بيروت ـ عمر حبنجر
يستكمل الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم ما بدأه بالامس من مشاورات نيابية لتسمية رئيس لتكليفه بتشكيل الحكومة، وبالطبع لن يكون من مرشح سوى الرئيس المكلف المعتذر سعد الحريري الذي رفع من حدة خطابه السياسي منذ اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة بموجب تكليفه الاول مفاجئا بشروطه الاستباقية اصحاب الشروط المعطلة لتأليف الحكومة في صفوف المعارضة.
وبدا واضحا منذ الجولة الاولى من الاستشارات ان الاكثرية (71 نائبا) مع اعادة تكليف الحريري بينما المعارضة ثلاثة اتجاهات: كتلة العماد ميشال عون على تحفظه مع شحنة تصعيدية تمثلت بحديثه عن الفوضى، وكتلة حزب الله مع عدم التسمية كما في الاستشارات السابقة، بينما قررت كتلة الرئيس نبيه بري التريث في التسمية، بانتظار توضيح الحريري لحقيقة موقفه من صيغة 15 ـ 10 ـ 5 او ما يعرف بحكومة الشراكة.
سلام صامت!
وبالفعل، مع بدء الاستشارات عند الحادية عشرة صباحا، كان الموقف اللافت لكتلة الرئيس نبيه بري الذي التقى النائب سعد الحريري على مدخل القصر الجمهوري، فتصافحا دون كلام وتابع كل منهما طريقه، بري خارجا من القصر والحريري داخلا اليه.
وقد تحدث باسم الكتلة النائب علي حسن خليل الذي قال ان الكتلة لم تسم احدا لتشكيل الحكومة، وبرر ذلك برغبة الرئيس المكلف الذي عرض التعاون بعد التكليف بكل الامكانيات وايضا مع رئيس الجمهورية ودائما على اساس قيام حكومة وحدة وطنية على قاعدة 15 ـ 10 ـ 5.
واضاف خليل: الحريري قال «هم يريدونني ان اقول ما صيغة الحكومة وطبيعة هذه الحكومة منذ الآن، حين اكلف وابدأ بالتفاوض نرى مدى تعاون سائر الاطراف في تشكيل الحكومة»، لذلك نحن في كتلة التنمية والتحرير لم نسم احدا.
كتلة المستقبل سمت الحريري
بعدئذ استقبل الرئيس سليمان كتلة المستقبل برئاسة سعد الحريري، وقد تحدث باسمها النائب هادي حبيش الذي اعلن ان الكتلة سمت النائب سعد الحريري لتشكيل الحكومة.
رئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة لم يشارك في مشاورات الامس بسبب وجوده في المملكة العربية السعودية لاداء مناسك العمرة، وكان زار قصر بعبدا يوم الاحد وامل من الرئيس سليمان تأجيل موعده في الاستشارات الى اليوم، مجددا ترشيحه الحريري لتشكيل الحكومة، داعيا الجميع الى الالتزام بالدستور والابتعاد عن توتير الاجواء والعناد.
ميقاتي والحريري
بدوره، اعلن الرئيس نجيب ميقاتي تسميته الحريري لرئاسة الحكومة على امل الاسراع بتشكيل هذه الحكومة آملا بالتغيير الايجابي.
العماد ميشال عون وبعد لقائه الرئيس سليمان على رأس كتلة الاصلاح والتغيير، قال: اذا كان الجميع يريد الحوار فعليه الالتزام بلغة الحوار، واظن ان من لا يريد الحوار يمشي في طريق خطر.
عون وباسيل على مائدة سليمان
الرئيس سليمان وفي مبادرة لافتة، استبقى العماد عون لتناول الغداء على مائدته بمشاركة الوزير جبران باسيل الذي يعد العقدة المحلية لتشكيل الحكومة، وارجأ المشاورات الى الثالثة من بعد الظهر بعد زيارة خاطفة قامت بها السفيرة الاميركية ميشال سيسون الى بعبدا ارتبطت كما بدا لاحقا بزيارة الموفد الاميركي جورج ميتشل الى لبنان اليوم.
نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سمى سعد الحريري لرئاسة الحكومة، آملا الا يتكرر سيناريو المماطلة نفسه هذه المرة، واذا حصل وتكرر فالمطلوب عدم ترك البلاد رهينة لمن رهنوا مواقفهم وسياساتهم عن وعي او عن عدم ادراك للقوى الاقليمية.
حزب الله لم يسم
لكن كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) برئاسة النائب محمد رعد لم تسم احدا لرئاسة الحكومة كالعادة، انما جدد رعد جهوزية كتلته للتعاون على قاعدة تشكيل حكومة وحدة وطنية.
الى ذلك، ساد الحذر الشديد اجواء القصر الجمهوري بعد انضمام رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلته النيابية الى صفوف الممتنعين عن التسمية.
الامور كانت تسير بحذر منذ بدء المشاورات وبدا ذلك من تثاقل النواب في الحضور الى القصر الجمهوري، اذ بعضهم وصل وكان اللقاء قد بدأ مع رئيس الجمهورية امثال النائبين نهاد المشنوق وياسين جابر وظلت التوقعات على حالها لحين خروج كتلة الرئيس بري واعلان النائب علي حسن خليل عدم تسمية احد في سياق بيان مكتوب كناية عن رد على الرئيس الحريري، حينها ساد جو من التوتر دفع برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى استدراك الموقف لاسيما بعدما ابلغ باللقاء الفاتر جدا عند مدخل القصر بين بري والحريري وتصافحا على «الماشي» دون الوقوف ولو لثوان كما اتبع هذا الموقف بمخاطبة النائب علي حسن خليل من كتلة بري للرئيس الحريري بالقول «الله معك دولة الرئيس»، ولم يجبه الحريري بأي كلمة.
اتصالات عاجلة
هذه الاجواء استدعت اتصالات عاجلة من قبل دوائر القصر الجمهوري بالكتل التي لم تحضر بعد وابلغت بتأجيل الموعد الى الثالثة بعد الظهر حيث كانت الساعة قاربت الواحدة، ليفاجأ الصحافيون بالرئيس سليمان يخرج من مكتبه مصطحبا العماد عون والوزير جبران باسيل الى جناحه في القصر، حيث استضافهما على مائدة الغداء لتبريد الاجواء، خصوصا ان عون اعلن بعد لقاء كتلته مع سليمان اننا مختلفون جدا مع الاكثرية.
كما تم ارجاء موعد كتلة النائب جنبلاط الى الساعة الرابعة وهو الموعد الاخير من اليوم الاول للاستشارات حتى يأخذ جنبلاط وقته في الحديث مع رئيس الجمهورية في محاولة لابتداع الحلول.
لقاءات ليلية
وعلم ان حركة اتصالات ولقاءات ليلية قادها النائب جنبلاط من اجل توضيح الصورة قبل الاستشارات، لاسيما على خط قريطم ـ عين التينة، لكنها لم تفلح لأن بري منزعج جدا من رد الحريري على بيان كتلته ومنزعج من كلام الحريري في الافطار الذي اعتبر تهديدا لمن لا يسميه في الاستشارات، لكن هذه الاتصالات فشلت من دون ان توصد الابواب.
وقال مصدر مواكب ان ما يحصل على صعيد الاستشارات يؤشر الى مدى التأزم الاقليمي، لاسيما السوري ـ السعودي فيما يخص الملف اللبناني، لأن بري ما كان ليقدم على عدم التسمية وهو الحريص على حساب خطواته، لاسيما فيما يخص الاطار الاسلامي، لولا وصول الامور الى نقطة متقدمة من الخلاف العربي.
واضاف المصدر: الا ان ذلك لا يعني ان بري اقفل الابواب لأنه ممن يرددون دائما المقولة الشهيرة «اشتدي يا ازمة تنفرجي».