بيروت ـ خالد اللحام
اعتبر د.عماد الحوت النائب الجديد عن الجماعة الاسلامية في بيروت انه يجب تشجيع الحركات الاسلامية الوسطية لتتمكن من جذب الشباب وخروج الجميع في لبنان بمن فيهم المقاومة عن الخطاب الحاد منعا لردات الفعل وظهور حالات اسلامية متطرفة. واكد الحوت ان خلاف الجماعة مع حزب الله هو في الجانب السياسي وليس خلافا مع المقاومة التي كان للجماعة شرف انشائها عام 1982 وبالتالي فلا يوجد بعد عن المقاومة، ومادام الشعبان اللبناني والفلسطيني ضد التوطين فلن يمر. ورأى الحوت في حوار مع «الأنباء» ان الحالة السلفية في شمال لبنان هي حالة وسطيـة وليست حالة متطرفة، وانه اذا خرج الجميع من لعبة المحاصصة في الوضع الحكومي وكانت النوايا صافية فبالامكان تشكيل الحكومة خلال عدة ايام. وقال الحوت ان التحالف مع تيار المستقبل امر طبيعي لانهما يعملان في ساحة واحدة ويتلاقيان على بناء الدولة الراعية لكل اللبنانيين وتفعيل مؤسساتها. وفيما يلي تفاصيل حوار الحوت مع الـ «الأنباء»:
النائب الحوت، تدخلون البرلمان لاول مرة والعمل في الشأن العام خيار، فكيف اتخذتم هذا الخيار؟
بالنسبة لنا كملتزمين العمل في الشأن العام هو تكليف لا تشريف، ويأتي تبعا للظروف وبالتالي فمشاركتي في العمل العام ليست جديدة، انما كانت في اثناء العمل النقابي حيث شاركت في الانتخابات النقابية وسواها واحيانا تساعد الظروف الانسان لولوج العمل العام بحسب الحدث والظروف.
التحالف مع المستقبل
هذا التحالف الذي قام خلال الانتخابات بينكم وبين تيار المستقبل احتاج الى اخذ ورد كبيرين، فأين نقاط التلاقي لتحالفكما؟
اولا التحالف الذي وقع هو تحالف طبيعي، كون الجماعة الاسلامية وتيار المستقبل يعملان في ساحة واحدة، وبالتالي لديهم هموم مشتركة تجاه هذه الساحة اللبنانية والوطنية. نقاط التلاقي كثيرة، فأولا الرغبة المشتركة بتفعيل دور المؤسسات وبناء الدولة القادرة فعلا على ان تكون الراعية لكل اللبنانيين، والتأكيد على انتماء لبنان العربي وبالتالي تفاعله مع القضايا العربية دون ان يكون جزءا من سياسة المحاور وانما ليكون نقطة التقاء مع العالم العربي. ومن نقاط الالتقاء الحرص المشترك على تفعيل الدورة الاقتصادية في لبنان لتحسين اوضاع المواطنين اقتصاديا واجتماعيا، كل هذه النقاط جعلت من الطبيعي ان نلتقي اثناء الانتخابات.
لكن هذه النقاط نفسها لم تسمح للجماعة باعادة نفس الحجم النيابي لها في المجلس.
هذا صحيح، والسبب في ذلك امران، اولهما طبيعة قانون الانتخابات التي فسخت المناطق بشكل جعل الانتخابات ذات طابع طائفي ومذهبي ودائما اصحاب الحركات الفكرية لا يستطيعون المنافسة في اطار الشحن المذهبي. النقطة الثانية ان الخطاب الذي كان معتمدا بين الفرقاء اللبنانيين جعل طبيعة المعركة استفزازية مذهبية، وبالتالي لم نستطع ان نطرح رأي الجماعة ومواقف وبرامج الجماعة، فلا تعتبر بالتالي هذه الانتخابات مقياسا حقيقيا لقوة الجماعة.
بناء لطروحاتكم وادبياتكم ودوركم على الارض، انتم الاقرب للمقاومة، فلماذا صرتم الابعد في الانتخابات؟
ابدا لم نكن ولن نكون بعيدين عن المقاومة، لكن ينبغي التمييز بين مقاومة العدو الصهيوني التي كان لنا شرف تأسيسها عام 1982 وبذل الجهد فيها حتى اليوم وبين حزب الله كفريق سياسي لبناني له رؤاه السياسية وطموحاته السياسية التي قد نتفق ونختلف معها، لقد اختلفنا مع حزب الله في الجانب السياسي لكننا لم نختلف مع المقاومة، بل على العكس نحن نحرص على ان تبقى المقاومة اداة قوة بيد لبنان على ان تكون مقاومة الشعب اللبناني كله وليست مقاومة جزء من اللبنانيين.
حصرية حق المقاومة
كيف تقرأ اصرار المقاومة على ان تبقى قوتها ودعمها وتمويلها محصورة في جبهة اقليمية طائفية محددة؟
هذا الواقع الطائفي والمذهبي للمقاومة هو نتاج واقع جغرافي، كون اغلب المناطق الجنوبية المحتلة كانت من طائفة محددة، فكان من الطبيعي ان يكون ابناء هذه القرى النواة الاساسية للمقاومة، لكن استمرار هذا الوضع بعد انسحاب العدو الاسرائيلي من الجنوب يجعل المقاومة نقطة تنازع بدلا من ان تكون نقطة التقاء لجميع اللبنانيين حولها حتى تكون محمية باجماع على المقاومة وفكرة المقاومة، وبالتالي نحن دعوتنا للحفاظ على المقاومة من أن تبقى محصورة جغرافيا وطائفيا في خيار معين والى ان تعود مقاومة للشعب اللبناني كله بما يضمن حماية ظهرها.
بين الوحدة والتفسخ
لماذا استطاعت مقاومة حزب الله ان تحفظ وحدتها وقوتها وطائفتها في مواجهة اسرائيل كما على الصعيد الداخلي، في حين ان المقاومة الاسلامية لحماس مثلا تشرذمت، فظهر انصار الله وانقسمت حولها فتح واصبحت الصدامات الداخلية التي لا عد لها ولا حصر.
اولا كل هؤلاء الفرقاء الذين تحدثت عنهم كجند الله وغيرهم لم يخرجوا من رحم حماس، وبالتالي حماس مازالت متماسكة في مقاومتها للعدو الصهيوني ولاحتلاله، اما هذه المجموعات الاخرى فقد اوجدت من خارج حماس، البعض منها ليكون له دور فعلي في المقاومة والبعض الآخر ليكون واجهة، ولتتحرك خلفها بعض القوى التي ترغب في التأثير في القضية الفلسطينية.
مع البدء بتشكيل الحكومة، جاء خروج الوزير السابق جنبلاط ليشكل موقعا جديدا له يكون فيه بيضة القبان في واقع 8 و14 آذار، فلماذا لم تستطع اي قوة سياسية سنية تاريخيا ان تكون بيضة القبان وهي الاكبر في حين استطاع جنبلاط ووالده من قبله ان يكون كذلك، وما السر في ذلك؟
الطائفة السنية بما تمثل من امتداد عربي واسلامي وبما لها من موقع من خلال رئاسة مجلس الوزراء هي مستهدفة لكل هذه الاستحقاقات، ولأن لبنان هو عبارة عن تكتل اقليات، فمن الممكن ان تتبدل تحالفات الاقليات من وقت لآخر، وانا اذكر هنا ان الجماعة الاسلامية ليست طرفا في 14 آذار، وان كانت تتعاون مع عدد من فرقاء 14 آذار، خاصة تيار المستقبل في كثير من المواضيع.
اي انكم فقط ضمن تكتل لبنان اولا؟
هذا تكتل نيابي وليس تكتلا سياسيا، هو تكتل لنواب يتناقشون في ملفات نيابية وفي كيفية ادارة هذه الملفات وليس تكتلا سياسيا، وبالتالي فإن خصوصية الفرقاء السياسيين ينبغي ان تكون محترمة، اما بالنسبة لواقع وليد جنبلاط فله خصوصيته وطريقته في التفكير، لكنه لم يغادر موقعه الداعم للرئيس المكلف سعد الدين الحريري، وبالتالي فمازال موقع جنبلاط وكتلته في مكانه المعتاد، لكنه الاحرص على ان يعبر عن خصوصيته الذاتية، ولهذا السبب ظن البعض ان جنبلاط صار بيضة القبان والواقع ان وليد جنبلاط لم ينتقل بعد من مكان الى آخر.
كيف اصبح لبنان المنتصر على اسرائيل خاضعا لسياسات عربية تنشد السلام مع اسرائيل؟
اولا، مازال جزء كبير من القرار اللبناني لبنانيا، وليس خاضعا لسياسات معينة، الامر الثاني لا يوجد بلد في العالم لا يتأثر بمحيطه ومن الطبيعي ان نتأثر بعض الشيء بمحيطنا العربي والاقليمي، لكن الذي ينبغي ان نؤكد عليه هو ان يبقى لبنان خارج التجاذبات الاقليمية والدولية والا يكون طرفا في اي محور من المحاور وان يكون نقطة التقاء لكل هذه المحاور وليس ساحة العراك بينها لأن لبنان هو الخاسر الوحيد اذا اصبح ساحة الصراع بينها، وقد يكون الرابح الاكبر اذا استطاع ان يكون نقطة الالتقاء بين هذه المحاور، هذا ما ينبغي ان يفهمه كل الفرقاء السياسيين وان يسعوا جميعا للخروج الى واقع جديد يكون القرار فيه لبنانيا حقيقة وان يكون نقطة الالتقاء بين الجميع.
الأصولية ولبنان
هناك تنام في الصراعات الاصولية في المنطقة، في فلسطين واليمن وغيرهما، الا يمكن ان تظهر قوى اخرى متطرفة في لبنان من خلال الاسلاميين؟
اولا جميع هذه القوى من «القاعدة» وغيرها لم تخرج يوما من رحم الحركات الاسلامية المؤثرة، لكن الكبت الحاصل في بعض هذه المجتمعات، أدى الى تطرف هذه المجموعات، اضافة الى سوء ادارة الادارة الاميركية وسوء تعاملها مع شعوب المنطقة وقضاياها، المسألة الثانية هي ان هذا التخوف صحيح وهذا يتطلب تشجيع الحركات الاسلامية الوسطية على لعب دور اكبر لتكون جاذبة لعنصر الشباب حتى لا يذهب باتجاه التطرف، والامر الثاني هو خروج كل الفرقاء السياسيين بمن فيهم المقاومة من الخطاب الحاد الذي يمكن ان يشكل ردات فعل وأرضية جيدة لمثل هذه الحركات المتطرفة.
المعروف تاريخيا ان الجماعة الاسلامية وعباد الرحمن والتوحيد وسواها انفصلت في فترات تاريخية عن الاخوان المسلمين وتكاثرت وتنامت وتعددت، الا يمكن ان تنفصل قوى اخرى عنكم باتجاه التطرف اذا بقي الوضع في لبنان بين طوائف مخيفة واخرى متخوفة؟
اولا، حركة الاخوان المسلمين هي عبارة عن مدرسة وليست تنظيما وان تجد فيها اكثر من مجموعة فهذا أمر طبيعي، لكنني استطيع ان اطمئنك ان الجماعة الاسلامية متماسكة وواقعها التنظيمي صحيح جدا ولا خوف من ان ينقسم عنها او تخرج منها مجموعات تشكل حالة اسلامية جديدة، ثانيا ان اغلب هذه المجموعات متوافقة على ضرورة التنسيق فيما بينها لجهة عدم السماح بظهور حالات متطرفة تؤذي الفكرة الاسلامية او المجتمع اللبناني الذي نحن جزء اساسي منه، كل هذه العوامل تشكل عنصر مناعة، لكن عناصر المناعة هذه لا تكفي وحدها، وكما قلت ينبغي على كل الفرقاء اللبنانيين ان يخرجوا من الخطاب المتطرف ايضا حتى لا يسهموا في ظهور مثل هذه الحالات.
.. حتى طرابلس وعكار؟
حتى في طرابلس وعكار، والحمد لله ان الواقع الاسلامي هناك واقع معتدل منضبط، وكل الظواهر التي خرجت عن المجتمع تمت محاصرتها ولم يعد لها اي تأثير فعلي في واقع المدينة والمنطقة.
لكن هناك حالات اصولية سلفية موجودة؟
اولا، السلفيون ليسوا حالة متطرفة، هم حالة اسلامية قد نتفق معها أو نختلف لكنهم ليسوا حالة متطرفة، بعض من يخرج عن السلفيين يتحول باتجاه التطرف، لكن الحالة السلفية بحد ذاتها ليست حالة متطرفة بل هي حالة وسطية، وحتى نمنع خروج حالات متطرفة من الحالة السلفية ينبغي ان يفعل دور الحركات الاسلامية الوسطية ومن بينها الجماعة الاسلامية لتصبح عنصر جذب وبالتالي يخف خطر التحول باتجاه التطرف.
العلاقة مع سورية
كيف تقرأون مرحلة الانفتاح الجديد على سورية؟
الانفتاح المتبادل بين لبنان وسورية امر ضروري وحاجة للبلدين ولا يمكن الا ان يتم والا يكون الواقع مخالفا للطبيعة، الاشكالية التي كانت واردة خلال السنوات الاربع الماضية وما قبل 2005 هو اي نوع من الانفتاح نريد؟ وما يتم التأكيد عليه الآن اننا نريد انفتاح الدولة على الدولة، نريد دولتين متعاملتين متكاملتين في مختلف ميادين التكامل والتعاون لمصلحة البلدين، لكننا لا نريد انفتاح الدولة مع الاحزاب والاشخاص حتى لا نعود الى فترة ما قبل 2005 ونعود الى الانقسام اللبناني والى حاجة اللبنانيين الى وسيط يوجه السياسات الداخلية وغير ذلك، فهذا امر غير مقبول في عرف الدول وفي مفهوم سيادة الدول، لذا نؤكد على ضرورة ان يكون هناك انفتاح وتكامل بين لبنان وسورية من منطق الدولة اللبنانية والدولة السورية.