أثار اقتراح وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان تقسيم قرية الغجر الى قسمين، شمالي تابع للسيادة اللبنانية وجنوبي تابع لإسرائيل يفصل بينهما جدار يمر في خط الحدود الدولية، جدلا داخل اسرائيل ورفضا شديدا من جانب سكان القرية. وبحسب الاقتراح، باستطاعة سكان الجزء الشمالي الانتقال الى الجزء الجنوبي والاحتفاظ بالهوية الاسرائيلية والتقديمات المترتبة عليها، وأشارت صحيفة «هآرتس» الى ان اقتراح ليبرمان جاء ليحل محل اقتراح حل موقت قدمه قائد القوات الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو يمتنع بموجبه الجيش الاسرائيلي عن الانتشار في القسم الشمالي، ويخضع هذا الجزء من القرية، بالاضافة الى المناطق الواقعة الى شماله، لسلطة «اليونيفيل» التي ستمنع دخول اللبنانيين اليها. ويبقى سكان الجزء الشمالي مواطنين اسرائيليين يتمتعون بالضمان الصحي وبالتعليم ويحتفظون بحقهم في المشاركة في التصويت في الانتخابات.
وتعليقا على اقتراح الوزير ليبرمان تقسيم قرية الغجر، كتب الناطق باسم سكان قرية الغجر نجيب الخطيب مقالا في «يديعوت أحرونوت» عبر فيه عن رفض السكان المطلق لتقسيم القرية، ومما جاء فيه: «لا يمكن لأي انسان يملك عقلا القبول بفكرة تقسيم القرية. فالقرية التي احتلت عام 1967 والتي تبلغ مساحتها 11.500 دونم، لم تكن يوما تابعة للبنان، وليس لأي من سكانها علاقة به. أدى انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان الى قيام الأمم المتحدة بترسيم خط الحدود الدولية استنادا الى الخط الذي وضع عام 1923 والذي يمر في منتصف القرية. ولكن في ذلك العام، لبنان نفسه لم يكن موجودا، كما لم تكن سورية واسرائيل موجودتين.
ففي ذلك الزمان كانت السيطرة للفرنسيين والبريطانيين الذين تقاسموا الأرض فيما بينهم. اجازات البناء في القسم الشمالي من القرية الصادرة في الخمسينات كان مصدرها القنيطرة، فكيف يمكن القول ان هذا القسم من القرية لبناني. الغجر قرية سورية تشكل جزءا لا يتجزأ من هضبة الجولان. بعد أربعين عاما يريدون نقل القسم الشمالي من القرية الى لبنان. اذا فعل رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) ذلك فإنه سيحولنا لاجئين في لبنان (...)».
ويرى الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب غيورا أيلاند في مقال ان أفضل حل لمشكلة قرية الغجر هو ابقاء الوضع الحالي لسكان القرية حتى بعد الانسحاب من الجزء الشمالي منها، ومما جاء في المقال: «في الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية للغجر، قال ان من الضروري اقامة سياج فاصل بين القسم التابع لإسرائيل وذلك التابع للبنان، مضيفا ان العامل الأمني هو الأهم.
وقبل درس جدوى هذا الحل، من الضروري معرفة كيف وصلنا الى هذا الوضع بحيث ان سكان القرية الذين يعتبرون أنفسهم سوريين ويحملون الهوية الاسرائيلية مجبرون على العيش في لبنان. تفسير هذا الأمر يعود الى خمسة أحداث. عام 1967، خلال حرب الأيام الستة، احتلت اسرائيل هضبة الجولان فغادر العديد من السكان السوريين الهضبة وحصل الذين بقوا على الجنسية الاسرائيلية، وبينهم سكان قرية الغجر من العلويين الذين كانوا تابعين لسورية. وعام 1974، بعد اتفاق فصل القوات بين اسرائيل وسورية أرسلت قوة من الأمم المتحدة (الأندوف) الى هضبة الجولان لمراقبتها.
وكان لديها خريطة تعتبر قرية الغجر تابعة لهضبة الجولان. عام 1978، بعد عملية الليطاني، سمحت اسرائيل لسكان القرية بالبناء على أراض تابعة للبنان. توسع القرية جعل القسم الجنوبي منها تابعا لهضبة الجولان، في حين ان قسمها الشمالي بات واقعا على أرض لبنان. وعام 1981 ضمت اسرائيل الجولان وحصل سكان الغجر على الهوية الاسرائيلية، وشملت الخريطة التي وضعت بعد قانون الضم الجزء الشمالي (اللبناني) من القرية الى هضبة الجولان.
وعام 2000 انسحبت اسرائيل من طرف واحد من لبنان، وجرى الاتفاق على ان يكون خط الانسحاب خريطة تعود الى عام 1974، وعلى ان انتشار الجيش الاسرائيلي على الخط المرسوم على الخريطة معناه انه أنهى انسحابه من لبنان، وهذا الخط أبقى مزارع شبعا داخل اسرائيل وقسم قرية الغجر الى قسمين. رفضت الأمم المتحدة ضم المستوطنة الاسرائيلية المقامة على أرض لبنان الى هضبة الجولان على حساب لبنان.
لقد اعترفت الحكومة الاسرائيلية بتسوية يبقى بموجبها سكان الغجر تحت السيطرة الاسرائيلية بمن فيهم المقيمون في القسم اللبناني، ولقد تعهدت ذلك أمام الأمم المتحدة وسكان القرية. ويبقى هذا الوضع، على رغم غرابته الكاملة أهون الشرور.