من تنازل للآخر: الحريري أم حزب الله؟: مصدر مسؤول في تيار المستقبل يوضح أن الرئيس المكلف سعد الحريري «قدم الكثير من التنازلات، وأن على الآخرين ملاقاته في منتصف الطريق لا وضع العراقيل في طريقه».
ورأى أن «قبول الحريري صيغة الحكومة المقبلة وفق قاعدة 15 ـ 10 ـ 5، تنازل مهم ممن يملك أكثرية نيابية، ويقبل الحصول على نصف الحقائب الوزارية. كما أنه وافق على الذهاب إلى دمشق بعد تأليف الحكومة، وهذا تنازل كبير آخر كان ينبغي أن يكون له صداه الإيجابي بتسهيل مهمته، لا فرض الشروط عليه».
غير أن مصادر قريبة من حزب الله ردت بأن «التنازلات حصلت من جانبنا لا العكس. فالصيغة المذكورة لتأليف الحكومة لم يقتنع بها بعضنا، وتحديدا العماد ميشال عون إلا بعد جهد كبير. وذهاب الحريري إلى دمشق هو مكسب له، لأنه بذلك يرسخ حكمه ويرسي عبر شخصه «دعائم» التوافق الإقليمي على الساحة اللبنانية، كما كانت الحال أيام والده، فأين هي التنازلات الفعلية التي قدمها كي يطالبنا بأن نقابله بمثلها؟».
ومع التحفظات التي تبديها أوساط المعارضة على الحريري، فإنها ترى أنه «الوحيد القادر على تأليف حكومة في لبنان حاليا، لأنه في حال اعتذاره عن عدم التأليف، فما من شخصية سنية تقبل التصدي لهذه المهمة التي ستعد «انتحارا» سياسيا لها، وخصوصا إذا أعقبت اعتذاره موجة اعتراض في الشارع السني، لن يستطيع أحد لا محاورتها، ولا بالطبع مواجهتها».
تباين سياسي: لوحظ تباين في الموقف السياسي من عملية تشكيل الحكومة بين حزب الله والجماعة الإسلامية: مسؤولو حزب الله يكررون يوميا ان تجاهل وتجاوز مطالب العماد عون وحجمه النيابي يؤخر قيام الحكومة في إشارة غير مباشرة الى الرئيس المكلف سعد الحريري ومسؤوليته في هذا المجال.
أما الجماعة الاسلامية فإنها، وفي أوضح تعبير أطلقه ممثلها في البرلمان النائب عماد الحوت، تعتبر ان المطالب التي يتمسك بها العماد عون هي التي تعوق عملية تأليف الحكومة لأنها غير واقعية ولا تراعي دقة المرحلة.
كسر الحواجز: عكست أجواء الأكثرية النيابية فشل اللقاء بين الحريري وعون في التوصل الى الحد الأدنى من التفاهم جراء تشبث عون بالحصول على خمس حقائب منها وزارة الداخلية وعدم قبوله أي وزارة دولة، الأمر الذي رفضه الحريري.
كما أشارت بعض المصادر الى ان عون بادر الحريري بالقول: «المشكلة ليست عندي أو عندك ولكن في الخارج»، وذلك لقطع الطريق على أي عتاب محتمل وابقاء اللقاء في حيز كسر الحواجز التي تحول دون حوار الرجلين. وقد أراده عون ليظهر انه ليس الطرف المعطل تشكيل الحكومة. الا ان النقاش لم يكتمل انطلاقا من ان ظروفه غير ناضجة. وأضافت المصادر ان «رئيس الجمهورية حرص على تقريب وجهات النظر وتذكير عون والحريري بأنهما قائدان ينتظر منهما الشعب اللبناني تذليل الصعاب والتعاون لإنجاح مساعي الحوار». وأكدت مصادر أخرى ان «اللقاء لم يكن أكثر من ديكور لا طائل منه، لأن هدف التعطيل هو مقايضة المحكمة بالحكومة».
الهم الفرنسي: مصدر ديبلوماسي عربي في باريس مواكب للتحرك الفرنسي إزاء لبنان، يرى ان «الهم الحالي» للديبلوماسية الفرنسية هو التعجيل بتأليف حكومة وفاق وطني «في أسرع ما يمكن قبل فوات الأوان».
ويقول إنه يتمنى «ألا تصدق توقعات الوزير كوشنير» بدوام الأزمة لأشهر. ويرى أن تأليف حكومة وحدة وطنية متوازنة يمكن أن يمنع أي «مغامرة إسرائيلية في الجنوب، إذ إن ما بات يسمى التوازن الردعي بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن يجمد الوضع شرط ألا يأتي أي استفزاز من الجبهة الداخلية في ظل خوف من تحول سلاح حزب الله إلى الداخل، وألا يشعل فتيل إقليمي، أو يحرك عامل المحكمة الدولية».
اهتمام أوروبي بالكلام «الأمني»: اهتمت أوساط ديبلوماسية أوروبية بالكلام «الأمني» الجاري على هامش الأزمة الحكومية ان لجهة التحذير من أحداث أمنية خطيرة اذا طال أمد الفراغ الحكومي، أو لجهة حديث البعض عن ظاهرة «تسلح» في بعض المناطق، أو لجهة ما أبدته جهات من مخاوف وهواجس ازاء عودة محتملة لـ «الاغتيالات السياسية».