التعثر الحكومي يشكل النتيجة الأولية والمباشرة للتحول الجنبلاطي ولكنها ليست النتيجة الوحيدة، اذ ان تداعيات ذلك تتجاوز الى طرح قضايا مصيرية عدة منها ما هو مرتبط بتكوين ومستقبل قوى ١٤ آذار بشكل عام والأكثرية النيابية بشكل خاص، حزب الله يقول ان مقولة الأكثرية سقطت والعماد ميشال عون يقول ان مشروع 14 آذار انتهى:
- ثمة من يرى ان محنة 14 آذار تضع أركانها أمام استحقاقات أبرزها انهيار الغالبية النيابية التي أعادت تأكيدها لها انتخابات 7 يونيو الماضي، وبينت لهذا الفريق استمرار التفويض الشعبي للشعارات السياسية التي كان قد رفعها منذ 14 آذار 2005، بيد انها شعارات ملازمة لهؤلاء الأركان ككل متكامل بما تمثله زعاماتهم لدى طوائفهم وتجمعاتهم وأحزابهم السياسية، بمن فيهم وقد يكون أولهم جنبلاط. ويرى أصحاب هذا الرأي ان الغالبية فقدت الأكثرية المطلقة في موقعين متلازمين: مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية، وبعدما رفع جنبلاط من وتيرة نبرة خلافه مع قوى 14 آذار ووضع علاقته بها على طريق اللاعودة، حتى الآن على الأقل، واستثنى منهم الرئيس المكلف سعد الحريري، لم تعد قوى 14 آذار تمثل في مجلس النواب الا الرقم نفسه الذي تحتفظ به منذ عام 2005 المعارضة، وهو 57 نائبا ويبقى خارجه 14 نائبا بينهم 11 نائبا هم أعضاء كتلة جنبلاط، الى ثلاثة نواب آخرين لم يعلنوا انضواءهم في أي من طرفي الجذب في مجلس النواب «نجيب ميقاتي وأحمد كرامي وميشال المر»، بذلك أصبح البرلمان بلا أكثرية مطلقة، تستقطبه أقليتان احداهما هي قوى 8 آذار «بري وعون وحزب الله» والأخرى هي من بقي من قوى 14 آذار «الحريري والنواب المسيحيون المستقلون والقوات والكتائب والأحرار»، بينهما تقوم قوة ثالثة ترجح كفة النصاب القانوني وفق مقتضيات اللعبة البرلمانية.
- مصادر في 14 آذار ترد على القائلين ان قوى 14 آذار التحقت بقرنة شهوان، وتستهجن الترويج المنظم لمشروع انهيار هذه القوى، وكأن 14 آذار مختصرة بشخص واحد أو أكثر من دون النظر الى المشروع السياسي الذي تمثله، ويذكر مصدر في الأمانة العامة لقوى 14 آذار جنبلاط بتوقيعه شخصيا على ثلاث وثائق تحدد «أدبيات» 14 آذار في التعاطي مع ملفات لبنان والمنطقة «وثيقة البيال 1 في مارس 2008، وثيقة البيال 2 في مارس 2009، وثيقة البريستول قبل الانتخابات». ويؤكد المصدر استعداد الأمانة العامة لمناقشة مختلف النقاط الواردة في هذه الوثائق، مشيرا الى ان النقاش يجب ان يتم مع جنبلاط أو من خلال ممثليه في «اللقاء الديموقراطي».
ويوضح المصدر ان احدى الاشكاليات في لبنان ان السياسة تفرض أحيانا التصعيد وأحيانا أخرى التسويات، وهذه وسائل متناقضة تربك الرأي العام، وتضع الفريق السياسي في خانة المتخلي عن مبادئه الأساسية. هذا لا يقتصر فقط على 14 آذار بل يطال المعارضة أيضا. هذا الواقع، يضيف المصدر، لا يلغي الدور المستمر للأمانة العامة التي تشكل خط التواصل بين الادارة السياسية لـ 14 آذار والجمهور.
ولا يوافق مصدر آخر في 14 آذار على وصفها بـ «المفككة»، ذلك ان تموضع جنبلاط الجديد واقترابه من رئيس الجمهورية الذي يتمتع بالدعم المطلق من هذه القوى يبقى الأمور في اطارها... ووفق هذا المصدر، فإن اعلان التماسك يبقى قائما الى حين حصول الاجتماعات بين قوى الأكثرية المتوقع بدؤها هذا الأسبوع باجتماع بين الحريري وجنبلاط تليها لقاءات أكثرية موسعة، فحينها يتم تحديد نقاط الخلاف واللقاء وفق خريطة حوار داخلي في 14 آذار ويحدد كل فريق موقفه النهائي وليس قبل ذلك. فإذا كان الحديث عن التزام القضايا العربية والعلاقات الطيبة مع سورية، ليس هناك في 14 آذار من يمانع الأمر بمقدار ما يوجد ملاحظات من الأفرقاء لأن الاختلاف الجوهري غير موجود، مؤكدا ان لا أحد في 14 آذار يريد الحفاظ على اللغة القديمة.