بيروت ـ عمر حبنجر
هز النائب وليد جنبلاط بموقفه الجديد المشهد السياسي في لبنان، فأربك حلفاءه، واسترضى خصومه، وأعاد خلط الأوراق النيابية وبالتالي الحكومية، وفرض على كل الأطراف الموالية او المعارضة، العودة الى حواسيبها السياسية من جديد.
بعض قوى 14 آذار اعتبرت في مواقف جنبلاط العنيفة والجديدة، طلاقا بالأحرف الاولى من القوى التي يقول الرئيس نبيه بري انه كان يشكل العشرة منها، وكل الباقين أربعة، إلا ان مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي تؤكد استمراره ضمن إطار هذه القوى بمعزل عن الاختلاف في وجهات النظر.
بري يسقط الثلث الضامن من الاعتبار
القراءات السياسية لكلام جنبلاط كانت محور النشاط السياسي في بيروت امس، رئيس المجلس نبيه بري اتصل هاتفيا بالرئيس المكلف سعد الحريري، وقال بعد الاتصال ان خلط الأوراق حصل، ولا أهمية او ضرورة للثلث الضامن بعد الآن.
موقف جنبلاط الانسحابي من 14 آذار استدعى ردا سريعا من تيار المستقبل الذي يتزعمه الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي حض على عدم العودة الى تاريخ معيب في المصالح الخاصة.
ويعكس هذا الكلام حجم انزعاج الرئيس المكلف من التطور الجنبلاطي بدليل انه كان وحتى الأمس القريب يرفض اي رد فعل مضاد لسلسلة مواقف جنبلاط الخارجة بالتدرج من سرب 14 آذار، وقد ابلغ الحريري زورا له منذ يومين ان وليد جنبلاط كان وراء انتصار ثورة الارز وانتفاضة الاستقلال، وانه رجل وفي وصادق وباق في صفوف 14 آذار، وان الاكثرية باقية اكثرية، وان علينا ان نتفهم ظروفه واسلوبه، خالصا الى القول: هذا هو وليد جنبلاط.
وبحسب الاكثرية، فإن خطاب جنبلاط امام الجمعية العمومية لحزبه امس الاول، يشكل تحولا استراتيجيا في موقف احد اركان 14 آذار الكبار.
استحقاق تشكيل الحكومة إلى أين؟
ويبدو بحسب هؤلاء ان تداعيات الموقف الجنبلاطي قد تذهب باستحقاق تشكيل الحكومة الى اتجاه آخر، خلافا لما يراه الرئيس المكلف الذي مازال على ثقته بأن حدود الحركة الجنبلاطية الاحتجاجية على اداء حلفائه في 14 آذار تجاهه، نيابيا او وزارية، لن تتعدى سور حديقة الاكثرية الذي هو جزء اساسي فيها.
حكومة تكنوقراط
هذا الوضع اعاد الى الواجهة الحديث عن حكومة اختصاصيين «تكنوقراط» غير سياسية، لإدارة المرحلة السياسية الانتقالية الطابع ريثما يستقر المشهد السياسي على صورة ثابتة تسمح بتركيب حكومة سياسية على نحو قابل للديمومة والاستقرار.
إلى ذلك، قال نائب اكثري مؤيد للنائب جنبلاط معلقا على موقف رئيس اللقاء الديموقراطي الأخير: لقد أدرك الجميع وعلى مراحل ان النائب جنبلاط سيكوع وسيقترب من حزب الله عن طريق الرئيس بري وانه سيمد الجسور مع سورية حيث سيكون قادرا على المناورة وحرية الحركة مع بقائه على طريقته في صفوف 14 آذار.
أين اليسار في هذه الأيام؟
وقال: غريب كلام جنبلاط عن العودة الى اليسار والعروبة وفلسطين، فأين نجد يسارا في هذه الأيام؟ وأين هي العروبة؟ ألم يختلف الفلسطينيون أنفسهم حول القضية الفلسطينية؟ هل ان السيد نصر الله يساري؟ ام انه سيكون الوسط امام جنبلاط العائد الى اليسار؟ الوحيد الذي سيستفيد من هذه اليقظة اليسارية هو الحزب الشيوعي ومعارضوه.
وأضاف: اذا لم يكن جنبلاط قد فجر تحالف 14 آذار فإن هذا التحالف على وشك التفجير، ولن تعود هناك أكثرية نيابية اذا لم يتراجع جنبلاط عن مواقفه بيد ان لا احد يعرف ما اذا كان جنبلاط سيسهم في تحول الاقلية الحالية الى الاكثرية المقبلة.