Note: English translation is not 100% accurate
العراق انهار لدرجة أنه لم يعد قادراً على خوض الحرب الأهلية وسبل الحل أصبحت أضحوكة
الثلاثاء
2007/1/2
المصدر : الصحافة العالمية
توماس فريدمان
الوضع الامني في العراق وصل الى مرحلة اللاعودة، واصبح من المستحيل اعادة لملمة هذا البلد، في بوتقة واحدة، مثلما كان، انه اصبح مثل إناء الفخار المكسور.
وإليكم لب الحقيقة عن العراق: فلشد ما انهار هذا البلد إلى درجة أنه لم يعد قادرا حتى على خوض حرب أهلية بالمعنى الذي نعرفه عن الحرب الاهلية.
ونتيجة لهذا الواقع فقد أضحت أية تصورات لكيفية تسوية النزاع مثيرة للضحك. وبالمقارنة، فقد كانت من الممكن تسوية الحرب الاهلية البوسنية، عن طريق تحويل ذلك البلد إلى فيدرالية رخوة، نتيجة للتماسك النسبي الذي اتسمت به الاطراف الرئيسية في النزاع، ثم لوجود قادة كان في مقدورهم إبرام الصفقات وتنفيذها. وعلى نقيض ذلك تماما، فقد تحول العراق اليوم إلى دولة ممزقة مفتتة، يتقاسمها لوردات الحرب والارهابيون الاجانب، والعصابات والمليشيات والاحزاب السياسية، وقوات الشرطة والجيش، إلى حد لم يعد فيه ممكنا لأحد، الالتزام بأي شيء.
والصحيح أن العراق قد مضى إلى ما هو أبعد من الحرب الاهلية، لكونه انتقل عمليا من مرحلة التفتت والتشرذم، إلى مرحلة الانهيار التام. ولذلك فهو لم يعد «يوغسلافيا العرب» بأي حال من الاحوال.
أخذا بهذه الحقيقة، فإن علينا مواجهة خياراتنا الفعلية هناك، وهي خيارات تتراوح بين 10 أشهر و10 سنوات. فإما أن نبدأ بانسحاب تدريجي مداه 10 أشهر، مع محاولة إعادة استقراره بطريقة ما، أو أن نقبل بحقيقة أن السبيل الوحيد لمنع تحوله إلى دولة فاشلة، هو البدء بإعادة بنائه من الصفر خلال 10 سنوات من الآن.
وسيتطلب هذا إعادة غزونا له، بقوة عسكرية إضافية قوامها 150 ألف جندي على أقل تقدير، بحيث تكون قادرة على سحق المتمردين السنة والشيعة، والسيطرة على الحدود، وبناء المؤسسات العراقية، وثقافته السياسية من جديد.
وأيا كان من يعتقد أن في وسعنا تدريب عدد قليل من قوات الجيش والشرطة العراقية، ثم الانسحاب من هناك خلال عامين أو ثلاثة أعوام، فلابد أنه أن يكون كاذبا أو معتوها. ذلك أن العراق سينهار تماما في اللحظة التي نغادره فيها.
وخلال ما تبقى من العامين الاخيرين من ولاية بوش الحالية، فإنه لا شيء يمكن فعله، بما يؤدي إلى عراق قادر على حفظ استقراره ذاتيا، مع العلم أن هذا هو معيار نجاحنا هناك. في كتابه الجديد «الحقيقة الليبرالية الجوهرية» عن تأثير الثقافة على التنمية الاقتصادية، لاحظ المؤلف «لورانس هاريسون»، أن بعض الثقافات تظل عرضة للتقدم، بينما يتمسك بعضها بمقاومته للتقدم.
وعليه، فإن القوى الثقافية المقاومة للتقدم في العالم العربي الراهن، لهي على درجة كبيرة من القوة فيما يبدو، لاسيما في العراق. وهذا هو السبب وراء صعوبة بناء مؤسسات ديموقراطية مستدامة فيه، على حد قول المؤلف الذي مضى للقول: ربما يحاول البعض استدعاء نجاح تجاربنا السابقة في فرض الديموقراطية في كل من ألمانيا الغربية واليابان، في أعقاب الحرب العالمية الثانية. غير أن شعبي هذين البلدين اللذين فرض عليهما النظام الديموقراطي، كانا على قدر كبير من التعلم، إضافة إلى كونهما عضوين فاعلين في نظام اجتماعي موحد ومؤسسي، له تقاليده وقيمه الترابطية العريقة، على النحو الذي نشير إليه في لغة اليوم بعبارة «رأس المال الاجتماعي». أما في العراق، فإن هذا الرأسمال الاجتماعي، لهو من البؤس والفقر والهزال، بحيث يتعذر البدء به، خاصة أنه أصبح على شفا الافلاس الآن.
وفي الثاني عشر من فبراير 2003، أي قبيل شن الحرب بقليل، كنت قد كتبت مقالا تحدثت فيه عما أسميته بـ«مستودع الخزف: القاعدة العراقية»، وقد نصت تلك القاعدة على أنه «إذا ما كسرته فهو لك».
ولم يكن ذلك المقال، من قبيل العداء للحرب بحد ذاتها، بقدر ما كان مقالا تحذيريا، نبه إلى ضرورة التصدي الجماعي للعراق، لما تنطوي عليه عملية تحويله إلى نظام ديموقوراطي، من عبء ثقيل جدا.
وكان وزير الخارجية الاميركية السابق كولن باول، قد التقط هذا التعبير، وبذل ما بوسعه لإقناع الرئيس بوش بتوخي الحذر، غير أن هذا الاخير، لم يأبه لنصيحة باول حينئذ. على أنني اكتشفت اليوم خطأ نظريتي تلك عن «الجرة العراقية» لكون العراق كان حطاما منذ وقت سابق لغزونا له بكثير.
يتبع...
اقرأ أيضاً