بيروت ـ عمر حبنجر
أسبوع سادس والحكومة اللبنانية الجديدة أسيرة المخاض العسير، وهذا التخبط ناجم عن خروج العماد ميشال عون من سرب المعارضة التي همشته في موضوع تشكيل الحكومة محلقا عاليا في مطالبه الوزارية المرفوضة من أطراف عديدة منها الرئيس المكلف سعد الحريري، كما عن اتسعت المسافة بين قوى 14 آذار وأحد أركانها النائب وليد جنبلاط الذي دعا أمس في مؤتمر لحزبه التقدمي الاشتراكي الى عدم استمرار هذا الاطار السياسي.
وقد تقدمت خطب وتصريحات جنبلاط خلال الجمعية العمومية الاستثنائية للحزب، في فندق «البوريفاج»، ما عداها من مواقف سياسية حول الحكومة أو حول الوضع اللبناني العام، حيث وصف تحالفه مع قوى 14 آذار بأنه تحالف الضرورة الذي يجب ألا يستمر، وحث على التفكير في تشكيلة جديدة للخروج من الانحياز، وعدم الانجرار الى اليمين، والعودة الى اليسار.
وفي حملة هي الأقسى على 14 آذار قال ان هذا الفريق لم يخض معركة ذات مضمون سياسي وان معركتنا كانت قائمة على «رفض الآخر» ومن موقع مذهبي وقبلي وسياسي.
وتابع يقول: للذين فرحوا بالانتخابات، انها فرحة مؤقتة، وقد رأينا كيف تبخرت، معتبرا ان هذا الانتصار لا معنى له ولا قيمة، وهو يؤكد أكثر من أي وقت على ضرورة التخلص من النظام الطائفي.
وشبه جنبلاط عملية تشكيل الحكومة المتعثرة «بالليوجيرغا» في أفغانستان والتي تعني اجتماع القبائل، وقال انها رؤية جديدة حيث نستطيع كقبائل لبنانية، ان نتوافق على صيغة وسطية تحت شعار التوفيق والوسطية.
جنبلاط وصف زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ولقاءه مع المحافظين الجدد بالنقطة السوداء في سجل الحزب، موضحا انه ذهب بسبب المحكمة الدولية التي أتمنى ان تأتي بالحقيقة، ولا نريدها عنوانا للفوضى، ولا نريد ان تتحكم فيها وفينا دول أو جهات تأخذ المحكمة الى حيث لا يجب، ونريد من هذه المحكمة وقف الاغتيال السياسي، وتعطي كل ذي حق حقه، ولا نريدها ان تذهب الى الأقصى، والى تحريف المنهج السياسي للعدالة.
رئيس اللقاء النيابي الوطني طلب اقامة علاقات مميزة مع سورية بعد انتهاء عهد الوصاية وانسحاب الجيش السوري وكفانا بكاء على الأطلال.
وفيما يصر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على عدم تعامل الأكثرية مع جنبلاط بالمثل، لا بل ان بعض الموالاة يبررون له مواقفه، تقول أوساط الأكثرية ان جنبلاط مستاء من حلفائه الذين انتزعوا منه نوابه المسيحيين بحجة تقوية المعارضة المسيحية، بوجه العماد ميشال عون، ثم حالوا – حتى الآن – دون اعطائه مقعدا وزاريا لشخصية مسيحية، ومحاصرته ضمن النطاق الدرزي.
ويضاف الى ذلك تدهور العلاقة بين مصر وجنبلاط بسبب تصريحات تعتبر غير مبررة، ضد القاهرة، سوى الدفاع عن الخطوط الإقليمية المعادية سياسيا لمصر، وهذا ما جعل أحد رجال الدين المسلمين السنة، المحسوبين على القاهرة يتهمه في اتصال من الخارج بالتعامل مع طهران.
المسار الحكومي
وبالعودة الى مسار الحكومة لوحظ ان قوى 8 آذار وعلى رأسها حزب الله وحركة امل، توحدت خلف الصيغة المتفاهم عليها، لكن سرعان ما ابتعدا عن المساعي عند ظهور مطالب العماد ميشال عون وابرزها الاصرار على توزير صهره جبران باسيل والحصول على وزارة سيادية لكتلته كالداخلية او المالية، ما يعكس نيته الاحتكاك بالرئيس ميشال سليمان الذي يحرص على ابقاء وزارتي الدفاع والداخلية ضمن فريقه الوزاري، وبالتالي وبمعزل عن التجاذبات والمداخلات مسيحيو 14 آذار لا يقبلون تقديم جائزة ترضية كهذه لرئيس كتلة التغيير والاصلاح.
نصائح للعماد عون من حلفائه
وتقول مصادر اعلامية ان كتلة التغيير والاصلاح تخوض وحيدة المفاوضات مع الرئيس المكلف سعد الحريري في وقت بدا واضحا ان اصرار العماد عون على توزير جبران باسيل احدث اشكالات داخل التيار بالذات، بعد العبث الذي عبر عنه الوزير ايلي سكاف، الراسب في الانتخابات واستبعد عن التشكيلة الحكومية، ونصيحة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى العماد عون باستبعاد باسيل عن الحكومة، بعد استبعاد الوزير الحليف طلال ارسلان عن الوزراء العشرة الذين يشكلون حصة المعارضة، اثر حسم التمثيل الشيعي بين امل وحزب الله، وبقيت حصة المسيحيين في المعارضة حصرا في العماد عون والمردة والطاشناق الارمني.
وضمن البدائل المطروحة على العماد ميشال عون وفق مصادر اكثرية، فكرة تمثيل كتلته بصهره الآخر روي الهاشم المشرف على المؤسسات الاعلامية التابعة للتيار الوطني الحر، وعلى رأسها تلفزيون «otv».
ماذا دار بين الحريري وموفد عون
وعن اللقاء الاخير بين الحريري وباسيل لم ينجح الا في الابقاء على اجواء التواصل بين الطرفين حيث طرح باسيل مطالب عون المعروفة وهي: وزير ارمني و4 وزراء موارنة، وحقيبة سيادية من اصل الاربع، على ان تكون اما المالية واما الداخلية، علما ان الأولى متوافق على ان تكون لوزير يسميه الحريري نفسه، والداخلية متفق على ان تبقى من حصة الرئيس سليمان ومن خلال الوزير الحالي زياد بارود. وهنا تقول المصادر المتابعة ان الحريري استغرب مطالب عون وعلى هذا لم يتمسك موفد عون بالوزراء الاربعة الموارنة، على اساس ان من البديهي توزعهم على الكتائب والقوات والمستقلين، فضلا عن الرئيس، الا انه تمسك بالحقيبة السيادية، هنا قال له الحريري: لماذا لا تأخذون مكاني في تأليف الحكومة، وكأنكم انتم من ربح الانتخابات؟! وقيل ان عون مصّر على وزارة الداخلية التي لم تكن متجاوبة معه في خلال الانتخابات، وان شجع على ان يأخذ الرئيس سليمان وزارة الخارجية بدلا منها، ويعطيها للشيعي د.عدنان السيد حسين المحسوب عليه.