بدأ الرئيس الليبي معمر القذافي اعتبارا من يوم امس (الثلاثاء) ولستة ايام متواصلة الاحتفال بالذكرى الاربعين لتوليه السلطة بلا منازع مكللا بالنجاحات الديبلوماسية التي احرزها في الآونة الاخيرة على الغرب وبنفوذه في افريقيا.
ومن المقرر ان يشاركه العديد من القادة العرب والافارقة والاميركيين الجنوبيين الاحتفال في طرابلس التي احتضنت امس الاول (الاثنين) قمة افريقية وازدانت شوارعها الرئيسية بآلاف الفوانيس الملونة وعلقت على حوائطها مئات الصور والشعارات الممجدة للقذافي.
وتأتي هذه الاحتفالات بعد نجاح ديبلوماسي مزدوج ومدو للرئيس القذافي الذي حصل في العشرين من شهر اغسطس الماضي على الافراج عن الليبي المحكوم عليه في قضية اعتداء لوكيربي (270 قتيلا في 1988) وعلى اعتذارات سويسرية في قضية طالت نجله هنيبعل في جنيڤ.
وكشفت هذه الذكرى الاربعون ضيق بعض البلدان الاوروبية الحريصة من جهة على تطبيع علاقاتها مع ليبيا الغنية بالنفط والمحرجة من جهة اخرى من تقاربها مع نظام كان في السابق منبوذا من المجتمع الدولي.
وبالفعل، فإن هذه الاحتفالات تأتي على خلفية جدل اثاره استقبال الابطال الذي خص به عبدالباسط المقرحي المحكوم عليه في اعتداء لوكيربي والذي افرجت عنه اسكوتلندا لدواع صحية.
واحتفـــاء بالذكـرى الاربعــين لـ «ثورة الفاتح من سبتمبر» بدأت الاحتفالات في العاصمة الليبية طرابلس اعتبارا من امس، حيث نظم احتفال ضخم شارك فيه نحو 800 شخص في الحفل الذي يرسم مراحل 40 عاما من حكم القذافي ويستمر 90 دقيقة.
القذافي يسرد وقائع يوم التحرير
وكان القذافي قد افتتح الاحتفالات من قاعدة معيتيقة الجوية بطرابلس بتمام الساعة الثانية والنصف من فجر امس (الثلاثاء) وهي ساعة الصفر التي تحركت فيها قوات ثورة الفاتح في سبتمبر عام 1969 لتحرير هذه القاعدة التي كانت أكبر قاعدة تدريب للقوات الاميركية خارج الولايات المتحدة.
وتحدث القذافي عن مغزى تحرير هذه القاعدة من الاميركيين، وقال انها سميت «امعيتيقة» على اسم طفلة سقطت عليها طائره أميركية في الاحياء السكنية المحيطة بالقاعدة.
واوضح عقب انتهاء عرض فني اقيم في القاعدة كيفية تحريرها بدءا من تطويق القاعدة من قبل الثوار وانتهاء بمغادرة الطيران الاميركي لها الى غير رجعة.
وختم الرئيس الليبي خطابه بالقول: لهذا فإن هذا الحفل الرائع له معنى عندما يقام في وسط هذه القاعدة التي كانت أميركية.
وفود مشاركة
وتحيي ليبيا احتفالات ثورة الفاتح لهذه السنة بحضور عربي وافريقي لافت وبشبه غياب غربي، ويشارك فيها صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد.
كما يشارك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في الاحتفالات على الرغم من ان العلاقات اليمنية ـ الليبية كانت قد تعرضت لفتور خلال الحرب الأولى بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية اثر اتهامات لمسؤولين يمنيين بقيام طرابلس بدعم المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، الأمر الذي نفته ليبيا بشدة.
كما شارك رئيس مجلس الدوما الروسي بوريس جريزلوف في الاحتفالات وقال قبيل مغادرته إلى طرابلس «سأسلم قائد الثورة الليبية معمر القذافي رسالة من الرئيس الروسي ديمتري مدڤيديڤ».
اعتذار معظم قادة الغرب
واعتذر معظم القادة الغربيين عن عدم حضور الاحتفالات التي تأتي متزامنة مع الجدل السياسي بشأن إطلاق سراح المقرحي.
ويحضر الاحتفالات من أميركا اللاتينية الرئيس الڤنزويلي هوغو تشاڤيز.
وقبل الاحتفاء بذكرى «ثورة الفاتح» التي قادته الى السلطة في الاول من سبتمبر 1969، احتفل القذافي يوم الاحد الماضي بنصر آخر: الذكرى الاولى لمعاهدة الصداقة المبرمة مع ايطاليا لانهاء الحقبة الاستعمارية مع اعتذارات غير مسبوقة من ايطاليا وتعويضات بقيمة 5 مليارات دولار.
ووضع القذافي رفقة رئيس الحكومة الايطالية سلفيو بيرلسكوني حجر الاساس لمشروع طريق سيار طوله 1700 كلم يمتد على طول الشريط الساحلي الليبي.
ومعمر القذافي من مواليد عام 1942 وهو ابن اسرة بدوية من قبيلة القذاذفة وتلقى تربية دينية صارمة قبل ان ينضم الى الجيش في 1965 ليتمكن بعد 4 سنوات من خدمته العسكرية من الاطاحة بالملك ادريس السنوسي دون اراقة دماء في الاول من سبتمبر 1969.
وللقذافي شخصية متميزة وكثيرا ما اثارت حركاته او كلماته او رؤاه حول التاريخ والانسانية او انتقاداته لنظرائه العرب، الاهتمام.
البيان الختامي للقمة الأفريقية
وبالتزامن مع بدء الاحتفالات بالذكرى الـ 40 لـ «ثورة الفاتح» كان الزعماء الافارقة يختتمون قمتهم في طرابلس بالتعهد لتخصيص العام 2010 المقبل ليكون عاما للسلم والأمن في ربوع قارتهم.
وأصدر القادة الأفارقة إعلانا أطلقوا عليه اسم «اعلان طرابلس» وجددوا فيه التزامهم بتنفيذه من أجل إعطاء دفعة جديدة للعمل المشترك من أجل السلم والأمن والاستقرار والرخاء في جميع أنحاء أفريقيا والعالم.
ووفقا لما جاء في الإعلان المذكور قرر الزعماء الأفارقة الذين شارك حوالي 30 منهم في الاجتماع، اتخاذ سلسلة من التدابير الملموسة والفعالة للإسراع بتنفيذ الحلول المتفق عليها أصلا لتسوية عدد من النزاعات وتشجيع التوصل إلى حلول عادلة ومنصفة للأوضاع التي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها بعد بين الأطراف فضلا عن إعادة الاعمار في فترة ما بعد النزاع لصالح الشعوب المعنية بالسلام.