بعد عودته الى بيروت، اتصل الرئيس المكلف سعد الحريري بالرئيس ميشال سليمان للاجتماع به والتداول في آخر التطورات المتعلقة بتشكيل الحكومة. لم يتصل بالرئيس نبيه بري ولم يبد أي رغبة بمعاودة الاتصال والتفاوض مع العماد عون. بدا ان هدفه الأول والمباشر هو ايجاد حل للمشكلة الطارئة مع النائب وليد جنبلاط التي أحدثت اهتزازا عنيفا في الوضع السياسي والحكومي.
ويتسم اللقاء المنتظر بين الحريري وجنبلاط بأهمية مزدوجة سواء على صعيد رسم الوجهة السياسية المقبلة لإنجاز تأليف الحكومة، أو على صعيد مفاتحة صريحة بينهما في صدد «البيت الداخلي» لقوى 14 آذار في ضوء التطورات الأخيرة.
وأكد جنبلاط انه هو من بادر الى الاتصال بالحريري من أجل شكره على باقة الورد التي أرسلها اليه لمناسبة عيد ميلاده الستين «وهذه هي كل القصة»، موضحا ان التحضيرات جارية لعقد اجتماع بينه وبين الحريري.
وعلى الرغم من ان عنوان الاتصال كان اجتماعيا، فإن حصوله فتح الباب أمام «عشاء عائلي» بين الحريري وجنبلاط عنوانه «غسل القلوب» وقراءة للمرحلة المقبلة.
ومع ان الحريري بدا لدى عودته متفهما لخصوصية وأسلوب جنبلاط وقال «لا مشكلة بيننا وبين وليد بك»، ملمحا الى امكان عقد اجتماع قريب لقيادة قوى 14 آذار، فإن استقبال الحريري للوزير غازي العريضي، أوحى بأن بعض النقاط لاتزال بحاجة إلى البحث بين قريطم والمختارة، ولاسيما فيما يخص تموضع وزراء جنبلاط في الحكومة العتيدة. وهو ما أكده عضو كتلة المستقبل رياض رحال، بالقول إن الرئيس المكلف سيحدد بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان وجنبلاط «ما إذا كان هناك من صيغة جديدة أم لا»، وإن الأمر مرتبط برئيس اللقاء الديموقراطي، «فهل سيكون وسطيا أم مع الرئيس المكلف؟»، فإذا كان مع الحريري «تبقى الصيغة كما هي 15 – 10 - 5 وإذا لا، فهذا يعود لدولة الرئيس وسيرى الأمر».
ولاحظت مصادر وجود تفاوت في رد فعل أوساط تيار المستقبل أو الدائرة في فلكه، وان مواقف النائبين أحمد فتفت ومصطفى علوش اللذين شنا حملة عنيفة على أداء جنبلاط جاءت على نقيض آخرين بينهم النائب جمال الجراح الذي أكد على ضرورة دراسة ما حصل مع جنبلاط «واستيضاح بعض الأمور»، والنائب نهاد المشنوق والوزير خالد قباني.
ويؤكد مطلعون على أجواء كتلة وتيار المستقبل أن مواقف فتفت وعلوش «لا تتأثر بأي منطلق شخصي تجاه جنبلاط، إنما هذا رأيهما من إعادة التموضع التي يقوم بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي». ويؤكد أحد المطلعين أن هذه المواقف هي نتيجة الشعور بانزعاج فعلي وقوي من مواقف جنبلاط، «الذي دمر بدقائق قليلة مشروعا نجح في تخطي أصعب المواقف، وأحبط آمال جمهور عريض كان يؤمن بوحدته وصدقية قضاياه التي سقط من أجلها شهداء». ويعتقد المصدر نفسه أن هذه المواقف من الخطوة السياسية لجنبلاط «يمكن أن يتفهمها جميع الحلفاء في 14 آذار، وخصوصا وليد جنبلاط الذي يعلم جيدا الخضة التي سببها بفعلته». ويلفت المصدر إلى أن «المستقبليين» كانوا في حالة صدمة خلال الأسبوع الماضي، «وحل ملف جنبلاط في أولوية الاهتمامات، بعد تجميد ملف الحكومة لغياب الرئيس المكلف». ووفق ما يجري تداوله فان التفكير العميق والاستئناس باراء بعض المستشارين والاصدقاء لم يخرجا الحريري من حالة الحيرة التي يشعر بها بعد موقف جنبلاط، وبعد ان ضيع فرصة ثمينة حين اتفقت دمشق والرياض على ما يمكن وصفه بالصفقة الكاملة التي تؤدي الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتسوية العلاقة بين القيادة السورية ورئيس فريق 14 آذار وتيار المستقبل على قاعدة روح التفاهم السوري - السعودي.