بيروت ـ عمر حبنجر
يبدو ان الوساطة السعودية العاجلة لموفد خادم الحرمين الشريفين وزير الاعلام عبدالعزيز خوجة بين رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط وقوى 14 آذار آتت اكلها بدليل ما قاله جنبلاط في بعبدا من كلام توضيحي، افضى مبدئيا الى اعادة وضع عملية تشكيل الحكومة على الطاولة.
ورغم تأكيد أوساط الأكثرية ان الرئيس المكلف في اجازة تأمل وتقييم للامور، فان مختلف المعطيات المستجدة تدفع للاعتقاد بان الحريري عائد الى بيروت نهاية الاسبوع، على أمل ان يكون الاسبوع المقبل هو اسبوع تشكيل الحكومة، اذا ما استمر سريان المياه في مجاريها الراهنة.
ويزعم معارضون ان استمرار سفر الحريري قد يعد اعتكافا خارج البلاد، وهذا امر خطير قد تترتب عليه اعادة المشاورات والتكليف، لكن عضو كتلة المستقبل المحامي سمير الجسر نفى هذا الافتراض تماما، وقال ان الحريري ليس معتكفا، كما نفى فرضية اعادة التشاور والتكليف، مؤكدا عودة سعد الحريري الى بيروت نهاية الاسبوع.
وتشكل عودة الحريري شهادة على نجاح مهمة الوزير السعودي خوجة في تحصين مهمة رئيس الحكومة المكلف وحمايته بالدرجة الأولى.
ولاحظ جنبلاط في تصريحات له امس ان خوجة لم يكن معنيا باطار 14 آذار ووحدته، وان ما يهمه هو ان يصوت وزراؤه في الحكومة العتيدة الى جانب رئيس الحكومة عند الضرورة.
وذكرت مصادر لـ «الأنباء» ان الرئيس ميشال سليمان على اتصال تنسيقي دائم مع الرئيس المكلف سعد الحريري حول كل الامور المتصلة بتشكيل الحكومة، وان معالجة ما استجد على صعيد العلاقة بين الحريري وجنبلاط ولاسيما لقاء سليمان وجنبلاط في بعبدا، تم وضع الحريري في اجوائها عبر القناة المفتوحة بين الرجلين، خصوصا بعدما لمس الرئيس سليمان حرصا شديدا من جنبلاط على العلاقة مع الحريري والمستقبل.
وفي هــــذا السيــــاق تشيــــر معلومــــات لـ «الأنباء» الى ان الرئيس المكلف سيختار وزراء كتلته من طرابلس وعكار والبقاع على اساس انه يمثل شخصيا بيروت وصيدا والمناطق الاخرى ذات الغالبية السنية، وانه متفاهم مع الرئيس سليمان على تكثيف الحضور النسائي داخل مجلس الوزراء.
بين التصريح والتوضيح
وكان جنبلاط اوضح بعد لقائه الرئيس ميسال سليمان في بعبدا انه لا يزال ضمن الاطار العريض لقوى 14 آذار التي فازت بالغالبية النيابية في انتخابات يونيو الماضي، وانه لم يتخل عن زعيم الغالبية سعد الحريري ولن يتخلى.
وقد اعتبر مراقبون متابعون ان جنبلاط يقع تحت مجموعة ضغوط، وربما كان المطلوب كي تفتح سورية ابوابها امامه ان يعلن مثل هذه المواقف الحادة من حلفائه في الموالاة.
الاستدراك السعودي
لكن الطرف السعودي المتابع للوضع في لبنان بادر الى استدراك الأمر، مستندا الى علاقة عميقة مع جنبلاط الطامح الى اعتماد الوسطية في السياسة الداخلية، والمتهرب من المواجهة المحتملة مع حزب الله على خلفية قضية المحكمة الدولية، او احتمال اندلاع حرب في المنطقة يجر اليها لبنان جرا.
خوجة كان التقى الرئيس ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة، فضلا عن وليد جنبلاط. على ان موقف جنبلاط التوضيحي من بعبدا حرك عجلة تشكيل الحكومة مجددا، رغم استمرار وجود الرئيس المكلف سعد الحريري في جنوب فرنسا غارقا في مرحلة التأمل والتقويم التي اختارها من دون اي اتصال معلن معه. ويذكر ان الدستور اللبناني لا يحدد مهلة معينة لرئيس الحكومة المكلف.
رد فعل بالغ القسوة
وتقول مصادر في 14 آذار، ان ضمن دوافع جنبلاط لتوضيح موقفه كان رد الفعل القاسي الذي فاجأه به سعد الحريري، وامتناعه عن الرد على اتصالاته منذ خمسة أيام.
وأضافت المصادر ان جنبلاط أبلغ الرئيس ميشال سليمان دعمه لمعالجة الصلاحيات الرئاسية وانه مستمر في دعمه للرئيس المكلف سعد الحريري في تشكيل الحكومة وفي السياسة، بموازاة تمايزه في الموقف ضمن الأكثرية.
مازلت داخل 14 آذار مع تمايزي
جنبلاط في تصريح لجريدة «الديار» قال ان «الحركة الثورية» لـ 14 آذار أعطت مفاعيلها، ولابد بعد الذي تحقق من برنامج سياسي مختلف، آخذا بعين الاعتبار المعطيات الجديدة في المنطقة، اذ لا تستطيع قوى 14 آذار البقاء على شعارات السيادة والاستقلال اللذين تحققا.
وعما اذا كان طرح على حلفائه هواجسه وتطلعاته الجديدة، قال جنبلاط: بين أدبيات الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية وتيار المستقبل الذي يرفع شعار لبنان أولا، لم أتمكن من ذلك قبلا، لكنني في مكان ما مازلت داخل 14 آذار مع اصراري على تمايزي.
سعيد: وليد بك يمون
وكان منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار قد شدد على ان جنبلاط جزء لا يتجزأ من 14 آذار، رغم ان الموقف الذي اتخذه شكل صدمة.
وعن قول جنبلاط ان 14 آذار تعيش في عالم آخر، قال سعيد: وليد بك بيمون.
سعيد زار لاحقا السراي الحكومي برفقة النائب السابق سمير فرنجية وبحثا مع الرئيس السنيورة تسريع عملية تشكيل الحكومة، السنيورة التقى أيضا قائد الجيش العماد جان قهوجي.
موقف لا يستوجب التعليق
العماد ميشال عون وصف موقف جنبلاط بالطبيعي الذي لا يستوجب تعليقات.
وعن تشكيل الحكومة قال عون، كان لنا مطلب طلبناه، لكن لم تحدد حقائب وزرائنا الخمسة، وقد حصل الحدث السياسي الآخر، قبل ان نتلقى الجواب.
وأضاف: أنا لا اعرف ماذا سيكون عليه رد فعل الرئيس المكلف وتجمّع «لبنان أولا»، فمنهم من قد يسلم ببقاء هذه التشكيلة ومنهم من يرى تعديلها، ولدي اقتراح صالح لكل الحالات وهو «التمثيل النسبي»، وبعد التوزيع النسبي للوزراء تؤخذ حصة لرئيس الجمهورية.
لكن يبدو ان المنطق والحساب، حكوا عنهما في ايام الاغريق، وهؤلاء غادروا المنطق والمنطقة اليوم. وتابع يقول: حظي قليل انا لست متأقلما مع الاجواء. وعن نتائج مواقف جنبلاط على مسيحيي 14 آذار قال عون: طبعا ستكون النتائج سلبية بمعزل عن رأي د.فارس سعيد الذي اعتبر ما حصل مجرد نقد ذاتي.