بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
لم يباغت الرئيس المكلف سعد الحريري قادة المعارضة بتقديمه لائحة حكومته الى الرئيس ميشال سليمان بعد ظهر الاثنين الماضي في وقت كان وضع فيه اركان الاكثرية الذين التقاهم فرادى يوم الاحد الماضي باجواء ما ينوي فعله، بعدما كاد يتحول من رئيس مكلف الى رئيس مكبل بحسب مصادر الاكثرية.
وجاء طرح التشكيلة الحكومية قبل اسبوعين من سفر الرئيس سليمان الى الامم المتحدة بمنزلة منح الرئيس الفرصة الملائمة لدراسة التشكيلة والموافقة عليها او رفضها واطلاق مشاورات جديدة مع المعارضة خصوصا.
وقد اعتمد الحريري في تشكيلته مجموعة معايير شرحها في المشاورات وكررها في كلماته شبه اليومية بالافطارات الرمضانية، ومن ابرزها اطلاعه على صلاحياته الدستورية كرئيس وزراء مكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية وراعى احترام «نتائج الانتخابات النيابية التي انتجت اكثرية واقلية» وعدم توزير راسبين، بالاضافة الى التزامه بالصيغة التوافقية 15 ـ 10 ـ 5 والى اعتماد المداورة في حقائب باستثناء حقيبة الصحة والحقائب السيادية الاربع.
معايير ترفضها المعارضة
على ان هذه المعايير لم تؤخذ باعتبار المعارضة، خصوصا تكتل الاصلاح والتغيير الذي تجاوزت التشكيلة معظم شروطه وطلباته، فلم توزر جبران باسيل ولم تترك له وزارة الاتصالات ولم تعطه وزارة سيادية ولا اعطته اربعة وزراء موارنة، فكان ان حصل ما كان في الحسبان، فقد اعلن العماد ميشال عون رفضه لهذه التشكيلة، وتلاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اول من امس، ومن ثم بقية المعارضين الذين الزموا انفسهم بموقف العماد عون سلفا.
وقد تبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من وفد المعارضة الذي ضم المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل وممثل العماد ميشال عون الوزير جبران باسيل رفض المعارضة التشكيلة الحكومية التي اعلنها الرئيس المكلف سعد الحريري.
وعقد اللقاء في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين، وكان لقاء مطولا سادته المصارحة تم خلاله ابلاغ رئيس الجمهورية الموقف الرسمي للمعارضة من خطوة الرئيس المكلف الذي قام بتقديم تشكيلة حكومية أول من امس وكان موقفها الرفض الواضح للتشكيلة المقترحة.
وتحدث الوزير باسيل بعد اللقاء فقال: اضافة الى هذا الرفض والاستنكار لما حدث، فإن المعارضة منفتحة وايجابية، وهي تعتمد الحوار وفي الوقت نفسه ليس لقطع الطريق على اي نقاش في البلد، واللافت قوله: ان رئيس الجمهورية سيضطلع بدور اساسي ومهم في البلد بالمرحلة المقبلة، واكد ان الجميع مسؤول عن وحدة البلد.
وقال النائب علي حسن خليل ان: موقف رئيس الجمهورية في الايام المقبلة سيكون موقفا ايجابيا.
الحريري يتوقع تكليفاً آخر
بدوره، لخص الحريري امس مضمون خطوته بالقول انه مارس حقه الدستوري وترك لرئيس الجمهورية ممارسة هذا الحق، وان للمعارضة الحق بالقبول او الرفض، الا انه اشار في خطبة افطار رمضاني مساء الاثنين الماضي، اي بعد تقديمه التشكيلة «لفخامة رئيس الجمهورية الذي نحترم شخصه وحكمته وموقعه» الى امكانية «تكليف آخر» في حال تعذر القبول بالتشكيلة مع التركيز اللافت على موضوع المحكمة الدولية. واضاف الحريري: ما اريد قوله انني بكل ضمير مرتاح حاورت الجميع بكل صدق ومنطق لكي نستطيع تشكيل هذه الحكومة، وانتظرت كما طلب مني فخامة الرئيس حتى غد او حتى الوقت الذي يريده لكي يبلغني ما اذا كان سيوقع المرسوم ام لا، واريد ان اقول ان في هذا البلد هناك اكثرية واحدة ولا توجد اكثريتان، وهناك اقلية واحدة، وهناك فخامة الرئيس، الذي نحترمه وخاصة مكانة الرئاسة وشخص رئيس الجمهورية وحكمته، وقد قمت بما يمليه عليّ الواجب لتشكيل الحكومة.
الحريري والاعتذار
لكن ماذا لو لم يوقع الرئيس سليمان التشكيلة الحريرية بحالتها الحاضرة حفاظا على سيرته التوافقية او تحفظا على الملابسات اللادستورية التي رافقت تسليمها اليه؟
الرئيس المكلف سعد الحريري اجاب على هذا السؤال في خطابه الافطاري الاخير بقوله: ان تشكلت الحكومة او عدنا الى مكان آخر او تكليف آخر، ما يعني اما الاعتذار والذهاب الى مكان آخر او اعادة التكليف مجددا باعتبار ان الاكثرية النيابية لن ترشح سواه. المعارضة التي بادرت سريعا الى رفض التشكيلة بدءا من العماد ميشال عون الموجود في الخارج مرورا بكتلته وصولا الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وختاما بالاجتماع الموسع لممثلي المعارضة، وصفت خطوة الرئيس المكلف بـ «الدعسة الناقصة»، لا بل ان النائب سليمان فرنجية الذي سمت التشكيلة المستشارة الاعلامية لتنظيمه السياسي «المردة» ڤيرا يمين وزيرة وصف الخطوة بالـ «لا أخلاقية».
هل تتحول إلى مسودة للنقاش؟
ويأمل قريبون من رئاسة الجمهورية تحويل التشكيلة الحكومية التي سلمها الحريري الى الرئيس سليمان الى مسودة تشكيلة حكومية قابلة للمفاوضة مع المعارضة لتغيير وزارة او تبديل اسم.
وذكرت مصادر المعارضة ان جنبلاط تواصل مع الرئيس نبيه بري بهذا الخصوص، وانه ربما يكون اوفد الوزير غازي العريضي الى الرياض لهذه الغاية.
غير ان هذه المصادر لم تأبه كثيرا لهذا العرض ليقينها بان حلفاء جنبلاط يرفضون قطعا ابقاء وزارة الاتصالات مع التيار العوني.