته المعارضة وعلى رأسها حزب الله للرئيس نبيه بري في موضوع تشكيل الحكومة قال وزير الشؤون الاجتماعية د.ماريو عون ان التيار الوطني الحر لم يفوض الرئيس بري، بخصوص تشكيل الحكومة، واضاف: ان موجة بري ليست على موجة العماد ميشال عون.
وأضاف ان تفاؤل رئيس مجلس النواب يعتمد على تعويم الحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري وادخال تعديلات تتناول الوزارات الثانوية.
واعترف الوزير عون بوجود خلاف بين الرئيس ميشال سليمان والعماد عون حول بعض العناوين السياسية، وعن اقتراح النائب وليد جنبلاط بانشاء تجمع اسلامي قال لم يخفنا هذا الاقتراح من جنبلاط، صاحب الطروحات النافرة.
الثلث الضامن
على اي حال، فإن مسألة تخلي المعارضة عن الثلث الضامن او المعطل، هو رهن الاختبار الفعلي من جانب الرئيس المكلف، الذي اعد مسودة لائحة حكومية وعرضها على الرئيس ميشال سليمان، في ضوء ذلك على امل وضوح النتائج هذا الاسبوع تمهيدا للتوسع في النقاش.
ووفق المصادر، فإن هذه المسودة تتضمن صيغة تجعل الرئيس ميشال سليمان في موقع المرجح اما لاكثرية الثلثين او للثلث زائد واحد، حيث تحصل المعارضة على عشرة وزراء بينهم 5 شيعة على ان يسمي الرئيس سليمان من حصته الوزير الشيعي السادس، وهنا يرجح مصدر في امل ان يكون اللواء وفيق جزيني المدير العام للامن العام هو ذلك الوزير.
وقد جرى مساء السبت الماضي اتصال بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري عرضا خلاله تطورات عملية التأليف، وذكر ان الاتصالات ستتكثف اعتبارا من اليوم.
فرنجية في بكفيا
الى ذلك واستكمالا للاجتماع الاول الذي جمع النائب سامي الجميل ورئيس تنظيم المردة سليمان فرنجية في بنشعي منذ اسابيع، رد الرئيس فرنجية الزيارة للنائب سامي الجميل في بكفيا امس في منزل رئيس الكتائب امين الجميل، في اطار الانفتاح الكتائبي على المعارضة المسيحية.
وتخلل اللقاء مأدبة غداء عائلية.
وقائع تاريخية عن فترات تشكيل الحكومات
بيروت ـ محمد حرفوش
مع حركة الرئيس المكلف سعد الحريري المستمرة وفي ظل تكتمه ضمانا لنجاح وبلورة التشكيلة الحكومية، فإن المهمة التي لم يظهر فيها جديد يذكر لاتزال تنتظر حلحلة على غير صعيد.
ووسط هذه المراوحة الحكومية، ثمة من يعتقد ان الامور لم تنته بعد الى طريق مسدود ولم تدخل في نفق الازمة المستعصية، الا ان الاسئلة لدى الاوساط السياسية بدأت تطرح حول كيفية الخروج من الجمود.
يتكرر القول ان الرئيس المكلف مازال يعمل ضمن المهلة المقبولة، الا ان الوقائع التاريخية تشير الا انه باستثناء الازمات الكبرى لم يتأخر تشكيل اي حكومة منذ الاستقلال عن ايام معدودة.
ففي الجمهورية الاولى سجلت حالة واحدة العام 1969 في عز الصدام بين الجيش اللبناني والمنظمات الفلسطينية وعندما امتدت الازمة سبعة اشهر بين ابريل ونوفمبر، حيث كان الرئيس رشيد كرامي مستقيلا ومكلفا ومصرفا للاعمال في ذات الوقت.
وفي زمن النفوذ السوري لم يكن تشكيل الحكومة يتجاوز الاسبوعين.
في الفترة الانتقالية بين اغتيال الرئيس رفيق الحريري والخروج السوري من لبنان، تأخر الرئيس عمر كرامي 44 يوما قبل ان يعتذر ليكلف الرئيس نجيب ميقاتي.
اما حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى عام 2005، فقد استهلك تأليفها فقط اسبوعين، فيما استدعى تأليف حكومته الثانية بعد اتفاق الدوحة خمسين يوما، رغم الاتفاق سلفا على الحصص والثلث زائدا واحدا.
وفي ضوء ذلك سألت الأوساط، هل كشفت الازمة الحالية ثغرة في الدستور لجهة الفترة القصوى للرئيس المكلف، تضاف الى التعديلات المطلوبة لتحسين اداء السلطة بعد الطائف، ام ان الامر يفتح الباب لازمة بسبب التوازنات الطائفية؟!