برز أمس الأول ترحيب فرنسي (الناطق باسم الخارجية) بتكليف الحريري مجددا تأليف الحكومة، مقرونا بدعوة وتمن لتشكيل الحكومة في القريب العاجل. ويشير مصدر مطلع إلى أن القيادة الفرنسية تدرس جديا، موضوع زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فييون، بيروت للمشاركة في إطلاق دورة الألعاب الفرنكوفونية التي ستجرى انشطتها في لبنان بين 27 سبتمبر و6 أكتوبر، بهدف اظهار مدى اهتمام باريس بالوضع اللبناني. لكن في الوقت نفسه يعود ويؤكد عدم وجود نية فرنسية أو مجرد تفكير في طرح مبادرة فرنسية للأزمة، مع العلم بأن الملف اللبناني في باريس يقع في يد الأمين العام لقصر الرئاسة الفرنسية، كلود غيان، والمستشار الديبلوماسي للرئيس الفرنسي، جان دافيد ليفيد. ويؤكد المتحدث أن الفرنسيين يدركون تماما أن مشكلة تأخير تأليف الحكومة ليست «نتيجة خلاف على توزير فلان أو صراع على حقيبة ما». ويقول إن أسياد قصر الصنوبر يؤكدون خلال نقاشاتهم الداخلية والخارجية أنه ليس من مصلحة أحد التعطيل، «سواء أكان الرئيس المكلف أم قوى المعارضة وعلى رأسها حزب الله». فيشيرون، بحسب المصدر نفسه، إلى أن النائب سعد الحريري يضعف أكثر فأكثر كلما تأخر التأليف، وأن حزب الله يكون غير آمن سياسيا ما دامت حكومة الوحدة الوطنية مؤجلة. وتلتزم باريس موقفا حذرا ازاء الموضوع الحكومي اللبناني، وذلك لسببين: الأول، تريد فرنسا تحاشي اتهامها بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية.
والثاني، لا ترغب في ان يكون موضوع التغلب على مشكلة الحكومة الجديدة المستعصية بابا لإضعاف المؤسسات اللبنانية واظهار لبنان كجهة عاجزة عن معالجة مشكلاتها بنفسها، أو انها بحاجة الى وصاية دائمة من أي جهة أتت. ولذا، فإن باريس «غير متحمسة» لأي طرح من شأنه تظهير هذه الصورة، مثل الدعوة الى مؤتمر الدوحة 2 أو غيره. وترى مصادر فرنسية ان امتناع المبعوث الرئاسي الاميركي جورج ميتشيل عن زيارة دمشق في جولته الأخيرة في المنطقة يعكس حالة «الجفاء» بين واشنطن ودمشق وتؤكد باريس ان مصدر الخلاف هو الملف اللبناني. وتختلف القراءة الاميركية عن القراءة الفرنسية للتطورات السياسية في لبنان، كما تختلف حالة العلاقات الثنائية مع دمشق، فالعلاقات الفرنسية - السورية مستمرة في التطور وتنتظر زيارة مسؤول سوري رفيع المستوى الى باريس في نهاية الشهر الجاري. وتبدو فرنسا عازمة على السير في نهج التقارب مع دمشق. وفيما تركز المصادر الفرنسية على العامل الايراني كعامل تعطيلي في لبنان، فإنها «تبرئ» بشكل ما ساحة دمشق من اتهامات التعطيل. وتلخص باريس الأهداف السورية في لبنان في الوقت الحاضر باثنين: الاستمرار في التوازنات القائمة حاليا في لبنان، حيث عمليا لا يستطيع فريق ان يفرض هيمنته على الفريق الآخر، وخصوصا على فريق المعارضة، والثاني اظهار ان اللبنانيين والمجتمع الدولي «يحتاج لدور سوري في لبنان».