بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
لا احد يستطيع ان يتوقع متى يمكن ان تتشكل الحكومة اللبنانية، بعدما بات الاعتراف عاما بأن حالة المراوحة مستمرة حتى اشعار آخر.
ولا احد يكابر بعزل ما يجري في لبنان عن الحسابات الخارجية والمحكمة الدولية التي بدأت طبولها تقرع بصوت خفيض لكنه مسموع جيدا.
لكن النائب عمار الموسوي (حزب الله) يستبعد اي مغامرة بتشكيل حكومة أمر واقع، بعدما باتت حكومة الوحدة الوطنية قاعدة، لن يقدر على ان يحيد عنها احد، وبحسب قيادي في حزب الله، ان الرئيس المكلف سعد الحريري رجل واع وليس بمغامر أو مكابر كسواه، كما ان الرئيس ميشال سليمان حريص على ما يحقق الافضل للبنانيين، وبالتالي لا يمكنه المضي بحكومة لا تحظى بقبول الجميع.
مشاورات جديدة
وتأكيدا على هذا فقد نقل عن احد المقربين من الرئيس المكلف سعد الحريري ان الاخير ليس حاليا بصدد عرض صيغة حكومة أمر واقع لحشر الآخرين. وانه مازال حريصا على اعطاء فرص جديدة للحوار من اجل التوافق على صيغة مقبولة من كل الاطراف.
وأوضح المقربون من الرئيس المكلف، ان الحريري سيباشر فور عودته من السعودية جولة جديدة من المشاورات مع المعارضة ومن ضمنها العماد عون في حال كان متجاوبا.
مشيرين الى ان دعوة الحريري ـ عون الى اللقاء مازالت قائمة.
المشاورات الإقليمية
أوساط معنية بالشأن الحكومي قللت في حديث لصحيفة النهار من اهمية ما سمي برهانات على مشاورات سعودية ـ سورية جديدة من شأنها دفع عملية تأليف الحكومة قدما، خصوصا في ضوء امتناع مراجع وقوى معروفة برهانها على المسار السعودي ـ السوري عن أي تدخل مباشر أو ضمني لإيجاد مخارج للمأزق. ما يعني ان اي تطور جدي على هذا المسار لم يطرأ.
السنيورة: الحكومة للحريري
رئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة وخلال حفل افطار في السراي الكبير مساء امس، قال: لانزال ننتظر ولادة الحكومة الجديدة ونحن على مشارف مرحلة جديدة. مشيرا الى ان الحكومة ستتشكل برئاسة سعد الحريري مهما استمرت العقبات والتعقيدات وطال امدها.
وتساءل السنيورة في مأدبة افطار: لماذا كانت التجارب الصعبة التي مررنا بها في السنوات القليلة الماضية؟ ولماذا كان هذا القتل الفظيع الذي مورس على كبار رجالات البلاد؟
ولماذا الحروب المتوالية على لبنان البشر والحجر والوطن والدولة؟ ولماذا اخيرا وليس آخرا هذا التعطيل والتعجيز لاعمال المؤسسات ومنها هذا التعطيل غير المقبول وغير المعقول اخيرا لتشكيل الحكومة، رغم ان المراد منها ان تكون حكومة الائتلاف الوطني والوحدة الوطنية؟!
حزب الله يتساءل
غير ان اذاعة النور الناطقة بلسان حزب الله تساءلت أمس هل يأخذ الرئيس المكلف سعد الحريري بما قالت انها نصيحة السفيرة الاميركية في بيروت ميشيل سيسون الداعية الى وضعه تشكيلة حكومية وتسليمها الى رئيس الجمهورية قبل سفر الاخير الى الأمم المتحدة، ما دام ارتضى تشكيل حكومة وحدة وطنية وبالصيغة السياسية لتأليفها؟
وسألت الاذاعة: هل يتقبل رئيس الجمهورية بما سيطرح الحريري خصوصا، والذي لن تقبل به المعارضة مادام التوافق لم يتم بصورة نهائية على موضوع الحقائب الوزارية؟
اجواء تيار المستقبل تشير الى امكانية السير في هذا الخيار، وفي هذا المجال قال النائب عمار حوري في لحظة الحقيقة سيستعمل الرئيس المكلف حقه الدستوري في تأليف الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية.
ولفت حوري في حديث اذاعي الى ان الحريري يمكن ان يكون في عداد الوفد المرافق لرئيس الجمهورية الى نيويورك حال تشكيل الحكومة لانه لا يمكن للبنان المرشح لدخول مجلس الامن في مقعد العضوية غير الدائم ان يساهم في حل مشاكل العالم وهو يعاني من مشاكل داخلية.
باسيل: عون قدم تنازلين
من جهته الوزير جبران باسيل وفي تصريح له قال ان العماد ميشال عون قدم اصلا تنازلين مسبقين من اجل تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وهما: الأول التنازل عن مطلب النسبية والقبول بصيغة 15-10-5 والثاني التنازل عن مطلب الحصول على ستة وزراء لتكتل التغيير والاصلاح والقبول بخمسة على الرغم من ان عدد اعضاء التكتل قد زاد.
باسيل اعتبر ان اقدام الرئيس المكلف سعد الحريري على تقديم تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية يعني انتخاب الرئيس سليمان بالنصف + 1.
باسيل رأى ان الحريري يستطيع ان يخطو خطوة كهذه ولكن عندئذ لن تكون هناك حكومة وحدة وطنية، مؤكدا اصطناع فريق الغالبية العقد لانه لا يوجد لديهم قرار بتأليف الحكومة كاشفا عن ان لقاءه الاخير بالحريري اقتصر على زيادة التعنت والسعي الى تشليح التيار ما لديه من حقوق.
بدوره الوزير ابراهيم شمس الدين اعتبر ان طرح حكومة الاقطاب حل دستوري فعال قد يشكل مخرجا مؤقتا وغير مستبعد، لافتا الى انه من غير الدستوري وضع شروط على توزير الراسبين في الانتخابات النيابية.
وردا على سؤال لموقع النشرة عن امكانية تشكيل حكومة من لون واحد، قال شمس الدين: الحكومة الميثاقية هي التي تشارك فيها كل الطوائف اللبنانية ومن الحكمة ان تضم كل الجهات المتمثلة في المجلس النيابي.
تعثر في المفاوضات
من جهة أخرى اقر مصدر في المعارضة اللبنانية لـ «الأنباء» بوجود «تعثر في المفاوضات بين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري والتيار الوطني الحر الذي يمثله في هذه المفاوضات الوزير جبران باسيل، لكن رغم هذا التعثر لابد من استمرار الحوار والتواصل سعيا لايجاد المخارج التي ترضي الجميع».
واوضح المصدر ان الخلوة التي جمعت الرئيس الحريري مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ونواب الحزب على هامش الافطار الذي اقامه الحريري في قريطم بحثت فيما يعترض عملية تشكيل الحكومة من عقبات وكيفية تذليلها، لاسيما ان ما اصطلح على تسميته عقبة العماد عون ليست مستعصية على الحل، ولمست تكتما من قبل الحريري للموقف الذي يمكن ان يتخذه كما لوح في خطابه خلال الافطار.
واشار المصدر الى وجود خمسة خيارات يدور حولها موضوع تأليف الحكومة:
الاول: تشكيل الحكومة وفق الصيغة المتفق عليها اي 15 ـ 10 ـ 5 واذا تعذر ذلك الانتقال الى حكومة الاقطاب.
الثاني: الاستمرار في المراوحة وعمليات تقطيع الوقت وملء هذا الوقت الضائع بلقاءات من هنا ومشاورات واتصالات داخلية وخارجية من هناك.
الثالث: اعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة وعودة الرئيس فؤاد السنيورة الذي لم يغادر اصلا بعد ولازال حاضرا (بقده وقديده).
الرابع: انسحاب المعارضة من السباق الى الدخول للحكومة والانكفاء الى موقعها في المعارضة البحتة وترك الاكثرية تحكم.
الخامس: الاستجابة لدعوات بعض الاكثريين لجهة تأليف حكومة من الاكثرية.
وأبدى المصدر «خشية مقرونة بمعطيات من اتجاه لدفع الحريري للاعتذار وتولي السنيورة زمام الامور حكوميا من جديد لأن هناك دولا اقليمية اقنعت قوى دولية بهذا الخيار لأن المرحلة حسب تقديراتها تقتضي ذلك».
غير ان المصدر لفت الى ان الحريري الذي يعتبر ترؤسه للحكومة ضرورة وطنية يمتلك من القدرة وشجاعة القرار للحفاظ على الروح الميثاقية في الحكم وفق شراكة وطنية هي مصدر قوة للجميع بلا استثناء.