في وقت حذر فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أن الانقسامات بين الفلسطينيين أشد ضررا من «العدو الاسرائيلي»، انسحب أعضاء فتح من قطاع غزة من اعمال مؤتمر الحركة السادس أمس، حتى تتم الموافقة على مقترحهم لتمكين زملائهم الذين لم يتمكنوا من مغادرة غزة من الترشح والتصويت بأي طريقة فنية. وإزاء الانقسام والتشرذم الذي تشهده الساحة الفلسطينية قال خادم الحرمين أمس «ان العدو المتكبر المجرم لم يستطع عبر سنوات طويلة من العدوان المستمر ان يلحق الاذى بالقضية الفلسطينية بقدر ما ألحقه الفلسطينيون انفسهم بقضيتهم في شهور قليلة». واضاف في رسالة وجهها الى الرئيس محمود عباس والمشاركين في مؤتمر فتح السادس في يومه الثاني امس، «الحق اقول لكم ايها الاخوة انه لو اجتمع العالم كله على اقامة دولة فلسطينية مستقلة ولو حشد لها كل وسائل الدعم والمساندة لما قامت هذه الدولة والبيت الفلسطيني منقسم على نفسه».
وأكد خادم الحرمين على أن انطلاق حركة فتح كانت بمثابة الشعلة التي أحيت الصمود العربي، ودعا الى وقف القتال بين أبناء الوطن الواحد، مضيفا ان ما يحدث في فلسطين هو صراع مروع بين الأشقاء لا يرضي الله ولا المؤمنين، مشيرا الى انه لا يخاطب فتح الحركة، وإنما فتح الرمز الفلسطيني العربي الإسلامي، وأخاطب من خلال فتح كل الفصائل الفلسطينية وكل مواطن فلسطيني ومواطنة فلسطينية بلا استثناء. واعتبر أن ما يحدث في فلسطين صراع مروع بين الأشقاء لا يرضي الله ولا المؤمنين، وأن قلوب المسلمين في كل مكان تتصدع وهي ترى الإخوة قد انقسموا إلى فريقين يكيل كل منهما للآخر التهم ويتربص به الدوائر. وأشار خادم الحرمين الى الاتفاق بين حركتي فتح وحماس الذي وقع في مكة المكرمة وقال «أذكركم بإيمانكم ومواثيقكم المغلظة يوم اجتمعتم في البيت الحرام أمام الكعبة المشرفة»، وتمنى على الفلسطينيين أن يكونوا «جديرين بجيرة المسجد الأقصى وأن تكونوا حماة ربوع الإسراء»، داعيا المتخاصمين الى توحيد «الصف ورأب الصدع وأبشركم إن فعلتم ذلك بنصر من الله وفتح قريب». وأشار خادم الحرمين الى ان «رسالتي هذه لا تحمل مشاعري فحسب بل مشاعر ألف مليون عربي ومسلم يشعرون بأن قضيتهم الكبرى قضية فلسطين».
من جهة أخرى، اكد عضو مؤتمر فتح عدلي صادق في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط «إننا اقترحنا على المؤتمر أن يحتفظ بقسائم الانتخاب والترشح لجميع الأعضاء الذين لم يصلوا إلى المؤتمر سواء من قطاع غزة الذين منعتهم حماس أو من الخارج الذين منعتهم إسرائيل حتى يتم استيفاء عملية الانتخابات بالطرق الفنية سواء بـ «الڤيديو كونفرانس أو بالتصويت الالكتروني».
ويبدو ان الحركة استجابت لهذه المطالب حيث اعلن عضو اللجنة المركزية لـ «فتح» نبيل شعث امس ان أعضاء المؤتمر السادس من الحركة في غزة سيشاركون في انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري من خلال وسائل الاتصال الحديثة. مؤكدا انه «تم حل مشكلة مشاركة أعضاء المؤتمر السادس من غزة في انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري من خلال تمكينهم من التصويت عبر عدة وسائل كالتلفون أو البريد الالكتروني أو أي وسيلة أخرى يتفق عليها». وأضاف شعث «اتفقنا على ذلك لكيلا تشعر غزة بأنها همشت أو أقصيت أو أنها أصبحت مجرد رقم أو كوته «انتخابية»، مشددا على أن غزة «هي قطاع مهم للغاية ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنها ولو للحظة واحدة». مشيرا الى أن المؤتمرين اتفقوا على إضافة 25 عضوا للمجلس الثوري وأعضاء للجنة المركزية لكي يصبح رصيد غزة الثلث في الانتخابات، مشددا على أن عملية تصويت أعضاء «فتح» من غزة لن يستثنى منها أحد وستتم من خلال فريق عمل متكامل سينفذ هذه العملية بكل دقة وموضوعية وبإشراف القيادة الفلسطينية.
من جهة اخرى، قالت الحكومة الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة حماس إن نجاح وفشل المؤتمر السادس لحركة فتح هو «شأن تنظيمي داخلي»، مشددة على أن منع أعضاء المؤتمر من قطاع غزة «مرتبط بحقوق المواطنة في الضفة الغربية».
وقالت الحكومة المقالة في بيان لها امس «قرار منع أعضاء المؤتمر من قطاع غزة مرتبط بحقوق المواطنة في الضفة الغربية وحرية الحياة الكريمة للنواب والعلماء والنساء والطلبة الذين ينتمون إلى الحركة الإسلامية».
هذا وتمخض المؤتمر المنعقد في مدينة بيت لحم في يومه الثاني امس عن تشكيل لجان عمل المؤتمر وترتيب القضايا المطروحة على جدول أعمال المؤتمر واختيار رئاسة وعضوية المؤتمر. وانتخب أعضاء المؤتمر الذين يفوق عددهم الألفين لتشكيل 18 لجنة تغطي جميع الملفات بينها اللجنة السياسية والتنظيمية والشؤون العسكرية والأمنية والشؤون المالية والاقتصادية والشؤون الاجتماعية والأسرى والإعلام والشؤون الفكرية والثقافة والبناء الوطني وشؤون اللاجئين والاستيطان والعلاقات الخارجية، كما اتفق الأعضاء على جدول أعمال المؤتمر.