بيروت ـ عمر حبنجر
الطقس الطبيعي استعاد رونقه الصيفي في لبنان، لكن المناخ السياسي لايزال ملبدا بالغيوم الحاجبة لرؤية المستقبل الحكومي، الذي سيكون محل تشاور الرئيس المكلف سعد الحريري مع النواب في جولة جديدة تبدأ اليوم الخميس.
ويبدو من الاطلالات السياسية المسجلة، حتى عشية هذه المشاورات، اجماع القوى المتعارضة على التهدئة السياسية، وتاليا على مخاطر الانفلات الأمني، ورغم استمرا التجاذب حول منطلق هذه المشاورات من الصفر، كما تريد الأكثرية، أو من حيث انتهت المشاورات السابقة، أي من صيغة 15 وزيرا للأكثرية وعشرة للمعارضة وخمسة لرئيس الجمهورية كما تريد المعارضة، من حكومة إجماع ميثاقية كما تقول الموالاة أو حكومة وحدة وطنية كما تقول المعارضة، فإن هذه القوى مسلّمة ومقتنعة بأن المشكلة الحكومية التي تحاول معالجتها، ليست هنا، بل في الخارج، بين القوى الإقليمية غير المتصالحة، والقوى الدولية الداعمة لكل منها.
النوايا الحقيقية
بدوره العماد ميشال عون رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، استبق بدء المشاورات بإعلان مسؤولية الرئيس المكلف سعد الحريري، تقضي بالعثور على مخرج من الأزمة، وان يقدم تصورا للخروج من النفق، وقال ردا على سؤال أمس: انه هو الرئيس المكلف وليس أنا، وانه، أي عون، سينتظر الى حين الاطلاع على نمط مقاربته للأمور في أعقاب التكليف الثاني وبعدئذ أدلي بدلوي.
وقال عون لصحيفة «السفير» انه لا يعرف النوايا الحقيقية للحريري وكيف سيتعامل مع ملف تشكيل الحكومة، لافتا الانتباه الى ان هناك آراء كثيرة حول سقوط صيغة 15 – 10 – 5، والتخلي عن حكومة الوحدة الوطنية، بحيث بات كل واحد يغني على ليلاه، لذلك فإن المطلوب من سعد الحريري ان يتكلم ويحدد كيف سيتصرف، لنحدد بدورنا كيف سنتعاطى معه.
أما صحيفة «الأخبار» الناطقة بلسان المعارضة نقلت عن الرئيس المكلف سعد الحريري قوله انه غير مستعجل لتأليف الحكومة، وانه إذا كانت المعارضة تتوقع من خلال شروطها 73 يوما آخر لتأليف الحكومة، فأنا حاضر كذلك حتى لو استغرق التأليف سنة كاملة.
تناغم بري وجنبلاط
الجديد اللافت على صعيد الحراك الداخلي تمثل بالتناغم العميق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، والذي تكرس بلقاء كتلة التحرير والتنمية النيابية التي يرأسها بري مع اللقاء النيابي برئاسة جنبلاط وفي منزله في كليمنصو أمس الأول وعشية بدء المشاورات النيابية.
في هذه الأثناء أكد النائب وليد جنبـــلاط تمسكه بمبدأ حكومة الوحدة الوطنية وعلى أساس صيغة 15 – 10 – 5 موضحـــا أن لديه بعض الأفكار التي سيطــرحها على الرئيس المكلف في الوقت المناسب.
لجنة متابعة مشتركة
وردا على سؤال قال جنبلاط ان الموضوع الحكومي لم يعد موضوعا داخليا، ومن يعتقد ذلك يكون مخطئا، واعتبر ان تشكيل الحكومة سريعا هو لمصلحة كل القوى وفي مقدمها حزب الله، خاصة بعدما زال ما تبقى من أوهام حول حل لأزمة الشرق الأوسط في ضوء تعثر اجتماعات واشنطن. المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل، قال عن اللقاء مع جنبلاط ونواب كتلته انه تم خلال الاجتماع تشكيل لجنة برلمانية مشتركة بين كتلة التحرير والتنمية وبين اللقاء الديموقراطي، ستتولى صياغة ورقة عمل مشتركة بالعناوين الاقتصادية والمالية والمعيشية. واضاف: نحن ووليد بيك على تنسيق مستمر، وقد كان له موقف استثنائي ومهم جدا، وايجابي في حركة المشاورات التي حصلت قبل اعتذار الرئيس المكلف. وقال ان قلق الفتنة الداخلية الذي يعبر عنه جنبلاط دائما نراه نحن ايضا، لهذا فنحن نؤكد على الاستقرار.
واضاف ان كتلة التنمية والتحرير ستستهل مهمة الرئيس المكلف (رغم انها لم تسمه) قدر الامكان، ونحن نعرف ان الوضع الاقتصادي بات يتطلب حلولا سريعة. وتحدث عن نقطة اساسية تتمثل في اعداد اوراق عمل مشتركة على الصعد الاقتصادية والمالية تكون بمنزلة ملفات عمل للمرحلة المقبلة، وسنكون في موقع نضالي واحد في سبيل مصالح الناس.
وردا على سؤال حول ما اذا كان هذا يمهد لاعلان كتلة وسطية من الكتلتين، قال خليل: نحن نلتقي دون الاعلان عن تحالفات جديدة، فنحن على خط واحد يدفع باتجاه حلحلة كل العقد.
من جهته، اصدر رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة بيانا دحض فيه معلومات وردت في مقالة بجريدة «البناء» الناطقة بلسان الحزب السوري القومي الاجتماعي تحت عنوان «السنيورة: التوطين ونزع السلاح والصلح امر واقع لا محالة»، وهي من نسج خيال الكاتب وليس لها اي اساس من الصحة.
السنيورة في جدة
وكان الرئيس فواد السنيورة توجه صباح امس الى جدة ترافقه وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري للمشاركة في افتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بحضور عدد من الزعماء العرب والاجانب.
ويحضر عن الجانب اللبناني الى جانب السنيورة وبهية الحريري الرئيس المكلف سعد الحريري.
وكان يفترض مشاركة الرئيس ميشال سليمان في هذا الحفل العربي والدولي الا ان مواعيده في نيويورك حالت دون ذلك.
الوزير الكتائبي ايلي ماروني اعرب امس عن خشيته من ان يؤدي الوضع السياسي المتأزم الى تفجير امني في الشارع، مشددا على ضرورة ان يساعد جميع الفرقاء السياسيين رئيس الحكومة المكلف من اجل تشكيل الحكومة لأننا وصلنا الى وضع خطير سياسيا واقتصاديا.
وردا على تلويح العماد ميشال عون بالعودة الى المطالبة بالنسبية في اختيار وزراء الكتل، قال: نحـــن لم نخض الانتخابات على اساس النسبية ليطالب عون بحقائب على اساس حصته النيـــابية، مشيرا الى انه ليس هناك اي بلد تشارك فيه الاقلية بالحكـــومة وتفرض شروطها على الاكثرية.